العقود تقوم كأصل عام على مبدأ الرضائية، الذى يتمثل فى اتفاق إرادة أطراف العقد على إحداث نتيجة معينة، وهذه العقود قد تكون مكتوبة كما هو الحال عند إبرام عقد بيع أو إيجار لمنزل، وقد تكون شفاهة، كما هو الحال عند شراء كتاب أو فنجان من القهوة، ويترتب على ذلك أنه يجب على كل فرد احترام الالتزامات الملقاة على عاتقه وتنفيذها.
هل التسجيل فى الشهر العقارى ينقل الملكية فى التصرفات العقارية؟
إلا أن المتعاقدين قد يلجئان إلى الصورية من أجل إخفاء حقيقة ما تم التعاقد عليه تحت ستار أو مظهر كاذب، الهدف منه قد يكون مشروعا، وقد يكون غير مشروع حسب الباعث على الصورية، مما يعنى أننا نكون أمام عقدين أحدهما صورى ظاهرى، والأخر حقيقى مستتر، وهذا يجعلنا نقع فى عدة مشاكل وخاصة إذا لم يكن العقد الحقيقى قد حرر خطيا، وذلك لأنه كمبدأ لا يجوز إثبات صورية العقد الظاهر من قبل المتعاقدين إلا بالكتابة، أما الغير فإنه يجوز له إثبات صورية العقد بكافة طرق الإثبات.
صورية العقد
فى التقرير التالى، يلقى "اليوم السابع"، الضوء على إشكالية فى غاية الخطورة بالنسبة لمسألة صورية العقد بين البائع والمشترى من خلال الإجابة على حزمة من الأسئلة تتمثل فى هل لمحكمة الموضوع التصدى لصورية العقد دون الدفع بذلك من الخصوم؟ وهل تنتقل الملكية فى التصرفات العقارية بالتسجيل وحده؟ وما هى مدى حجية الشهر فى نقل الملكية؟ - بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض عماد الوزير.
التسجيل ليس من شأنه نقل الملكية أو إنشاء الحق
فى البداية، ليس معنى أن الملكية فى المواد العقارية لا تنتقل سواء بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير إلا بالتسجيل، أن للتسجيل قوة فى ذاته بحيث أنه ينقل الملكية أو ينشئ الحق العيني مجرداَ عن التصرف الذى يستند إليه انتقال الملكية أو إنشاء الحق العينى، فهو لا يصحح عيوب التصرف الناقل، وليس من شأنه نقل الملكية أو إنشاء الحق إذا لم يكن المتصرف مالكاَ، فالتسجيل يجب أن يستند إلى عقد صحيح وصادر من مالك – وفقا لـ"الوزير".
والتسجيل فى قانون الشهر العقارى مهمته شهر المحرر على علاته، فيبقى البيع بعد التسجيل كما كان قبل التسجيل، فإن كان باطلاَ يبقى بطلانه لأن التسجيل لا يصحح البطلان، فالملكية تنتقل بالعقد والتسجيل، وذلك عكس الحال فى قانون السجل العينى حيث يكون للتسجيل حجية مطلقة – وبالترتيب على ذلك – إذا كان العقد باطلاَ أو قابلاَ للإبطال وقضى بإبطاله، أو كان صحيحاَ ثم فسخ، ففي هذه الأحوال يعتبر العقد كأن لم يكن، وبالتالي يعتبر الحق كأن لم ينتقل بالرغم من التسجيل، وهذا مع مراعاة الحماية التى قررها القانون للغير حسن النية، وكذلك إذا ثبت أن العقد المسجل عقد صورى – الكلام لـ"الوزير".
ماذا يعنى التجسل فى الشهر العقارى؟
وعملية التسجيل طبقاَ لأحكام القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقارى هو نظام شخصي يجرى وفقا للأسماء لا بحسب العقارات وليست له حجية كاملة فى ذاته فهو لا يصحح العقود الباطلة ولا يكمل العقود الناقصة بل تتم إجراءاته بناء على طلب أصحاب الشأن أو من يقوم مقامهم على ضوء البيانات التى أوجبت المادة 22 من هذا القانون اشتمال طلبات الشهر عليها ومنها البيانات المتعلقة بأصل حق الملكية أو الحق العينى محل التصرف واسم المالك السابق أو صاحب الحق العينى وطريق انتقال الملكية أو الحق العينى إليه، وذلك طبقا للطعن رقم 1107 لسنة 51 قضائية – جلسة 30 يونيو 1982.
رأى محكمة النقض فى الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدى لهذه الأزمة فى الطعن المقيد برقم 35 لسنة 57 ق جلسة 21 ديسمبر 1995، حيث قالت فى حيثيات الحكم أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن دعوى صحة ونفاذ عقد البيع هى دعوى استحقاق مالا يقصد بها تنفيذ التزامات البائع التى من شأنها نقل الملكية منه إلى المشترى تنفيذاَ عينياَ، وذلك بالحصول على حكم بتسجيله مقام تسجيل العقد فى نقل ملكيته العقار المبيع بما لازمه أن يكون البائع مالكاَ أصلا لهذا العقار ومن ثم يتعين عند الفصل فى الدعوى بحث ما يثار من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع.
ووفقا لـ"المحكمة"، إذ لا يكفى حينئذ ما يورده البائع فى العقد من بيان لسند ملكيته، وإذ كانت الملكية فى التصرفات العقارية لا تنتقل بالتسجيل وحده وإنما هى تنقل بأمرين أحدهما أصلى وأساسى وهو العقد الصحيح الناقل للملكية وثانيهما تبعى ومكمل وهو التسجيل، فإذا انعدم الأصل فلا يغنى عنه المكمل، وبالتالى فإن العقود الباطلة لصوريتها لا يصححها التسجيل، وكان لمحكمة الموضوع الحق دائماَ فى بحث جدية الورقة التى تقدم فى الدعوى ما دام لازما الفصل فيها فإن لها ولو لم يطعن عليها بالصورية – أن تتعرض لهذه الورقة فتستنتج عدم جديتها وصوريتها من قرائن الدعوى ولا رقابة لمحكمة النقض عليها فى ذلك متى كان استخلاصها سائغاَ.