تناولت مقالات صحف الخليج، اليوم، العديد من القضايا الهامة في مقدمتها، الأثار السلبية لتفشى فيروس كورونا على الظروف المعيشية للمواطنين في مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى محاولات إعادة إعمار بيروت العاصمة اللبنانية بعد الانفجار الأخير.
الطريق الوعر في ترميم مساكن بيروت!
سامر أبو رمان
وفى صحيفة الأنباء الكويتية ، تناول سامر أبورمان قضية إعادة إعمار بيروت في مقاله:"رغم التعهدات بملايين الدولارات لمعالجة تداعيات انفجار مرفأ بيروت الكارثي، إلا أنه وفي حدود بحثي عن الجهود الإغاثية حتى اللحظة، ما زالت أعمال الترميم وإعادة البناء متواضعة مقارنة بغيرها من أعمال الإغاثة في الطعام والعلاج، ومازالت الجهات الإنسانية الكبرى تشق طريقها بصعوبة لسد هذه الفجوة التي قد تبدو سهلة ولكنها ليست كذلك لعدة أسباب!"
وأضاف: عملية الترميم تنقسم إلى ثلاث مراحل، لا تزال الجهات المختصة في المرحلة الأولى، أي المسح ومعاينة الأضرار، أما المرحلة الثانية فهي تدعيم الأبنية الآيلة للسقوط، والترميم الأولي وتأمين المسكن، أما المرحلة الثالثة فهي إعادة البناء.
ويقدر عدد المباني المتضررة بنحو 40 ألفا، تشمل 200 ألف شقة سكنية، تتراوح الأضرار فيها بين تلك البسيطة والدمار الكلي، وتتراوح تكلفة إعادة إعمارها ما بين 25 ألفاً و200 ألف دولار، أي حوالي ملياري دولار، وفقا لتقديرات نقيب المقاولين في لبنان مارون الحلو.
لكن الانهيار الاقتصادي، الذي يعيشه لبنان منذ ما قبل الكارثة الأخيرة، أضر بدخول السكان وقدرتهم الشرائية، مما يعوق من قدرتهم على إصلاح الأضرار حتى لو كانت الأماكن المتضررة في أماكن حيوية في بيروت، فمنهم من لا يملك القدرة المالية أصلا، ومنهم من زال ماله محجوزا في البنوك، كما أن انخفاض سعر الليرة اللبنانية مقابل الدولار رفع كلفة المواد الأولية اللازمة للإصلاح بصورة كبيرة، فضلا عن شح هذه المواد أساسا في السوق بسبب أزمة السيولة في العملة الصعبة التي يحتاجها المستوردون.
ورغم الإجراءات الحكومية الأخيرة لضبط أسعار مواد البناء، وأهمها مواد الألمنيوم والزجاج، منعا لاستغلال البعض لحاجة المواطنين المتضررين لترميم مساكنهم ومكاتبهم ومصالحهم، إلا أن الأسعار بقيت بعيدة عن متناول الكثيرين.
"كورونا" يحاصر الجيوب
ورغم ذلك، لا يعتبر نقص العملات المعدنية بالأمر الجديد. في الواقع، ظل هذا النقص بمثابة العرف السائد حتى العصر الحديث. ومع سعينا اليوم لمواجهة هذه المشكلة الدائمة، من المهم إمعان النظر في كيف تعامل الناس فيما مضى مع المشكلة ذاتها، والسبل العبقرية التي استخدموها في حلّها.
كانت أوروبا خلال العصور الوسطى قد عانت من نقص دائم في الفكة الصغيرة. ونشأ هذا النقص عن اعتقاد بأن كل قطعة نقد معدنية يجب أن يكون هناك قدر من الذهب أو المعدن مكافئ لقيمتها الرسمية، مهما بلغ صغر حجمها. وبطبيعة الحال، انطوى هذا المنطق على كثير من المشكلات.
كانت المشكلة الأولى أن دور سك العملة الرسمية وجدت عملية إنتاج جميع العملات المعدنية الصغيرة اللازمة لتلبية الطلب، صعبة ومكلفة. في الواقع، كان من الأيسر بكثير تحويل قدر معين من الفضة إلى حفنة من العملات ذات الفئات الكبيرة عن سك عملات صغيرة لا حصر لها.
وتمثلت مشكلة أخرى أكبر في حقيقة أن المعدن الموجود في تلك العملات جعلها عرضة لأن يجري تذويبها، ذلك أنه عندما كانت أسعار المعادن تتجاوز القيمة الاسمية أو الظاهرية للعملات المعدنية، كانت تلك العملات تكتسب قيمة أكبر كمادة خام للسبائك، وليس كعملة نقدية. وبالتالي، كانت تختفي من السوق.
وكان ذلك ما وصفه مؤرخون بـ«مشكلة الفكة الصغيرة الكبرى». الملاحظ أن مخطوطات تنتمي إلى العصور الوسطى تعج بالشكوى والتذمر من النقص المستمر في العملات المعدنية الصغيرة. وفي إنجلترا خلال القرن الـ14 اشتكى المدعون أمام السلطات من «ندرة شديدة في العملات المعدنية» ـ شكوى ترددت أصداؤها في جميع الدول الأوروبية في ذلك الوقت.
نهاية الأمر، نجحت حكومة كل بلد في حل المشكلة، وإن كانت المؤسسات التجارية الخاصة من اتخذ الخطوة المحورية الأولى في هذا الاتجاه. ونظراً لعجز تلك الكيانات التجارية عن سداد المبالغ الصحيحة إلى العاملين لديها، ناهيك عن توفير فكة من أجل العملاء، أصبحت لديها حوافز أكبر عن غالبية قطاعات المجتمع الأخرى لضرورة إيجاد حل للمشكلة المزمنة.
رؤية جديدة
وجاءت افتتاحية صحيفة البيان كالتالى: لم تهدأ الصراعات المدمرة في المنطقة منذ عقد من الزمان حين تحولت احتجاجات شعبية في عدد من الدول إلى أدوات للتدخلات الخارجية أدت إلى تدمير وتهجير ملايين السكان.
وأضيفت هذه الصراعات إلى أزمات قائمة أصلاً متشابكة مع ملفات معقدة تفوق قدرة دول المنطقة على إدارتها بهدف وضعها على طريق الحل، وجاءت التدخلات الخارجية لتفاقم من الأزمات وتوسع جبهات الحروب الداخلية، وتدمر البنى الاجتماعية للمنطقة، وتفتح الباب أمام سلسلة من الحركات الإرهابية التي تفشت مثل الوباء وعطلت التنمية في عدد من الدول العربية التي كانت متماسكة رغم تواضع مسيرتها التنموية.
ويأتي الاتفاق الليبي الليبي لوقف إطلاق النار الشامل وبدء عملية سياسية لحل الأزمة، مثالاً وحلقة ناجحة من حلقات تقليل الصراعات العسكرية في المنطقة، وفتح الطريق أمام السياسة والتفاوض في إدارة وحل الأزمات، إذ إن الخطوة الأولى تكمن في إسكات البنادق وقطع الطريق على القوى الإقليمية الطامعة.
ضمن هذا الإطار، فإن تقليل عدد الصراعات في المنطقة استراتيجية بنّاءة على طريق إعادة إطلاق عجلة التنمية ضمن رؤية جديدة، بما يعني ذلك إعادة إعمار الخراب الذي خلّفته الاضطرابات والتدخلات الخارجية، وإعادة المهجرين إلى ديارهم، وإنقاذ جيل كامل من براثن الأمية والجهل بسبب انقطاع ملايين الأطفال عن التعليم، فضلاً عن التأثيرات السلبية لاستنزاف ما تبقى من طاقات بشرية في الحروب التي لا تخدم سوى متدخلين خارجيين لديهم مآرب أيديولوجية وأوهام تاريخية وأطماع في نهب ثروات البلاد العربية، أو منعها من التطور والنمو.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة