قى ظل جهود الدولة المصرية لمواجهة تداعيات وتحديات أزمة كورنا، على كل المستويات الاقتصادية والصحية والاجتماعية، هناك فئة من معدومى الضمير يطلون برؤوسهم في كل أزمة، مستغلين تجارة الموت من أجل الثراء السريع، متسلحين بالجشع لتحقيق أرباح فلكية، سواء من خلال السوق السوداء، مثلما حدث مع الكمامة وتخزينها، وكذلك احتكار أدوية الفيتامينات ومقويات جهاز المناعة، وصولا لاحتكار أنابيب الأكسجين، غير عابئين بحياة المرضى فى المستشفيات، ولا بصراخ ذويهم على آلام مرضاهم، ولا بتضحيات الجيش الأبيض، كل هدفهم هو الثراء حتى لو كان حراما.
وهنا، تحركت أجهزة الدولة، بشن الحملات واتخاذ عدة قرارات صارمة، للسيطرة على الأزمة والضرب بيد من حديد، على كل من تسول له نفسه بالمتاجرة في حياة المرضى والمواطنين، فوجدنا حملات مكثفة على الصيدليات ومصانع إنتاج المستلزمات الطبية والأدوية، والأسواق السوداء، فى كافة مناحى الجمهورية، وبالفعل انتهت الموجة الأولى بسلام في ظل سيطرة من الدولة ووفرة من الأدوية والمستلزمات.
لتأتى أزمة أخرى منذ أيام، وهى إطلاق شائعات حول نقص الأكسجين الطبي فى المستشفيات، وتحدث حالة من الهلع على مواقع التواصل الاجتماعى من ناحية، ونجد من يستغل الأمر لصالح أهدافه الخبيثة، لإظهار صورة بأن مصر عاجزة، وأنها تغرق في بؤرة الوباء، الأمر الذى سيكون له تداعياته الخطيرة اقتصاديا وصحيا على الشعب المصرى.
لكن تخرج الدولة كعادتها، وتعلن أن هناك حربا شرسا من مطلقى الشائعات الحرام، وأنها بالمرصاد، وأنها تبذل كل الجهود والمساعى لتوفير كل ما يلزم لعبور الأزمة بأمان، وأن هناك مخزونا استراتيجيا للأكسجين الطبي في مستشفيات العزل.
لتتأكد حقيقة، أن الأزمات هي الكاشفة لحقيقة الناس، لمعرفة من يتحلى بصفات الكرم والفداء والتضحية، ومن طبعه الأنانية والاستغلال والجشع، ونموذجا على ذلك ما يفعله أبطال "الجيش الأبيض" من العاملين بالمنظومة الصحية، الذين يتسمون بكل معانى التضحية من أجل الآخرين، ولو على حساب حياتهم الشخصية، وكذلك عدد من المؤسسات ورجال المجتمع المدنى الذين يبذلون قصارى جهودهم في التعاون والتكاتف مع الدولة، حتى وإن كان الثمن الموت أو الإفلاس، فيما أظهرت الأزمة أيضا مجموعة من الأشخاص المستغلين المتسلحين بالجشع.
وأخيرا.. ليس أمامنا إلا أن نذكر موقف الأزهر الشريف، تلك المؤسسة الدينية الأكبر في العالم، من هذه الأزمة، وفقا لما نشره مرصد الأزهر، بأن الاحتكار جريمة دينية واقتصادية واجتماعية، وثمرة من ثمرات الانحراف عن منهج الله، وقد تنوعت صوره، وتعددت أساليبه، وأنه لا يكون في الأقوات فحسب، وإنما يكون في كل ما يحتاج إليه الناس من مال وأعمال ومنافع؛ ذلك أنه من المقرر فقهًا أن «الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أم خاصة»، فمواقع الضرورة والحاجة الماسة مستثناة من قواعد الشرع وعموماته وإطلاقاته، فالاحتكار المحرم شامل لكل ما تحتاج إليه الأمة من الأقوات والسلع وغيرها، وكذلك العمال والخبرات العلمية والمنافع لتحقق مناطه، وهو الضرر اللاحق بعامة المسلمين من جراء احتباسه وإغلاء سعره..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة