واحد من الشخصيات التاريخية المختلف عليها فى التاريخ الدينى هو شخصة النبى أرميا أو كما ينطلق أحيانا "إرميا"، فسمة اختلافات كبيرة حول هذا الشخص، هل هو نبى من عند الله، أم رجل صالح دعا الناس إلى الله بدون رسالة أو وحى من السماء، أم أنه أحد الأنبياء الذين ذكروا فى القرآن الكريم سواء بأسمائهم أو صفاتهم.
الثابت فى الكتاب المقدس أن إرمياء أو النبى الباكى كما يطلق عليه هو أحد أنبياء بنى إسرائيل، لكنه لم يرد في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية ذكر اسم (أرميا)، ولا إثبات أنه من الأنبياء، إنما هو أحد أنبياء ذكروا فى التوراة ولم يرد ذكرهم فى القرآن وهم (أشعيا، ارميا، حزقيال، دانيال، صموئيل)، كما تم ذكره لدى المؤرخين وكتب التراث القديمة.
هويته ونبوته
وجاء فى كتب التراث العربى والإسلامى، أنه أرميا، وقيل: أرمياء، وقيل: يرميا، وقيل: يرميه، وقيل: رميا بن حليقا، وقيل: حزقيا من سبط ابن نبي الله يعقوب عليه السلام، وقيل من سبط هارون بن عمران أخي موسى بن عمران عليه السلام.
وقال ابن كثير فى البداية والنهاية:"هو أرميا بن سبط بن لاوى بن يعقوب، وقد قيل إنه الخضر، رواه الضحاك عن ابن عباس، وهو غريب وليس بصحيح"، قال الحافظ ابن عساكر رحمه الله: "أرميا بن حلقيا : من سبط لاوي بن يعقوب؛ من أنبياء بني إسرائيل ، وجاء من خبره في تفسير البغوي:"وبعث لهم أرمياء بن حلقيا نبياً، وكان من سبط هارون بن عمران".
العزير أو الخضر
وبحسب أحد المواقع الإسلامية، هو أحد أنبياء بني إسرائيل بعد شيعا عليه السلام، وهناك من وحده مع نبي الله عزير عليه السلام ونبي الله الخضر عليه السلام، وقيل: إن الخضر لقب من ألقابه. كان مؤمنا، صالحا، ورعا، زاهدا، قديسا، كثير البكاء من خشية الله، فعرف بالبكاء.
غير واحد من علماء التاريخ والأخبار أن "أرميا" عليه السلام: نبي من أنبياء بني إسرائيل، وقد قيل إنه عزير، وقيل: هو الخضر، وقيل: إن الخضر لقب من ألقابه، كان مؤمنا، صالحا، ورعا، زاهدا، قديسا، كثير البكاء من خشية الله، فعرف بالبكاء، والصواب أنه غيرهما.
قال علماء التاريخ وأخبار الأمم: أوحى الله تعالى إلى "أرميا" عليه السلام، حين ظهرت في بني إسرائيل المعاصي، وعظمت الأحداث فيهم، وقتلوا الأنبياء: أن اذهب إليهم وعظهم ، وذكرهم بنعم الله عليهم ، وعرفهم أحداثهم ، وخوفهم بطش ربهم، في موعظة طويلة بليغة.
وذكر ابن إسحاق أنه الخضر واسمه أرمياء، سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فقام عنها وهي تهتز خضراء.
قصته
وقد ذكر أن الله بعث أرمياء إلى ملك من ملوك بني إسرائيل ليسدده ويرشده، ثم عظمت الأحداث في بني إسرائيل وركبوا المعاصي واستحلوا المحارم، فأوحى الله إلى أرمياء أن ائت قومك من بني إسرائيل فاقصص عليهم ما آمرك به وذكرهم نعمتي وعرفهم بأحداثهم.
بعثه الله إلى بنى إسرائيل بعد أن عصوا الله، وأظهروا المعاصي، وقتلوا الأنبياء والصلحاء؛ ليهديهم ويرشدهم ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحذرهم غضب الجبار، فوقف بكل حزم أمام شركهم ومظالمهم الاجتماعية، فكانت مدة خدمته 41 سنة، قابلوه بالعصيان والتمرد والتكذيب، ثم ألقوا القبض عليه وسجنوه، وذلك في عهد ملكهم صدقيا، وبعد أن مكث في السجن عشر سنين أرسل الله عليهم نبوخذ نصر وجحافل عساكره، فنزل في أراضيهم، وبطش بهم، وقتل منهم جمعا غفيرا، وخرب ديارهم، وسبى الآلاف منهم، ثم أمر بهدم بيت المقدس، وأسر صدقيا الملك، وأصدر أمرا بإلقاء القاذورات والجيف في معابدهم.
وجاء في المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي ذكر قصة أرمياء، فقال: وهو أُرمياء الألف مضمومة كذلك قرأته على شيخنا أبي منصور اللغوي. أنبأنا يحيى بن ثابت بن بندار: أن أرمياء كان غلاما من أبناء الملوك وكان زاهدا ولم يكن لأبيه ابن غيره وكان يعرض [عليه] النكاح وكان يأبى مخافة أن يشغله عن عبادة ربه فألح عليه أبوه وزوجه في بيت من عظماء أهل مملكته فلما دخلت عليه امرأته قال لها يا هذه إني مسر إليك فإن كتمته علي وسترته سترك الله في الدنيا والآخرة وإن أنت أفشيته قصمك في الدنيا والآخرة، قالت فإني سأكتمه عليك قال فإني لا أريد النساء. فأقامت معه سنة ثم إن أباه أنكر ذلك فسأله، فقال يا أبه ما طال ذلك بعد... فغضب أبوه فهرب منه. فبعثه الله نبيا مع ناشية، وناشية ملك وذلك حين عظمت الأحداث في بني إسرائيل بالمعاصي وقتلوا الأنبياء وأوحى إليه إني مهلك بني إسرائيل ومنتقم منهم... إلخ.
فى الكتاب المقدس
ولد حوالى 648 ق.م من نسل الكهنة سكان عناثوث فأبوه هو "حلقيا" وهو رئيس الكهنة وهو الذى اكتشف السفر الذى كتبت فيه الإنذارات ليهوذا فسلمه إلى الملك يوشيا البار الذى نادى الشعب إلى الرب وعمه هو ” شلوم ” زوج ” خلدة ” النبية التى ذهب إليها الكهنة لاستشارتها فيما ورد فى السفر الذى اكتشفه حلقيا فهذا هو البيت الذى عاش فيه إرميا فى مخافة الرب، فكان من الطبيعى أن تكون له هذه النبتات المباركة والبراعم المقدسة التى حملت الشعلة فيما بعد.
ينسب إليه سفر يدعى "سفر أرميا" وله رسالة مطولة ضد عبادة الأوثان في بابل، وينسب إليه المزمور الثاني والعشرون المنسوب لنبي الله داود عليه السلام، وينسبون اليه ثلاثين مزمورا.
وكان قد تنبأ لبني إسرائيل بسقوط أورشليم وخرابها وتدمير هيكل سليمان عليه السلام، فدعاهم للخضوع والإذعان لنبوخذ نصر فكذبوه واضطهدوه، ويقال: انه خاف في أول الأمر من نبوخذ نصر عندما هجم على بيت المقدس، فاخذ تابوت السكينة وخبأه في مغارة؛ خوفا من أن يقضي عليه نبوخذ نصر وجنوده.
عصر إرميا وتلاميذه
وقيل أيضا عاصر من ملوك بني إسرائيل كلا من يوشيا، ويواحاز، ويهوياقيم، وصدقيا، وعاصر الملك الفارسي لهراسب، كان أكثر الناس تصديقا وإخلاصا إليه تلميذه اليمني باروخ بن نريا الكاتب، وتتلمذ عليه زرادشت، ثم قام زرادشت بعمل أغضب فيه المترجم له، فدعا عليه فبرص، فعند ذاك فارق أستاذه واخترع دين المجوسية أو الديانة الزرادشتية.
مات فى مصر أم بيت المقدس
ويقال: إن أرميا عليه السلام انتقل إلى مصر فألقى اليهود القبض عليه وسجنوه في بئر، ثم أخرجوه ورجموه حتى استشهد، فدفنوه في مصر، وفي عهد الاسكندر نقل تابوته إلى الإسكندرية ودفنوه بها، ويقال: انه رجع من مصر إلى بيت المقدس وعاش فيها 300 سنة ثم توفي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة