بداية.. معلوم للجميع، أنه يوجد عالم سرى فى الأقاليم بالمحافظات، فى ظل انتشار مواقع بير السلم الإلكترونية، دائما ما تبث وعيًا مزيفًا، هذا الأمر ظهر جليا، خلال اليومين الماضيين في مدينة الفشن جنوب بنى سويف، حيث حدث هرج ومرج أمام المستشفى المركزى، وسيطرت حالة من الاستياء لأهالى المدينة، بعد تداول معلومات مغلوطة ومشاركتها على نطاق واسع، مفادها تحويل مستشفى الفشن المركزى لحجر صحى لمرضى كورونا، وتزايد عدد حالات الوفاة بسبب الإهمال، وغلق بقية الأقسام مثل العيادات الخارجية، والطوارىء والاستقبال، وقسم الكلى والحضنات، لنرى مشهدا مأساويا، بات الأهالى ليلة حزينة بسببها.
الأمر الذى جعلنا نسرع بالاتصال، بكبار المسئولين بالمحافظة لنفهم، ونتبين الحقيقة، فتواصلنا، مع وكيل وزارة الصحة، ونائب المحافظ، وإدارة المستشفيات بالمحافظة، لتكون المفاجأة بأن كل ما يبث ليس له أى أساس من الصحة، وأن ما يتردد غير حقيقى، أما الحقيقة فمادها، "تخصيص مبنى واحد فقط بالمستشفى للتعامل مع كورونا، وأن خدمة العيادات الخارجية تم توزيعها على الوحدات الصحية بالقرى، والمركز الطبي ورعاية الطفل بالمدينة بغرض إحداث التباعد الاجتماعى إضافة إلى أن خدمة العيادات غير مستعجلة، وأن تقديم الخدمة الطبية لمرضى الكلى مستمرة لأنهم في مبنى مستقل وفى آمان تام، وأنه سيتم تخصيص مبنى مستقل للاستقبال والطوارىء، وتحويل العمليات إلى أقرب المستشفيات بالمدن المجاورة، وأن هذه هي خطة المديرية، وضعناها منذ أسابيع، ونتيجة للوعى المزيف حدث هذا الهرج وتزايد حضور الأهالى أمام المستشفى، ورغم ذلك تم اتخاذ قرار بنقل حالات المشتبه في إصاباتهم للمدن الجامعية لتخفيف الضغط على المستشفى ولبث الطمأنية لدى الأهالى.
والرائع، بعد هذا التحقق، الاستجابة السريعة للمسئولين لنداءات الأهالى، من خلال هواتف مفتوحة للجميع، الكل يتحدث، في مشهد جديد يستحق الفخر والإشادة يجسد حالة من التناغم بين المواطن والمسئول، إضافة إلى أن التعامل مع الأزمة كان على قدر المسئولية والحيوية، وهذا يرجع إلى أن قيادات المحافظة بدءا من السيد المحافظ ونوابه من فئة الشباب، ووكيل وزارة الصحة رجل لا يحب الشو، لكنه يعمل برؤية طموحة، وهذا ما راهنت بهم القيادة السياسية، ليثبتون يوما بعد الأخر، أنهم على قدر الوعد والعهد، وخاصة أن هذا الاختبار جاء فى ظروف استثنائية تعيشها البلاد في ظل انتشار وباء كورونا المستجد الذى يتجرع العالم بأثره ويلاته الآن.
والأكثر روعة، إطلاق مئات الشباب من أهالى المدينة مبادرات مجتمعية، الكل يجتهد ويحاول يساعد في مشهد حقيقى عنوانه حب الوطن، الأمر الذى أغلق الباب فى وجه أهل الحرام، من نشر الشائعات التى من شأنها صنع حالة من عدم الطمأنينة لدى المواطنين، ومحاولة إظهار الدولة في موقف الضعف والانهيار، يقابل ذلك العمل الشبابى المجتمعى، استجابة شبابية حكومية، نظرا لأن معظم قيادات المحافظة من الشباب، فتحية حقا للشباب مسئولين ومتطوعين.
ولهذا، فإن الخطر الحقيقى الذى يعتبر أكثر فتكا من الوباء نفسه، هو التزييف والشائعات، وهنا يجب حتما مواجهة صحافة وإعلام "بير السلم"، وتوعية الناس بضرورة تحرى الدقة، إضافة إلى ضرورة وضع خطة من جميع الجهات المنوطة بضبط أداء العمل الإعلامى، ومواجهة حرب الشائعات والرد علي الأخبار المغلوطة، وخاصة أن الشائعات السلبية تنتشر بسرعة البرق، وأن الوعي هو السلاح الأول في مكافحة تلك الأفكار الشاذَّة والأوبئة التي تعصف بالمجتمعات، حتى لا يتم تكريس للخرافات، فتكون أكثر شراسة من الأوبئة والفيروسات، وضرورة غلق الأبواب أمام بعض مدعى الثقافة وأصحاب هذه الدكاكين بعدم استغلال محنة الضعف الإنسانى للأزمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة