﴿واذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَار﴾ كانت الآية السابقة من سورة "ص" أحد موضعين ذكر فيها نبى الله اليسع، والذى أعطاه الله النبوة، كما ورد في موضع آخر بالقرآن الكريم في سورة الأنعام وهو قوله تعالى: ﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ﴾.
ولكن رغم ذكر اسم هذا النبى الجليل في القرآن الكريم، فقد أوجز الذكر الحكيم عن حياته فلم يذكر عنها شيئاً، وإنما اكتفى بذكره في مجموعة الرسل الكرام الذي يجب الإيمان بهم إجمالا وتفصيلاً، ورسم الاسم في المصحف بلام واحدة، ولكن قرئ بوجهين بتشديد اللام المفتوحة وإسكان الياء (اللَّيسْع) وبتخفيف اللام وفتح الياء الْيَسَع).
إلا أن سيرته وهويته تبقى مجهولة في التاريخ، ولم يصل العلماء أو المؤرخون لحقيقة واحدة توضح سيرة اليسع الذى ذكره الله تعالى، وذكر في الأحاديث النبوية الشريفة.
وبحسب دراسة بموقع "حوزة الهدى للدراسات الإسلامية"، فإن القرآن الكريم لم يتصد لبيانِ أحواله والتعريف بهويته لكن المعروف بين المفسرين أنه من أنبياء بنى إسرائيل، وقيل إنّ اسمَه واسمَ أبيه اليسع بن اخطوب بن العجون، واليسع اسمٌ أعجمي غيرُ مشتق، وقرأ حمزة والكسائي اسمه بلامين: "واللَّيْسع "مشدَّداً وسكونْ الياء على وزن (ضَيْغَم) وقرأ الباقون "واليَسع "بالتخفيف بلام واحدة.
هويته
وجاء في "البداية والنهاية" لابن كثير: قال إسحاق بن بشر أبو حذيفة، أنبأنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن قال: كان بعد إلياس اليسع عليهما السلام، فمكث ما شاء الله أن يمكث، يدعوهم إلى الله مستمسكا بمنهاج إلياس وشريعته حتى قبضه الله عز وجل إليه، ثم خلف فيهم الخلوف، وعظمت فيهم الأحداث والخطايا، وكثرت الجبابرة، وقتلوا الأنبياء، وكان فيهم ملك عنيد طاغ. ويقال: إنه الذي تكفل له ذو الكفل إن هو تاب ورجع دخل الجنة فسمى ذا الكفل.
قال محمد بن إسحاق: هو اليسع بن أخطوب. وقال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر في حرف الياء من تاريخه: اليسع وهو الأسباط بن عدي بن شوتلم بن أفراثيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل. ويقال: هو ابن عم إلياس النبي عليهما السلام، ويقال: كان مستخفيا معه بجبل قاسيون من ملك بعلبك، ثم ذهب معه إليها، فلما رفع إلياس، خلفه اليسع في قومه، ونبأه الله بعده.. وذكر الحافظ ابن عساكر أن نسبه يصل إلى أفرائيم بن يوسف الصديق وهو من أنبياء بني إسرائيل.
زمنه ومعجزاته
وبحسب بعض الروايات فإن هذا النبيِّ الكريم اليسع كان قد بُعث قبلَ عيسى، وقيل وقد بُعث بعد ابن عمه إلياس -عليه السلام- في بعلبك وما حولها لدعوة الناس إلى وحدانية الله، وأشار العلماء إلى أن اليسع صنع مثلما صنع عيسى مشى على الماء واحيى الموتى وابرأ الأكمه والأبرص، وقال ابن تيمية في "الجواب الصحيح": "إن من المعجزات التي أيّد الله بها اليسع : أنه أحيا الموتى، وأبرأ الأكمه والأبرص، واستيبس له نهر الأردن فمشى ، كما وردت به الكتب الإسرائيلية، والله أعلم بصحة ذلك".
يوشع بن نون
صورة تعبيرية
البعض يعتقد أنّ (اليسع) هو (يوشع بن نون) أحد أنبياء بنى إسرائيل المعروفين، وقد دخلت الألف واللام على اسمه كما أُبدلت الشين بالسين، ودخلت الألف واللام على الاسم غير العربى (وهذا اسم عبرى) أمر غير جديد، فمثلها مثل (إسكندر) التى تلفظ وتكتب بالعربية (الإسكندر) إذ هو نوع من التقريب.
التوراة
أما اليسع أو اليشع وهو اسم عبراني معناه "الله خلاص"، ظهر في التوراة على أنه خليفة إيليا في العمل النبوي في المملكة الشمالية. وكان أليشع ابن شافاط (سفر الملوك الأول 19: 19) ومن سبط يساكر. وقد أقام في آبل محولة في وادي الأردن. وكان ينتسب إلى أسرة ثرية، لأن حقل أبيه كان يستلزم أثني عشر زوجًا من الثيران لحرثه. وقد وجده إيليا يحرث فدعاه للعمل النبوي إذ طرح رداءه عليه (1 ملو 19: 16 و19-21) وعندما ذهب إيليا إلى ما وراء الأردن ليُنقل إلى السماء ذهب أليشع رداء إيليا وضرب بالرداء مياه الأردن فانفلق الأردن وانشطر وعبر أليشع إلى الجانب الغربي من النهر (2 ملو 2: 1-18).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة