أصدرت الدائرة المدنية والتجارية بمحكمة النقض، حكماَ فريداَ من ونعه، أرست فيه مبدأ قضائياَ فى غاية الأهمية نص على: "حجية الرسائل الإليكترونية مشروطه بتحديد وقت وتاريخ الرسائل وأن يكون متاح فنياً التأكد من مصدرها، وعدا ذلك لا حجية لتلك الرسائل"، وهو على غير المتعارف عليه بأن الرسائل الالكترونية لا يجوز جحدها قانوناَ ولا يجوز طلب تقديم أصولها، ويُطعن عليها بادعاء تزويرها فقط.
صدر الحكم فى الطعن المقيد برقم 17051 لسنة 87 القضائية، برئاسة المستشار الدكتور حسن البدراوى، وعضوية المستشارين سمير حسن، وعبدالله لملوم، وصلاح الدين كامل سعدالله، وإسماعيل برهان، وبحضور رئيس النيابة محمد صفوان، وأمانة سر خالد حسن حوا.
فى يوم 10 نوفمبر طعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 17 سبتمبر 2017 فى الاستئناف، وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن بصفته قبول الطعن شكلاَ وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وفى 10 ديسمبر أعلن المطعون بصفته بصحيفة الطعن، ثم أودعت النيابة العامة مذكرة أيدت فيها الرأى بقبول الطعن شكلاَ، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وبجلسة 14 فبراير 2019 عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة 14 مارس 2019 وبها سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامى الطاعن بصفته على ما جاء بصحيفة الطعن، وطلب محامى المطعون ضده بصفته رفض الطعن وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم لجلسة اليوم.
رسائل الكترونية
الوقائع
تتحصل الوقائع – وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – فى أن المطعون ضده بصفته أقام الدعوى رقم 37 لسنة 2014 تجارى حلوان ضد الشركة الطاعنة بطلب الحكم أولاَ: بإلزام الطاعن بشخصه وصفته بأن يؤدى للمطعون ضده بصفته مبلغ 3,9897,88 جنية إجمالي قيمة المديونية المستحقة عليه والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد، ثانياَ: إلزام الطاعن بشخصه وصفته بأن يؤدى للمطعون ضده بصفته مبلغ 500 ألف جنيه تعويضاَ عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به.
عقود توريد بين الطرفين من خلال الرسائل الالكترونية
وذلك على سند من أن المطعون ضده بصفته بموجب عقود توريد بين الطرفين اتفقا على قيامه بتوريد أجهزة راديو وكاست وكاملات وفريمات بلاستيك للطاعن، على أن يقوم المطعون ضده بصفته بإصدار الفواتير الخاصة بالأجهزة الموردة خلال الشهر فى اليوم الأخير منه، على أن تستحق هذه الفواتير يوم عشرين من الشهر التالى لشهر التوريد بموجب فاتورة إجمالية بما تم توريده واستلامه بموجب أذون استلام موقع عليها من الموظف المختص بالاستلام لدى الطاعن، وقد تقاعس الطاعن عن السداد، مما حد به إلى إقامة دعواه.
وبتاريخ 27 ديسمبر 2014 حكمت المحكمة برفض الدعوى بحالتها، استأنف المطعون ضده بصفته هذا الحكم، وندبت المحكمة خبيراَ فى الدعوى وبعد أن أودع تقريره، قضت بتاريخ 17 سبتمبر 2017 بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء، أولاَ: بعدم قبول الدعوى المستأنف حكمها لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة لشخص الممثل القانونى للشركة الطاعنة، ثانياَ: بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدى للمطعون ضده بصفته مبلغ 3,9897,88 جنية وفوائد قانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية بتاريخ 5 يونيو 2014 وحتى تمام السداد، وبرفضه وتأييده فيما عدا ذلك، طعن الطاعن بصفته فى الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
محررات الكترونية
ومما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيها مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، وفى بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بجحد الصور الضوئية للرسائل الواردة بواسطة البريد الالكترونى المقدمة من المدعون ضده بصفته وأنه لم يناقش مضمون تلك الرسائل الالكترونية المجحودة، ولم يثبت المطعون ضده صحتها، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلزامه بالمبالغ المقضى بها لأسباب اقتصرت على الدليل المستمد من تلك الرسائل الالكترونية المجحودة بمقولة أن الطاعن تناول موضوعها، فإنه يكون معيباَ بما يستوجب نقضه.
قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية لم يعرض بالتنظيم لحجية المراسلات
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت أن هذا النعى فى محله، ذلك أنه ولئن كان قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية لم يعرض بالتنظيم لحجية المراسلات التى تتم بين أطرافها عن طريق وسائل الاتصال الحديثة ومنها "الرسائل الالكترونية الواردة بالبريد الالكتروني"، إلا أن القانون رقم 15 لسنة 2004 بتنظيم التوقيع الإلكتروني فى الفقرة "باء" من مادته الأولى عرف المحرر الإلكتروني بأنه رسالة بيانات تتضمن معلومات تنشأ أو تدمج أو تخزن أو ترس أو تستقبل كلياَ أو جزئياَ بوسيلة إلكترونية أو ضوئية أو بأية وسيلة أخرى مشابهة، ونظم حجية تلك الرسائل بنص المادة 15 منه الذى يجرى بأن: "للكتابة الالكترونية وللمحررات الالكترونية فى نطاق المعاملات المدنية والتجارية والإدراية ذات الحجية المقررة للكتابة المحررات الرسمية والعرفية فى أحكام قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية، متى استوفت الشروط المنصوص عليها فى القانون وفقاَ للضوابط الفنية والتقنية التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون".
لن يعتد بالمحررات الالكترونية إلا بشروط
ومؤدى ذلك أنه لن يعتد بالمحررات الالكترونية إلا إذا استوفت الشروط المنصوص عليها فى قانون تنظيم التوقيع الالكتروني واللائحة التنفيذية الصادرة بقرار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات رقم 109 لسنة 2005، وقد نصت المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم التوقيع الالكتروني على: "مع عدم الإخلال بالشروط المنصوص عليها فى القانون، تتحقق حجية الاثبات المقررة للكتابة الالكترونية الرسمية أو العرفية لمنشئها إذا توافرت الضوابط الفنية والتقنية: "أ" أن يكون متاحاَ فنياَ تحديد وقت وتاريخ إنشاء الكتابة الإلكترونية أو المحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية..."ب" أن يكون متاحاَ فنياَ تحديد مصدر إنشاء الكتابة الإلكترونية أو المحررات الالكترونية الرسمية أو العرفية ودرجة سيطرة منشئها على هذا المصدر.."ج" ..فإن حجيتها تكون متحققة متى أمكن التحقق من وقت وتاريخ إنشائها ومن عدم العبث بهذه الكتابة أو تلك المحررات".
تحديد تاريخ ووقت الرسائل وأن يكون متاح فنياً التأكد من مصدرها
وتُضيف "المحكمة" – وعلى ذلك فإنه يتعين الاستهداء بتلك المواد فى شأن المرسلات التى تتم بين أطرافها عن طريق البريد الإلكترونى، فلا يكون لهذه المرسلات عند جحدها إلا بمقدار توافر الشروط المنصوص عليها فى قانون تنظيم التوقيع الالكتروني، فإن لم يتم التحقق من توافر تلك الشروط فا يعتد بها، فالرسالة المرسلة عن طريق البريد الالكتروني تعتبر صحيحة إذا توافرت فيها الشروط الواردة بقانون تنظيم التوقيع الإلكتروني ولائحته التنفيذية – على نحو ما سلف بيانه – وإذ كان ما ما تقدم – وكان المقرر أنه لا حجية لصورة الأوراق العرفية ولا قيمة لها فى الإثبات ما لم يقبلها خصم تمسك بها صراحة أو ضمناَ، وأن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى قناعتها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التى تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر، كما فى حالة عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها فى حكمها بناء على تلك العناصر التى تثبت لديها.