فرض فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، قيوده على كل جوانب الحياة التى تخضع لحالة إغلاق وعزله تامة كإجراء وقائى للحد من تفشى الفيروس التاجى، حيث أصبح كل شىء ثابت فى مكانه ليبقى الوضع على ما هو عليه، خاصة لهؤلاء الأشخاص الموجودين فى مدن أخرى غير مدنهم، خاصة مع وقف التنقلات بين المدن وبعضها فى كثير من البلدان، وذلك ضمن خطط مواجهة المرض القاتل.
لذا يكافح الناس فى جميع أنحاء العالم للتكيف مع نمط الحياة الجديد والعمل من المنزل إذا استطاعوا، بينما يكونوا غالبًا فى حضور دائم بجانب أفراد أسرهم فى المنزل، وذلك بسبب العزل المنزلى المفروض فى ظل حالة الإغلاق لمواجهة فيروس كورونا المستجد.
كورونا يحبس مغامر فى كوخ بجزيرة إسكتلندية
ومن بين التجارب المرتبطة بالإغلاق، وجد المغامر كريستيان لويس نفسه بعيداً عن المنزل، بعد قضاء نحو 3 أعوام وسط مسار يمتد لـ8 آلاف و700 ميل، وحينها فجأة توقف العالم بسبب جائحة فيروس كورونا، وسرعان ما تعطلت مساعى لويس للسير لجمع الأموال للأعمال الخيرية بمجرد ظهور الوباء.
وفى صيف عام 2017، انطلق لويس من سوانزى فى جنوب ويلز، وكان لم يتبق فى جيبه سوى 12 دولاراً، ووصل لويس إلى جزر شتلاند الإسكتلندية النائية فى مارس فى الوقت الذى خضعت فيه المملكة المتحدة إلى الإغلاق، وذلك وفقًا لما نقلته شبكة "CNN" الإخبارية.
ومع عدم وجود مأوى ليلجأ إليه، سوى خيمةٍ لتحميه فى إحدى أكثر المناطق الشمالية التى تعصف بها الرياح فى البلاد، كاد أن يكون لويس فى ورطة، لكن بفضل عطف الغرباء، وجد لويس نفسه فى واحدة من أفضل الأماكن على كوكب الأرض بعيداً عن أزمة كورونا، وذلك حينما استقر فى كوخ على جزيرة صغيرة.
ومن جزيرة "Hildasay"، قال لويس لـCNN ، إنه "أمر رائع، لا يمكننى أن أكون فى مكان أفضل خلال فترة إغلاق"، وأضاف أنه لا يوجد هنا سوى عدد قليل من الأغنام ومجموعة من الطيور.
وتبلغ مساحة "Hildasay" أقل من نصف ميل مربع، وهى غير مأهولة إلى حد كبير منذ أواخر القرن التاسع عشر، ويحصل لويس على المياه من قبل صياد محلى يدعى فيكتور، بينما يعتمد على محصول العلف من أجل الغذاء، ومن حين لآخر يقوم لويس برحلة بالقارب إلى جزيرة مينلاند، الجزيرة الرئيسية فى أرخبيل شتلاند، للحصول على إمدادات أخرى.
وبدأ لويس رحلته فى الأول من أغسطس عام 2017 على شاطئ "Llangennith"، سوانسى، قبل أن يتجه إلى الساحل الغربى باتجاه اسكتلندا، ثم قام بجولة قصيرة إلى أيرلندا الشمالية لإعادة رسالة فى زجاجة ألقيت فى البحر الأيرلندى قبل عقدين، والتى جرفها المد على طول الساحل الاسكتلندى، وقبل العودة إلى اسكتلندا، قرّر لويس السير على ساحل أيرلندا الشمالية الذى يضم أرخبيل شتلاند فى عمق شمال الأطلسى.
وكان لويس على وشك الإنتهاء من جزر شتلاند، التى تضم 300 جزيرة، ومنها 16 جزيرة مأهولة فقط، عندما علم أنه لا يستطيع الذهاب إلى أبعد من ذلك بسبب القيود المفروضة للحد من انتشار فيروس كورونا، وبينما تمكن لويس من تجنب التقارير الإخبارية حول الوباء العالمى خلال رحلاته، فقد تعرف على أجزاء مختلفة من المعلومات من أشخاص قابلهم فى طريقه.
وأوضح لويس أنه "كان عليه اتخاذ القرار، إذ لم يكن يستطيع العودة إلى المنزل"، لذا، بمساعدة بعض الأشخاص من سكان شتلاند الذين أقرضوه قارباً، جاء لويس إلى الجزيرة وبدأ يعيش من خيرات الأرض، ورغم أنه كان فى الأصل يقيم فى خيمة، إلا أن لويس حصل على مفاتيح منزل فارغ فى وقت لاحق بعدما علم أصحاب المنزل أنه يقيم فى خيمة على الجزيرة النائية.
ورغم أن المنزل لا يوجد به كهرباء أو غاز، إلا أنه يوفر ملجأ من الرياح، ولديه مدفأة جيدة، وقال لويس: "سنبقى هنا فى المستقبل القريب"، مشيراً إلى كلبته جيت، والتى أصبحت رفيقة دربه خلال الرحلة.
وبموجب القيود الحالية، لا يُسمح للأشخاص فى المملكة المتحدة بمغادرة منازلهم إلا لأسباب ضرورية، مثل التسوق للضروريات الأساسية، أو التعامل مع أى احتياجات طبية، أو تقديم الرعاية لأشخاص بحاجة إلى المساعدة.
وتنصح حكومة المملكة المتحدة أيضاً بالبقاء "على بعد مترين من أى شخص خارج أسرتك"، وهو أمر لا يحتاج لويس إلى القلق بشأنه أثناء ركوب القارب بعيداً عن أى شكل من أشكال الاتصال البشرى.
كورونا يحبس ملكة جمال أمريكية سابقة وخطيبها فى مقطورة
كان الأمر مشابهًا أيضًا مع ملكة جمال أوهايو السابقة هيذر ديسانتيس، البالغة من العمر 31 عامًا، وخطيبها أوستن هولمز، البالغ من العمر 32 عامًا، اللذان قررا فى سبتمبر الماضى ترك نمط الحياة الطبيعى فى المنزل والانتقال للعيش داخل مقطورة مستعملة بطول 23 قدما، بهدف السفر إلى 48 ولاية من أجل العثور على مزرعة مساحتها 100 فدان فى مكان ما يستقران فيه قبل زفافهما فى ديسمبر.
لكن، الآن مع حظر السفر وإغلاق المتنزهات الحكومية والوطنية، واعتبار الحدائق والمخيمات أعمالًا غير ضرورية فى بعض الولايات، فإن رافعات الشاحنات - كما يعرف الناس الذين يختارون العيش والسفر فى عربات ومركبات ترفيهية ومقطورات - يكافحون للعثور على مكان آمن للإيواء، وقالت ديسانتيس "مع إغلاق جميع حدائق الدولة وحظر السفر الحالى، كانت رحلة مثيرة للغاية"، وذلك وفقًا لما نشره موقع "بيزنس إنسايدر" الأمريكى.
وتقيم هيذر ديسانتيس، وأوستن هولمز، حاليًا فى حديقة RV فى آشفيل بولاية نورث كارولينا، بعد أن اضطروا إلى حجز مكانهم لمدة شهر كامل من أجل السماح لهم بالبقاء هناك، ويقول الثنائى إنهما أمضيا عامًا ونصف فى مشاهدة كل برنامج تلفزيونى وفيديو على يوتيوب فى منازل صغيرة وحياة صغيرة، وأوضحا أنهما بينما يوازنان إيجابيات وسلبيات نمط الحياة، كانا يفكران فى الالتزام به قبل القيام بالقفزة.
وقبل ذلك، كانت "ديسانتيس" تبنى وكالة علاقات عامة افتراضية من شقتها الصغيرة التى تبلغ تكلفتها 1500 دولار شهريًا فى سان دييجو، فى ذلك الوقت، وكان هولمز قد خرج للتو من مهمة مدتها 7 سنوات فى البحرية، حيث كان فنى يتخلص من الذخائر المتفجرة.
وقالت ملكة الجمال السابقة، إن "معظم الناس يميلون إلى العيش حيث يوجد آباؤهم، أو حيث وظيفتهم تحتفظ بهم، لكنهم لا يريدون القيام بذلك، لكننا أردنا اختيار مكان جديد للاستقرار بناءً على تجربتنا المباشرة"، وأضافت "ما هى الضرائب، وما هى طبيعة الناس، وكيف تبدو الثقافة، هل هى مجتمع متنامى؟.. إننا نمتلك جدول بيانات ملىء بالبحث فى الأماكن.. حقًا، كان هدفنا السير على الطريق بدوام كامل فى المقطورة هو العثور على قطعة أرض مساحتها 100 فدان، لأننا نريد حقًا العودة إلى أساسيات التمكن حرفياً من إطعام أنفسنا وبناء منزلنا الخاص."
وفى المقطورة الصغيرة، يمتلك الثنائى الأمريكى، سرير كامل الحجم وحمام مع حوض استحمام ودش ومطبخ صغير مع ثلاجة صغيرة وموقد مسطح وميكروويف وطاولة طعام صغيرة، إضافة إلى مكتب دائم، وكان ديسانتيس وهولمز يسافران عبر البلاد، فى مكان جديد كل ثلاثة أيام تقريبًا، قبل أن يحتموا فى آشفيل وسط جائحة فيروس كورونا.
ونظرًا لأن لديهم ثلاجة صغيرة فقط، فإنهم يذهبون للتسوق مرتين فى الأسبوع، ولكن يحاولان أن يكونا ذكيان فى مشترياتهما لتقليل التكاليف، حيث أنهم يشترون المواد الغذائية الأساسية مثل الحليب والبيض، ويوفرون مساحة من خلال شراء لفائف بدلاً من أرغفة الخبز، ويخزنون الخضروات طويلة الأمد التى لا تحتاج إلى تبريدها، مثل البطاطا الحلوة.
كورونا يحبس "سيرك إيطالى" فى موقف سيارات
ومن ضحايا الإغلاق للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، يوجد سيرك إيطالى عالق فى موقف للسيارات لمدة شهرين، حيث كان من المفترض أن يؤدى سيرك الألفية عروضه على طول ساحل ليجوريا فى شمال إيطاليا، لكن الفيروس والإغلاق الوطنى للبلاد أوقفه فى مساراته، ليبقى السيرك فى مكانه هذا بلا حراك.
ومثل بقية البلاد، لا يمكنهم فعل الكثير سوى قتل الوقت، فى انتظار عودة الحياة لطبيعتها وفتح الطرق للسفر، وبينما كانت توجد الحيوانات الأربعين - الببغاوات والإوز والجاموس الضخم - و35 من فنانى السيرك والموظفين، فى موقف السيارات الشاسع لبضعة أيام، قبل التوجه إلى المنتجعات الساحلية، جاءت حالة الإغلاق بسبب كورونا، لتصبح الفرقة فى حالة توقف تام منذ 20 فبراير الماضى، وعليها الاعتماد على مساعدة الجمعيات المحلية ومحبى الحيوانات لإطعام وحوشها، وذلك وفقًا لما نقله موقع "فرانس 24".
ومن جهته، قال المدير الفنى للسيرك، ديريك كودا برين، لوكالة فرانس برس، "إن الحيوانات تأكل حوالى 200 كيلوجرام من الأعلاف يوميا، وكذلك التفاح والجزر، ويشربون حوالى 1000 لتر من الماء يوميا"، ووسط الشاحنات والقوافل، يتدربت البهلوانات على الأعمدة.
فيما يصل السكان المحليون بأكياس من الفواكه أو الخضار أو الخبز أو اللحوم المتبرع بها لتسليمها للعاملين فى السيرك، ويقول كودا برين، الذى عملت عائلته فى السيرك لمدة خمسة أجيال: "فى هذه المرحلة، للأسف، أصبحت الحيوانات مشكلة".
وأضاف "إنهم رفقاء حياتنا، أصدقاؤنا، ونحن نحاول الاعتناء بهم بأفضل طريقة ممكنة.. لكنهم ليسوا كالكلاب أو القطط يمكنك أن تعطى معكرونة وقت الغداء المتبقية"، ومن المفارقات، أن من بين أولئك الذين يساعدون سيرك الألفية هوENPA ، الجمعية الوطنية لحماية الحيوانات، التى تحارب استغلال الحيوانات فى السيرك.
بالإضافة إلى القضايا الملحة المتعلقة بالإغلاق الحالى، فإن السيرك قلق أيضًا بشأن المستقبل، وقال كودا برين، إنه يشعر بالقلق من أن الفيروس - الذى يعتقد أنه نشأ فى الحيوانات البرية - قد يوقف الجمهور المدفوع عن زيارة السيرك الذى يضم مخلوقات طائرة وذات أنياب، وأضاف كودا برين: "أعتقد أنها ستخلق نوعًا من الذهان الخطير لخط عملنا".
كورونا يحبس سيركا تشيكيا فى لاتفيا بعد غلق الحدود
كذلك بسبب إغلاق الحدود الأوروبية وإلغاء الحفلات والتجمعات فى دول أوروبا التى أصبحت بؤرة ساخنة لتفشى الفيروس القاتل، لم يتمكن سيرك "أليكس" الذى تقطعت به السبل فى لاتفيا من تقديم العروض ولا العودة إلى الوطن منذ إغلاق الحدود فى منتصف مارس الماضى، بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، الأمر الذى جعله مفلسًا.
وسيرك "أليكس" هو سيرك تشيكى متنقل علق فى لاتفيا بسبب فيروس كورونا المستجد، واضطر أصحابه اليائسون للجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعى لطلب المساعدة لإطعام الحيوانات وأنفسهم"، ومن جهتها، قالت صاحبة السيرك آنا بولاتشوفا، لوكالة "فرانس برس"، "لقد تأثرنا جدا بدعم الغرباء"، مضيفة " السيرك تلقى طعاما لنا وللحيوانات أكثر مما نستطيع تناوله".
ورغم أن لاتفيا تحظر استخدام القوة لإجبار الحيوانات على تأدية حيل مبتكرة، فإنها تسمح بتشغيل حدائق حيوانات بشرط أن تعامل هذه الكائنات بإنسانية، وتقول بولاتشوفا - التى تعمل عائلتها فى السيرك - "كنا نستعد لموسم 2020 ونصبنا خيمتنا فى ريجا، لكن فى اليوم التالى، علمنا أن التجمعات العامة والعروض الثقافية التى تضم أكثر من 50 شخصا حظرت بسبب فيروس كورونا"، وأضافت "عاد المؤدون المستأجرون إلى منازلهم لكن يجب علينا البقاء مع حيواناتنا".
فيما، قالت آنا روماسينكو، صاحبة اسطبلات ميزيزيرى، لوكالة فرانس برس: "دعيت العائلة لاستخدام إسطبلاتى لحيواناتهم ونقل شاحنات السيرك الخاصة بهم الى نادينا"، كما يحاول اللاتفيون مساعدة نادى روماسينكو فى تغطية تكاليف المرافق للسيرك، وفى مقابل هذا تعهدت بولاتشوفا تقديم عروض مجانية فى لاتفيا للتعبير عن امتنان أسرتها بمجرد رفع القيود وعودة الحياة إلى طبيعتها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة