مع بدء انطلاق الماراثون الانتخابى لمجلس الشيوخ، والجميع يسأل عن الأدوات الرقابية لهذا المجلس، وخاصة أنه راسخ في كثير من الأذهان، أن عظمة أدوار المجالس النيابية تتمثل في مراقبة السلطة التنفيذية ومحاسبتها، بل يزداد السقف عند هؤلاء بالمطالبة بالصدام معها لتحقيق مطالب المواطن من وجهة نظرهم.
فالأدوات الرقابية لمجلس الشيوخ، التى نحن بصدد انتخابه بعد أيام، تم تحديدها فى أداتي يغلب عليهما طابع التعاون، من خلال توطيد دعائم الديمقراطية الحديثة، فالأولى، طلب "المناقشة العامة"، حيث يقدمه 20 عضواً من المجلس على الأقل لاستيضاح سياسة الحكومة بشأن هذا الطلب، أما الأداة الثانية فهو طلب "الاقتراح برغبة" في موضوع عام ويقدمه عضو واحد، وبالتالي ليس من حقه استخدام الأدوات الرقابية الأخرى الخاصة بمجلس النواب مثل "طلب الإحاطة أو السؤال أو الاستجواب"، ولهذا فإن السلطة التنفيذية غير مسئولة أمام هذا المجلس.
وهنا وجب دق جرس إنذار، بضرورة تحرك مؤسسات الدولة والقوى السياسية والإعلامية، بالعمل على زيادة الثقة بين المواطن وأطراف العملية الانتخابية، ليشعر الناخب بجدوى المشاركة وأهمية صوته، إضافة إلى أنه لابد من شرح أهمية هذا المجلس وأدواره الحقيقية إعلاميا وبشكل مكثف، حتى لا يختزل في أنه مجلس استشارى فقط، لا جدوى منه، وربطه بالصورة الذهنية لمجلس الشورى القديم.
ويتم هذا من خلال تكثيف حملات توعوية وإعلامية بكافة القنوات الشرعية وعلى وسائل التواصل الاجتماعى، تؤكد أن أدوار المجالس التشريعية لم تعد قاصرة على مساءلة الحكومة ومحاسبتها، بل تشمل مهامًا أخرى هدفها دعم السلام المجتمعى، من خلال مناقشات بشأن اتفاقات سياسية، ومعاهدات صلح وتحالفات، وكذلك إبداء الرأى فى موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها على كافة المستويات الداخلية أو الخارجية، وهنا لابد أن تكون هناك رسائل إعلامية متوازنة لتعريف المواطنين بأهمية المشاركة، وضمانات النزاهة في هذه الانتخابات، إذا كنا نرغب في أن يشارك الناخب في هذا الاستحقاق الدستورى المهم..