تناولت مقالات صحف الخليج، اليوم الأربعاء، العديد من القضايا الهامة أبرزها، لم تهنأ دول الاتحاد الأوروبي بعد من تبعات البريكست وماخلفه هذا الملف من تداعيات على دول القارة كافة، لتجد دول القارة نفسها مهددة بوحدتها بعد أن اجتاحت أزمة فيروس"كورونا" دول الاتحاد وخلّفت خسائر كبيرة في الأرواح
مصطفى فحص
مصطفى فحص: الكاظمى وخامنئى وما بينهما رواية الفتنة
قال الكاتب في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط، إن المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي يتمسك بمعاييره المعرفية والثقافية التي شكلت جزءاً أساسياً من انتماءاته العقائدية السياسية، إضافة إلى تطلعاته الاستراتيجية. فمما لا شك فيه أن قراءته المبكرة لروائع الأدب الروسي من دستويفسكي وتولستوي إلى تشيخوف وشلوخوف، سهَّلت أمامه خيارات التقارب مع روسيا، ولأنه من خراسان، فقد ارتبط تكوينه الشخصي وتكوينه الاجتماعي بخصوصيات المكان، الذي كان له التأثير الأهم في نظرته لموقع إيران الجيوسياسي، حيث شهدت إيران في عهده علاقة شبه تحالفية مع الجار الروسي شبيهة بعلاقة روسيا القيصرية وفارس القاجارية.
من المعروف عن المرشد إتقانه التام للغة العربية، وأنه قام مبكراً بترجمة كتب عدة إلى الفارسية؛ كان من أبرزها أعمال سيد قُطب، ففي بداية مسيرته الحوزوية والثورية، كان واضحاً تأثره عقائدياً وفكرياً بالأفكار الدعوية والسياسية لقُطب، التي كونت نواة انتمائه الحركي للإسلام السياسي الشيعي الإيراني، الذي تميز عن نظيره العربي الذي تبلور في "حزب الدعوة الإسلامية العراقي"، وهو النسخة الشيعية العربية من الإخوان المسلمين.
المرشد الذي استمر في مشروع تصدير الثورة، وضعت بلاده في عهده يدها على 4 عواصم عربية؛ هذا النفوذ عزَّز حرصه على الطبيعة الجيوعقائدية للنظام الإيراني، التي برزت بشكلها الأقرب إلى الكولونيالية عند تطبيقها الوصاية على العراق، الذي اعتاد المرشد أن يستقبل قادته، خصوصاً الشيعة الذين ينتمي أغلبهم إلى أحزاب الإسلام السياسي الشيعي، وبخاصة "حزب الدعوة"، باستثناء ضيفه الأخير، الذي جاء من خارج السياقات التي فرضتها طهران على العراقيين من خلال ما كان يعرف بـ"البيت السياسي الشيعي"، الذي صدَّعت ثورة "الأول من تشرين" أساساته.
في لقاء طهران الأخير كانت الهوة واضحة بينهما رغم المجاملات الكلامية، فما حاول المرشد إملاءه على الكاظمي لم يجد قبولاً لديه، كما كان يحدث مع أسلافه. فمن الصعب أن يعثر المرشد في شخصية الكاظمي وفي تكوينه، على الصفات التي اعتادت أن تفرضها إيران عند اختيار رئيس الوزراء العراقي، وعلى الأرجح أن المرشد الذي يتقن العربية قد اكتشف مبكراً خلفية ضيفه، وليس مستبعداً أن يكون المرشد قد اطلع على رواية "الفتنة" للكاتب العراقي المثير للجدل كنعان مكية، وإذا لم يكن قد اطَّلع، فمن الممكن أن وشاية وصلت إليه بأن مكية أهدى الرواية إلى مصطفى الكاظمي، وهي وشاية تختصر الطريق عليه ليعرف صعوبة الانسجام بينه وبين زائره، والإزعاج الذي سيسببه بقاؤه مدة طويلة على رأس الحكومة في بغداد. لذلك ودّعه المرشد بتغريدة وضع فيها صورة قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس وكتب عليها: "إيران والعراق لا فراق"، مطالباً بالانتقام من قتلتهما وبطرد الأمريكيين من العراق.
علي قباجه: "القارة العجوز" تنجح
قال الكاتب فى مقاله بصحيفة الخليج الإماراتية، لم تهنأ دول الاتحاد الأوروبي بعد من تبعات البريكست وماخلفه هذا الملف من تداعيات على دول القارة كافة، لتجد دول القارة نفسها مهددة بوحدتها بعد أن اجتاحت أزمة فيروس"كورونا" دول الاتحاد وخلّفت خسائر كبيرة في الأرواح، وبدلاً من أن تلجأ الدول الأوروبية للتعاضد فيما بينها؛ باعتبارها تشكل كياناً واحداً، أغلقت كل منها حدودها بوجه الأخرى، ما جعل بعض الساسة الإيطاليين يستبدلون علم الصين بعلم الاتحاد الأوروبي، إلى جانب أن ذلك فتح الباب على مصراعيه أمام الشعبويين للترويج لنظريتهم القديمة بضرورة الانكفاء على الذات، خاصة في إيطاليا التي نشط فيها اليمينيون بعد أن وجدت تلك الدولة الأوروبية نفسها وحيدة في مواجهة وباء حصد أرواح الآلاف من أبنائها.
الكثير من المحللين تنبؤوا بأن أوروبا بعد "كورونا" لن تكون كما كانت قبلها؛ لكن الدول الفاعلة وأبرزها ألمانيا وفرنسا أرادت سد الطريق على هؤلاء، مؤكدة أن التعافي على الصعد كافة هو عنوان المرحلة المقبلة. وعلى الرغم من حالة الضبابية التي خيمت على العلاقات بين الدول الأعضاء، فإنها اجتمعت لإيجاد آلية موحدة للمرحلة المقبلة؛ لكن وعلى الرغم من القرارات التاريخية التي خرج بها اجتماع دول القارة في بروكسل خلال الأسبوع الماضي، فإنه لا يمكن إخفاء أن هنالك شرخاً عميقاً خلفته الأزمة الأخيرة، وأن هنالك تحفظات عدة لبعض دول الاتحاد حول إدارة الأزمة الحالية.
عانى الاتحاد الأوروبي منذ تأسيسه الكثير من الأزمات غير أنه كان دائماً يخرج منها سليماً معافى. وعلى الرغم من المحاولات المتكررة للشعبويين لتفكيك الوحدة، فإن مزيداً من الاندماج كان يسود الإطار العام، إلا أن أزمة كورونا كانت أشد وطأة من غيرها؛ لكن مع ذلك أتى اجتماع بروكسل؛ ليزيل ماعلق بين دول القارة من خلافات؛ وليجد حلاً للمعضلة الاقتصادية التي عانتها بعض الدول جرّاء الوباء، وبالفعل بعد مشادات وأخذ وردّ توصلت الدول المجتمعة لاتفاق وصفه رئيس وزراء إسبانيا بيدور سانشيز بأنه "خطة مارشال جديدة"؛ حيث إن الاتفاق خرج بنقاط إيجابية عدة وأبرزها تمثل بدعم الدول المتضررة من تداعيات كورونا ب390 مليون يورو تقدم كمساعدات وهو ما يسهم في الوصول لتعافٍ اقتصادي، وفي ذلك تكون الدول الأوروبية قد حققت نجاحين؛ أولهما أنها تمكنت من تحقيق اتفاق تاريخي لأزمة وصفتها أنجيلا ماركل بأنها الأشد التي عانتها أوروبا على مر تاريخها؛ وثانيهما وضع حد للشعبويين الذين راهنوا على عدم قدرة الاتحاد الأوروبي تخطي العقبات التي تواجهه، لاسيما في إيطاليا التي نشط فيها اليمين المتطرف بزعامة ماتيو سالفيني.
على الرغم من البريكست ومن أزمات عدة، فإن الاتحاد الأوروبي حافظ على وحدته، ويحسب لألمانيا وفرنسا مجهودهما في ذلك، غير أن دول القارة لن تسلم من مطبات سياسية بين الحين والآخر فهل تقوى على مقارعة الشعبويين داخلياً والمتربصين بوحدتها خارجياً؟
لقد نجح الاتحاد الأوروبي حتى الآن في الحفاظ على وحدته، لأن هناك دولاً تريد للقارة أن تبقى موحدة وقادرة على أن تلعب دوراً سياسياً واقتصادياً في عالم الأقوياء.
عبد الوهاب بدرخان
عبدالوهاب بدرخان: لا مساعدة عاجلة للبنان بلا مقابل
قال الكاتب في مقاله بصحيفة الاتحاد الإماراتية، إن الشبه كبير في لبنان بين وباء كورونا والأزمة الاقتصادية، وإذ أمكن احتواء الأول بالوسائل والتحوّطات التي استخدمت عبر العالم (ولا خروج منه إلا بتوافّر لقاح يُؤمل بالتوصّل إليه قريباً)، فإن الثانية جائحة مستفحلة انعكست على حياة اللبنانيين بأسوأ ما يمكن تصوّره ولا علاج ممكناً لها. انتقل الوباء من مرحلة إلى أخرى بحصيلة إصابات ووفيات ظلّت في إطار المعقول، ورغم انكشاف النظام الصحي إلا أن الموارد المحلية مع المساعدات الخارجية نجحت في تفادي كارثة. أما الأزمة المالية، فتعاني من عجز حكومي إداري فادح، ورغم المآسي التي تسبّبت بها حتى الآن، فإن الخبراء يقولون إنها لا تزال في "بدايتها".
دول الخليج وفرنسا وبريطانيا، وحتى الولايات المتحدة، كانت ولا تزال معنية بمساعدة لبنان، لكنها لم تعد تعرف أي لبنان تمكن مساعدته: أهو لبنان .حزب الله. الذي تقلّب سياسياً مع هذا "الحزب" حتى غدا مصدر تهديد أمني إقليمي ودولي، أم "لبنان المافيا" الذي تلاعب بأمواله حكومياً ومصرفياً إلى أن أيقظته الانتفاضة الشعبية على حقيقته المؤلمة: لا رساميل ولا ودائع. المافيا هرّبت دولارها في مثل هذه الفترة من العام الماضي، والمودِعون العاديون أدركوا شيئاً فشيئاً أن جني أعمارهم تبخّر أو في أحسن الأحوال بات قيمة رقمية ورقية لا يمكن التصرّف بها. وأمام حالتَي الفساد السياسي والمالي هاتين لا توجد جهة خارجية واحدة مستعدة لمساعدة من ألحق بنفسه أضراراً لا يزال مصرّاً عليها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة