كان البطل عبدالمنعم خالد، ابن مدينة السويس، شابا يعمل سائقا فى إحدى الشركات التى تذهب سياراتها من السويس إلى القاهرة كثيرا، وكان واحدا من شباب المدينة الباسلة الذين قاموا بحماية منشآتها الحيوية بعد هزيمة 5 يونيو 1967، وقاموا أيضا بجمع الجنود الشاردين وجمع أى أسلحة يجدونها، لكنهم كانوا يبحثون عن دور أكبر من أجل تحرير الأرض التى اغتصبها العدو الصهيونى فى 5 يونيو، ولأجل هذا الهدف، ذهب عبدالمنعم خالد إلى مكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى إحدى رحلاته إلى القاهرة، وطلب منهم أن ينضم إلى أبطال المقاومة الفلسطينية لمحاربة العدو الصهيوني، ولم يتحقق طلبه، لكنه كان الباب الذى انفتح على تأسيس «منظمة سيناء العربية» التى نفذت عمليات فدائية عظيمة ضد الاحتلال الصهيونى، حسبما يذكر الكاتب الصحفى محمد الشافعى فى كتابه «حكاية المجموعة 39 قتال».
اعتذر المسؤولون بمكتب المنظمة لعبدالمنعم خالد، لعدم معرفته بطبوغرافية أرض فلسطين، ما سيجعله عبئا على زملائه، وفقا لـ«الشافعى»، مضيفا: «عاد إلى السويس ليجد أمامه طلب استدعاء عاجل إلى مكتب المخابرات الحربية بالمدينة، وفيها سألوه عن أسباب ذهابه إلى مكتب منظمة التحرير الفلسطينية، فأخبرهم بالسبب، فقالوا له: تستطيع أن تحارب العدو الصهيونى من السويس.. وسألوه: هل يوجد من شباب السويس من يطلب نفس طلبك؟ أجاب: كل شباب السويس».
انصرف عبدالمنعم خالد، ثم عاد ومعه صديقه غريب محمد غريب.. يذكر الشافعى: «توالى حضور شباب السويس، مصطفى أبوهاشم، محمود عواد، محمود طه، ميمى سرحان، عبد المنعم قناوى، فتحى عوض الله، وآخرين، لتولد منظمة «سيناء العربية»، يوضح الشافعى أن هؤلاء كونوا الفرع المدنى من المنظمة، وضم مجموعة رائعة من الفدائيين الذين تدربوا على أيدى ضباط المخابرات الحربية، وضباط الصاعقة، وتحولوا إلى محاربين من قوات «الكوماندوز»، يؤكد: «فى نفس الوقت تقريبا الذى سعى فيه عبدالمنعم خالد، إلى مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بالقاهرة، كان النقيب أحمد رجائى عطية يسعى لدى اللواء محمد أحمد صادق قائد المخابرات الحربية لتشكيل وحدة خاصة من قوات الجيش للقيام بعمليات نوعية ضد العدو الصهيونى، وهكذا ولدت منظمة سيناء العربية، وعمل البطل الأسطورى إبراهيم الرفاعى، ورجاله، تحت هذا العنوان لفترة من الزمان، ثم عملوا تحت عنوان «الكوماندوز المصريون» لفترة أخرى، وفى النهاية تم إطلاق اسم «المجموعة 39 قتال» على مجموعة إبراهيم الرفاعى فى 25 يوليو 1969».
مضت «منظمة سيناء العربية» فى تنفيذ عملياتها الفدائية، دون أن تذكر اسمها، حتى يوم 16 ديسمبر 1968، وفيه نشرت «الأهرام» خبرا قصيرا فى صفحتها الأولى نصه: «علم مندوب الأهرام أن منظمة سيناء التى قامت بعملية فدائية ضد العدو بضعة أشهر سيعلن عن قيامها قريبا، وكانت هذه المنظمة تلتزم السرية فى عملياتها، وقررت قيادة المنظمة الفدائية لتحرير سيناء أن ترفع السرية عن قيامها لتتحمل مسؤوليات أعمال المقاومة ضد الوجود الاستعمارى الإسرائيلى، كما تكشف أولا بأول فى بلاغات رسمية عملياتها النضالية ضد قوات العدو، الذى يحاول أن يخفى ما تتعرض له قواته من مقاومة مسلحة».
بالرغم من تنويه «الأهرام» إلى أن قيادة «منظمة سيناء» قررت رفع السرية عن عملياتها الفدائية، إلا أنها لم تذكر اسمها بالضبط فى الخبر المنشور يوم 16 ديسمبر، وفى اليوم التالى «17 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1968» أزاحت «الأهرام» الستار عن اسمها، وذلك فى تحقيق مطول نشرته فى صفحتها الثالثة، واتخذت منه مانشيتها الرئيسى فى الصفحة الأولى بعنوان «تفاصيل مثيرة عن عمليات المنظمة الفدائية فى سيناء»، وفى عناوينها الشارحة ذكرت: «أخطر عمل قام به الشباب الذين كونوا هذه المنظمة هو نسف الذخيرة التى تركها الجيش المصرى لكى لا توجه ضده»، و«أحبطت المنظمة خطة إسرائيلية للتخريب غربى القناة وتم القبض على المشتركين فيها فعلا نتيجة معلوماتها»، و«المنظمة طاردت بعض الهاربين من هؤلاء المخربين وعادت بهم من داخل المعسكرات الإسرائيلية، وسلمتهم إلى حيث حوكموا وصدر الحكم عليهم بالإعدام فعلا».
تكشف «الأهرام» فى تحقيقها تفاصيل العمليتين وكيفية تنفيذهما، كما ذكرت عملية أخرى وهى «نسف قطار عسكرى إسرائيلى عند منطقة «رمانة»، تذكر فى التفاصيل «أنها حصلت على معلومات خاصة عن النشاط المسلح الذى قامت به «منظمة سيناء العربية»، وهى منظمة المقاومة الفدائية التى بدأت عمها فى الصحراء المقدسة منذ الأيام الأولى التى تلت معارك الأيام الستة مباشرة، تضيف «الأهرام»: «من هذه المعلومات أن العمل الفدائى فى سيناء بدأ فرديا فى بدايته، حيث كون بعض الأفراد جماعات باشرت أشكالا من النشاط الواسع، ثم توحدت هذه الجماعات فى منظمة واحدة تحت اسم منظمة سيناء العربية».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة