تناول الكُتاب فى صحف الخليج اليوم الأحد، العديد من القضايا العربية والدولية، إلا أن انفجار بيروت لازال يطغى على أفكار ومقالات الكُتاب، حيث خصص الكاتب السعودى عبدالله بن بجاد العتيبى مقال بعنوان انفجار مرفأ بيروت... الدولة والميليشيا، بينما كتب الكاتب أيمن سمير مقال بعنوان تركيا بندقية للإيجار؟، و فى جريدة "الجريدة" الكويتية كتب الكاتب محمد أحمد المجرن الرومى مقال بعنوان لبنان الجريح.
عبدالله بن بجاد العتيبي
انفجار مرفأ بيروت... الدولة والميليشيا
قال الكاتب عبدالله بن بجاد العتيبى فى مقاله اليوم بصحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، أن لبنان بلدٌ استمرأ الفوضى والخراب منذ الحرب الأهلية سيئة الذكر حتى سيطرة الميليشيا وموجة الاغتيالات لرفيق الحريرى ورفاقه، ومن ثم إحكام الميليشيا سيطرتها على الدولة والحكومة ومجلس النواب وكل شيء فى البلد المليء بالآلام والرزايا.
انفجار مرفأ بيروت مخيف فى قوته وآثاره التى يمكن الشعور بها من خلال الصور ومقاطع الفيديو التى انتشرت فى حينه، وهو دون شك أكثر إخافة للمواطنين الذين عايشوه على أرض الواقع، والذين فقدوا أحبابهم وفُجعوا بممتلكاتهم ورأوا الموت رأى العين، وما كان لذلك أن يحدث لو كان لبنان دولة مستقلة ذات سيادة مثل باقى الدول، ولكن لبنان للأسف ليس كذلك.
قصة هذا البلد المنكوب طويلة ومتشعبة ومعقدة، وهى قصة تروى كيف يمكن تحويل بلدٍ ما من أجمل بلدان المنطقة إلى دولة مختطَفة تفتك بها الميليشيات وينهبها الفاسدون من دون حياء أو خجل، قصة تروى كيف تحوّل وطن بكامله إلى معتقلٍ بائسٍ بيد ميليشيا، وكيف بدأت تتحول صورة اللبنانى فى المنطقة والعالم من مهاجرٍ مكافحٍ ناجحٍ إلى ما يشبه اللاجئ المشرد، باقتصادٍ شبه منهارٍ وأحزابٍ وقياداتٍ تعيش مرغمة تحت رحمة الميليشيا والسلاح والآيديولوجيا والاغتيالات.
تدفقت المساعدات من الدول العربية ومن شتى دول العالم لإنقاذ الشعب اللبنانى من الكارثة التى حلّت به، وفتحت دول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، جسراً جوياً لنقل المساعدات العاجلة، وهو ما دأبت عليه دول الخليج منذ عقودٍ، وهو أمرٌ يعرفه اللبنانيون جيداً. بينما البلد الوحيد الذى لم يساعد بأى شيء هو البلد الأصولى الطائفى الذى نشر الدمار والخراب فى لبنان.
أيمن سمير
تركيا بندقية للإيجار؟
قال الكاتب أيمن سمير فى مقاله اليوم بصحيفة "البيان" الإماراتية، أنه عندما اعترفت تركيا بإسرائيل عام 1949 كأول دولة إسلامية ترسل سفيرها إلى تل أبيب حصلت على مكافأة بدخولها حلف الشمال الأطلسى (الناتو) فى 1952، لكن هذه المكافأة كانت مشروطة بأن تكون تركيا «دولة وظيفية» و«بندقية للإيجار» فى يد كل المشروعات التى تستهدف زعزعة الاستقرار والسلام فى العالم، وعندما تفكك الإتحاد السوفيتى وحلف وارسو، وبات هناك قطب واحد يقود العالم تراجع «الدور الوظيفي» لأنقرة، لذلك حاول الرئيس التركى رجب طيب أردوغان وحزبه المسمى بـ«الحرية والعدالة» استعادة القيمة الوظيفية لتركيا كبندقية للإيجار، فما هى دلالات وشواهد ذلك سواء فى المنطقة العربية أو خارجها.
تحليل السلوك التركى يؤكد أن ما تقوم به أنقرة من أدوار إقليمية لا يختلف عن دور «شركات المرتزقة» مثل بلاك ووتر، فعندما تبنى الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما نظرية «الفوضى الخلاقة» فى الشرق الأوسط عبر ما سمى بـ«الربيع العربي» كانت تركيا هى البندقية والبيدق الذى ينفذ هذا المشروع على الأرض بالتعاون مع التنظيم الدولى للإخوان، وعندما أدركت الشعوب العربية وسائل تركيا «الناعمة» فى الخداع والخراب مثل المظاهرات وشعارات الديمقراطية والحرية وغيرها تحولت أنقرة نحو الوسائل «الخشنة» المتمثلة فى الميليشيات والمرتزقة، فأسست تركيا شركة «صادات» الأمنية عام 2012 التى تعمل فى 20 دولة شرق أوسطية وأفريقية لتدريب الميليشيات على الفوضى والتخريب خاصة فى سوريا والعراق واليمن والصومال وليبيا والنيجر، وخير شاهد على هذا الأمر ما تقوم به تركيا من نقل الإرهابيين من شمال سوريا بعد أن انتهت مهمتهم هناك إلى ليبيا لنشر الفوضى فى شمال أفريقيا والقرن الإفريقى ومنطقة الساحل والصحراء.
محمد أحمد المجرن الرومي
لبنان الجريح
قال الكاتب محمد أحمد المجرن الرومى فى مقاله اليوم بصحيفة "الجريدة" الكويتية، أن الانفجار المروع الذى وقع فى ميناء بيروت يوم الثلاثاء 4 أغسطس 2020، والذى لم يشهده لبنان فى تاريخه الطويل، هز العالم وليس لبنان فقط، وقد تابعنا هذا الحدث الجلل عبر أجهزة التلفاز وشاهدنا الدمار الكبير الذى حل بالمنطقة وما جاورها من مناطق بعيدة، وشاهدنا الهلع والخوف والاضطراب والارتباك عند الناس الذين يبحثون عن أقاربهم وأصدقائهم، خصوصا فى مكان الحادث وفى المستشفيات التى لم تستوعب أعداد الضحايا والمصابين، وسمعنا وشاهدنا صراخ الناس وهم يهرولون إلى المستشفيات والشوارع المحيطة.
كان المنظر مؤثرا، خصوصا منظر الجرحى فى الشوارع وسيارات الإسعاف تسابق الزمن لنقل المصابين إلى المستشفيات التى لم تستوعب الجرح، كان هذا المنظر الحزين يشبه ما حصل فى نيويورك فى 11 سبتمبر 2001.
كان أقارب الضحايا فى المقابلات المتلفزة يصبون جام غضبهم على ما حدث، ويتهمون السلطات المختصة بالإهمال واللامبالاة، ولم تسلم الأحزاب السياسية من الهجوم، لاسيما زعماءها الذين أوصلوا لبنان الذى كان منارة ثقافية واقتصادية ووجهة سياحية فى المنطقة إلى هذا الوضع المأساوي، وما وصلت اليه البلاد من فساد وتناحر بين الأحزاب السياسية، وكان لبنان هو الضحية.
لقد هبت الكويت كعادتها عندما سمعت بما حل بلبنان من جراء هذا الحدث المروع لنصرة الأشقاء، وأعلنت تضامنها مع الشعب اللبنانى الشقيق لما حل به من كارثة كبيرة أودت بالكثير من القتلى والجرحى والمفقودين، فأرسلت المعونات إلى لبنان، فكانت الطائرة العسكرية الكويتية أول طائرة إغاثة تحط فى مطار رفيق الحريرى حاملة المساعدات الطبية والأدوية للأشقاء فى لبنان.