يبلغ عدد المسلمين فى الولايات المتحدة الأمريكية نحو 4 ملايين شخص، وهناك تزايد ملحوظ لأعدادهم، إذ بحسب بعض الدراسات فإن المسلمين سيكونون ثان أكبر طائفة دينية فى البلاد متجاوزين اليهود، وعلى الرغم من أهمية المكوّن الأفريقى الأمريكى، بين المكونات العديدة التى تشكل الطيف الإسلامى فى البلاد، إلا أنه كثيراً ما يتم تجاهله.
ونشطت حركة التيار الإسلامى فى أمريكا، ومنذ مطلع القرن الماضى، ساهم ذلك وجود قادة دينين أسسوا حركات دينية، روجوا لأفكار نسبت إلى الإسلام، إلا أن أغلب هؤلاء طالتهم اتهامات بالتطرف والفساد، ومن أبرز القادة الدينيين للمسلمين فى أمريكا:
والاس فرد محمد
والاس فرد محمد هو واعظ دينى مسلم، وبحسب ما ورد فى كتاب الرسول لكارل إيفانز، فإن والاس الذى وُلد عام 1893، عمل على نشر الإسلام بين الأمريكيين من ذوى البشرة السمراء على وجه الخصوص، فأسس منظمة أمة الإسلام وتركزت نشاطاته فى مدينة ديترويت، حيث بنى عام 1930، وشكلت أفكار والاس انحرافاً فكرياً عن الخط الإسلامى التقليدى، فبحسب ما ورد فى كتاب "رسالة إلى الرجل الأسود" لمؤلفه إليجا محمد، فإن والاس كان يدّعى أنه المهدى المنتظر، كما أشاع بين أتباعه أنه تجسيد للذات الإلهية، وفى عام 1934، اختفى والاس فجأة، دون أية مقدمات، ليخلفه فى قيادة المنظمة صديقه إليجا محمد، ويذكر كلود أندرو، فى كتابه "حياة إليجا محمد"، أن الزعيم الثانى لمنظمة أمة الإسلام، كان من خلفية مسيحية، وأنه بعد قيادته للمنظمة، استطاع أن يطور أداءها وأن يحافظ على الأفكار والمعتقدات التى نشرها ودعا إليها سلفه، وأضاف فى الوقت نفسه بعضاً من الأفكار الجديدة، ومنها تسميته نفسه بالرسول وإسباغه نفسه بصفتى العصمة والتنزيه.
نوبل درو
ولد درو على، فى ولاية كارولاينا الشمالية بشرقي الولايات المتحدة سنة 1886، وكان اسمه تيموثى درو، لأب من أصول مغربية كان عبدا فى أميركا، ولأم من قبيلة "الشيروكى" من الهنود الحمر.
تقول بعض المصادر إنه فى السادسة عشرة من عمره عمل ساحرًا فى سيرك، وكان يتسنى له من هذا المنطلق التجول خارج الولايات المتحدة، حيث نزل فى إحدى الجولات بمصر، وكانت هذه الجولة فى مصر نقطة تحول في حياته، حيث التقى برجل متصوف ادعى أنه علمه حقائق كان يجهلها عن القرآن وغيرها من مبادئ الإسلام.
كما ادعى "درو على" أن هذا المتصوف رأى النبى متجسدًا فيه، وبعد عودته لأميركا ظلت فكرة النبوة تعتمل في ذهنه حتى صدح بها إثر رؤيته حلما قيل له فيه "يجب عليك تأسيس دين جديد لرفع البشرية المنهارة".
وأسس درو حركة تسمى "الموريش" أو من يعرفون أنفسهم بمغاربة أميركا، هم طائفة دينية ظهرت في الولايات المتحدة رسميا قبل أكثر من قرن، حيث أعلن مؤسس الطائفة نوبل درو علي في العام 1913 نفسه نبيًّا وأسس معتقدا يخلط بين مبادئ الإسلام وطقوس المسيحية.
المتتبع لنشأة هذه الطائفة مع بداية القرن العشرين يدرك أنها ظهرت في ظروف صعبة كان يمر بها السود بأميركا، مما يرجح أن تكون ردة فعل طبيعية لإثبات أنهم ليسوا زنوجا، بل من أصول أفريقية مغربية، وبالتالي يجب أن يعاملوا على قدم المساواة مع سكان الدولة شأنهم شأن باقي الأعراق الأخرى، وأعلن مؤسس الجماعة درو علي أن الديانة الأصلية لسود أميركا هى الدين الإسلامى، وأن عليهم الرجوع إلى أصولهم العقائدية، لكن معتقدهم مختلف كثيرا عن الممارسات الإسلامية، إذ يركز بالأساس على الصراع العرقي بين السود والبيض، وعلى تربية تاريخية تنسب الأتباع إلى شمال أفريقيا.
إلايجا محمد
كان اسمه إليجا بول، وقد ولد فى مدينة ساندرفيل بولاية جورجيا بالولايات المتحدة الأمريكية، وانتقل منها إلى مدينة دترويت بولاية ميتشيجان فى العشرينيات من القرن العشرين، والتقى بـ دبليو دى فارد (أو فاراد) مؤسس الحركة، وغير اسمه إلى إليجا محمد بعد أن أعلن إسلامه، وقاد الحركة بعد اختفاء فاراد فى عام 1934م.
من الصعب أن يُذكر اسم إلايجا محمد دون أن يتبعه لفظ "المبجل" ودون أن يعامَل كرسول من قِبل أى من الذين قابلهم عبدالرحمن محمد فى هذه السلسلة، وهي الألفاظ التى كانت تطلق كذلك على مؤسس منظمة "أمة الإسلام" والاس فارد محمد، قبل أن يختفى ويحل مكانه إلايجا. على الرغم من هذا التعارض مع الديانة الإسلامية، التى تقول إن محمداً - صلى الله عليه وسلم - هو خاتم الأنبياء، نرى التزام منتسبي المنظمة وجمهورها بتعاليم الإسلام وأركانه، ولكن مع وعيٍ تلموديٍّ أحياناً يبرر للمبجل إلايجا محمد تجاوزه لقواعد الدين؛ ومن ثم يرفعه عن مصافّ البشر نحو مصافّ النبوة.
لكن مالكوم إكس الذى أمضى 12 عاماً كاملةً فى كنف ورعاية إلايجا، قرر فى النهاية أن ينتفض على هذه العلاقة البطريركية التي يشوبها الفساد والإثراء الفاحش على حساب فقراء السود الذين كان يناضل من أجلهم، وعليه فقد انشق عن المنظمة، وهو ما حتّم اقتراب نهايته.
علَّم أتباعه الاعتماد على أنفسهم وتحقيق الاكتفاء الذاتى بإقامة مدارسهم وأعمالهم الخاصة بهم، ونادى بأنه ينبغى على السود أن يقتصدوا، وأن يكون سلوكهم نظيفًا، وأن يعملوا بجد واجتهاد، ويمتنعوا عن تناول لحم الخنزير والمخدرات والتبغ والكحول وكل المحرمات التى أكد الإسلام على أهمية البعد عنها لما تسببه من أضرار للفرد والمجتمع.
مالكوم إكس
اسمه عند مولده: مالكوم ليتل، ويُعرف أيضاً باسم الحاج مالك الشباز، هو داعية إسلامي ومدافع عن حقوق الإنسان أمريكي من أصل إفريقي (إفريقي أمريكي)، صحَّح مسيرة الحركة الإسلامية في أمريكا بعد أن انحرفت بقوَّة عن العقيدة الإسلامية، ودعا للعقيدة الصحيحة، وصبر على ذلك حتى اغتيل بسبب دعوته ودفاعه عنها. بالنسبة لمحبيه: كان مالكوم إكس رجلاً شجاعاً يدافع عن حقوق السود، ويوجِّه الاتهامات لأمريكا والأمريكيين البيض بأنهم قد ارتكبوا أفظعَ الجرائم بحق الأمريكيين السود. وأما أعداؤه ومبغضوه فيتهمونه بأنه داعيةٌ للعنصرية وسيادة السود والعنف. وقد وُصف مالكوم إكس بأنه واحدٌ من أعظم الإفريقيين الأمريكيين وأكثرهم تأثيراً على مر التاريخ.
قُتل والده على يد مجموعة من العنصريين البيض عندما كان مالكوم إكس صغيراً، كما أن واحداً على الأقل من أعمامه قد أُعدم دون محاكمة، وأما أمه فقد وضعت في مستشفى للأمراض العقلية عندما كان في الثالثة عشر من عمره، فنُقل مالكوم إكس إلى دار للرعاية. وفي عام 1946م، أي عندما كان عمره عشرين سنة، سُجن بتهمة السطو والسرقة.
لويس فرخان
زعيم تنظيم "أمة الإسلام" بأميركا. عرف بمواقفه وتصريحاته المثيرة للجدل، والتي جلبت له اتهامات من أعدائه بالعنصرية ومعاداة السامية والإعجاب بالنازية، في حين يشبهه عدد من مؤيديه بـ"مانديلا الأميركي".
ولد لويس فرخان يوم 11 مايو 1933 بحى"برونكس" في مدينة نيويورك، من أب ينحدر من أصل جامايكى، كان اسمه عند مولده لويس يوجين والكوت. وقد نشأ في مدينة بوسطن بولاية ماساشوسيت.
التحق لويس فرخان بجماعة "أمة الإسلام" بتأثير من مالكوم إكس، لكن ثارت مشاكل بينهما بعد ترك هذا الأخير للحركة عام 1964 وإنشائه جناحا معتدلا ارتكز على الإسلام السلفي التقليدي، وظلت تلك المشاكل متواصلة إلى حدود اغتيال إكس يوم 21 فبراير 1965.
لاحقته إشاعات بأنه كان له دور مزعوم في الاغتيال، لكنه رد عليها بقوله إنها "مؤامرة دبرتها الحكومة الأميركية لغرس بذور الاحتقار والكراهية له، لأن تلك القوى قررت أنني يجب ألا أبقى".
اتهم الحكومة الأميركية في أواسط تسعينيات القرن الماضي بإطلاق أحد تجار المخدرات الرخيصة "الكراك" ليكون وسيلة للقضاء على الجنس الأسود. وعندما استطلعت أجهزة الإعلام الأميركية -كصحيفة "نيويورك تايمز"- آراء الأميركيين السود حيال اتهامات فرخان اكتشفت أن 60% منهم يعتقدون أن ما ذكره صحيح أو يحتمل الصواب على الأرجح، وعزا في أحد خطاباته نهاية القرن الماضي ارتفاع معدل جرائم القتل بين السود إلى ما وصفه بمؤامرة دبرها البيض لزيادة المعروض من الأعضاء البشرية لاستخدامها في العمليات الجراحية.