لماذا لا تسقط قضايا المخدرات بالتقادم كما فى القتل العمد؟.. المشرع أسقط العقوبة فى جناية إزهاق الروح حتى لا ينكأ جراحا اندملت بمضى الزمن.. والتقادم فى المخدرات يخل بمبدأ المساوة ويطعن القانون بعدم الدستوية

الإثنين، 07 سبتمبر 2020 04:41 ص
لماذا لا تسقط قضايا المخدرات بالتقادم كما فى القتل العمد؟.. المشرع أسقط العقوبة فى جناية إزهاق الروح حتى لا ينكأ جراحا اندملت بمضى الزمن.. والتقادم فى المخدرات يخل بمبدأ المساوة ويطعن القانون بعدم الدستوية مخدرات ومحكمة النقض
كتب علاء رضوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

المشرع في العصر الحديث لم يجعل من الألم الذي تحدثه العقوبة بمن ارتكب الجريمة وتهديد الاخرين بهذا الألم، وهو ما يسمي بالردع العام والخاص الغرض الوحيد من العقوبة، وإنما استهدف المشرع إلى جانب ذلك أغراض أخري عديدة أهمها محاولة إصلاح المجرم.

ولا شك في أن مرور مدة زمنية طويلة بعد صيرورة العقوبة باتة عمد فيها المحكوم عليه علي الهرب والتواري عن الانظار ما يعادل تنفيذ العقوبة، لأن المحكوم عليه خلال فترة هربه ينتابه شعور بالقلق من القبض عليه في أي لحظة ويعمد إلي تجنب المشاكل بل الناس حتي لا يفتضح أمره فيحيا حياة السجين خارج السجن، فضلا عن أن الجريمة والعقوبة إذا مضي عليها الزمن نسيا الناس وليس من المقبول نبش ما مضى وأحياء ما اندثر.    

images

لماذا لا تسقط قضايا المخدرات بالتقادم بعكس القتل العمد؟

في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بألاف القضايا الخاصة بتجارة المخدرات تتمثل في تقدير سياسة المشرع في استبعاد العقوبة المحكوم بها في جنايات الاتجار بالمخدرات من نطاق التقادم، وذلك في الوقت الذى كان فيه إسدال الستار عن عقوبة نسيها الناس ولا مصلحة لأحد من تنفيذها يستهدف إلى استقرار الأوضاع في المجتمع، ومن هنا كانت فلسفة المشرع في تقرير نظام التقادم، والأصل أن التقادم عام بمعني أنه يسري علي كل عقوبة محكوم بها لا فرق بين عقوبة وأخري ولا جريمة وأخري، وهو ما يطلق عليه مبدأ عمومية التقادم – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض ياسر سيد أحمد.   

في الحقيقة المشرع خرج عن هذا المبدأ فقرر في قانون مكافحة المخدرات عدم تقادم العقوبات المحكوم بها في جنايات الاتجار بالمخدرات، ونص علي ذلك في المادة 46 مكررا أ من القانون رقم 162 لسنة 1960 المعدل، ولقد عرض علي محكمة النقض واقعة كان فيها المتهم قد حكم عليه غيابيا في جناية اتجار بمخدر وقبض عليه بعد مرور 20 عاما وأمام محكمة إعادة الإجراءات دفع بتقادم العقوبة وحكمت المحكمة بالتقادم، لكن النيابة العامة طعنت في الحكم بطريق النقض، فألغت محكمة النقض حكم الجنايات للخطأ في تطبيق القانون لأن عقوبة جنايات الاتجار بالمخدر لا تخضع للتقادم – وفقا لـ"أحمد". 

محكمة-مصرية

 وحكمها يستند لقاعدة "الخاص يقيد العام"  

وقالت محكمة النقض في ذلك أنه: لما كان قانون الإجراءات الجنائية في الفصل الثالث من الباب الثاني من الكتاب الثاني الذي عنوانه: "في الإجراءات التي تتبع فى مواد الجنايات فى حق المتهمين الغائبين"، قد نص في المادة 394 على أنه: "لا يسقط الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات في جناية بمضي المدة وإنما تسقط العقوبة المحكوم بها ويصبح الحكم نهائياً بسقوطها" ونص في المادة 395 على أنه : "إذا حضر المحكوم عليه فى غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة لمضى المدة يبطل الحكم السابق صدوره سواء فيما يتعلق بالعقوبات أو بالتضمينات، ويعاد نظر الدعوى أمام المحكمة"، كما نص في الفقرة الأولى من المادة 528 من هذا القانون على أنه : "تسقط العقوبة المحكوم بها في جناية بمضي عشرين سنة ميلادية إلَّا عقوبة الإعدام فإنها تسقط بمضي ثلاثين سنة".  

 

وواضح من هذه النصوص أنه مادامت الدعوى قد رفعت أمام محكمة الجنايات عن واقعة يعتبرها القانون جناية، فإن الحكم الذى يصدر فيها غيابياً يجب أن يخضع لمدة السقوط المقررة للعقوبة فى المواد الجنائية وهى عشرين سنة إلَّا أنه لما كان من المقرر وفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة 46 مكرراً/أ من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والخاص بمكافحة المخدرات قد نصت على أنه : "لا تسقط بمضي المدة العقوبة المحكوم بها بعد العمل بهذا القانون فى الجنايات المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من هذه المادة"، وكان من المقرر أن القانون الخاص يقيد القانون العام. 

135080-1----مزارع-المخدرات

 لا تسرى مواد سقوط العقوبة فى قانون الإجراءات الجنائية

ولما كانت الدعوى الجنائية قد أقيمت قبل المطعون ضده لارتكابه جناية حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار، وقُضي عليه من محكمة الجنايات غيابياً بموجب المادة 34 من القانون سالف الذكر بتاريخ 6 سبتمبر 1990 بالسجن المؤبد وغرامة عشرة آلاف جنية، وإذ تم القبض على المطعون ضده بتاريخ 23 فبراير 2012،  فتمت إعادة إجراءات محاكمته، وقضت المحكمة بسقوط العقوبة بمضي المدة، مخالفة بذلك ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 46 مكرراً/أ سالف الإشارة، فإنها تكون أخطأت فى تطبيق القانون، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه، ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر الموضوع، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة، طبقا للطعن رقم 4071 لسنة 82 قضائية.

ولا شك أن حكم النقض صحيح، ولكن سياسة المشرع في المغايرة بين عقوبات الاتجار بالمخدرات وغيرها من عقوبات الجنايات الأخرى من حيث الخضوع للتقادم يرشح لعدم دستورية نصوص قانون المخدرات التي استثنت عقوبة الاتجار بالمخدرات من التقادم، إذ هناك جنايات أخري أشد خطورة من الاتجار بالمخدرات كالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والسم وخلافه، وتخضع العقوبات الصادرة فيها للتقادم، وبالتالي فإنه شبهة الاخلال بمبدأ المساواة بين المحكوم عليهم من حيث تقادم العقوبة وارد إذ جميعهم يخضع لمركز قانوني واحد وهو كونهم محكوم عليهم، وبالتالي فإن شبهة عدم دستورية نصوص قانون المخدرات في هذا الشأن تكون قائمة.  

 

مخدرات 1
مستند حكم1

 

مخدرات 2
مستند حكم 2

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة