مما لا شك أن الدولة المصرية تولى اهتماما كبيرا لتطوير منظومة التعليم ، فى الوقت نفسه لا تنكر أن هناك صعوبات وتحديات كبيرة فى مجالات عدة، مفضلة أن تبدأ بالتطوير على أن لا تنتظر توفير الإمكانيات الضخمة لحل صعوبات مثل زيادة مرتبات المعلمين أو بناء فصول مدرسية، لأن هذا لن يحدث مرة واحدة، ولهذا بدأ الدكتور طارق شوقى وزير التعليم، عملية التطوير منذ أن تولى المسئولية، والتى تهدف إلى تغيير المنظومة بأكملها لتتحول من التعليم إلى التعلّم، بل إحداث ثورة تجعل أبناءنا على مسار التقدم المعرفي، وليس التعليم للحصول على الشهادات، وبالفعل قررت الدولة الاستثمار فى التعليم الرقمى بداية من 2016 ونجحت فى جلب المحتوى لبنك المعرفة، وبدأ التطبيق 2018 بداية من المرحلة الثانوية ومرحلة رياض الأطفال.
وتظل الدولة رغم أزمة كورونا التى ضربت العالم أجمع، حريصة على تحقيق هدفها وتسعى إلى التحديث والتطوير سواء في المناهج أو فى طريقة الامتحانات وشكلها، وشعارها الخروج بأقل الخسائر التعليمية فى ظل الجائحة، بحيث لا تتعطل عملية التحصيل الدراسية، بالتزامن مع الحفاظ على صحة الطلاب والأسرة المصرية، وهذا توجه يستحق التقدير، وخاصة أن هناك محاولات مغرضة من مدمنى الشائعات، ومن متربصين بفهم أو بغير فهم لأى قرارات للوزير وخاصة من الذين همهم أن يحصل أبناؤهم على الشهادة الكبيرة بعيدة عن الجودة والتعلم فى حد ذاته.
متجاهلين، أن البدء فى سياسة التطوير هذا، كان بمثابة طوق النجاة فى ظل جائحة كورونا، حيث أتت الأزمة وكانت الدولة بدأت بالفعل فى تنفيذ بنوك الأسئلة وبنوك المعرفة وإدخال التكنولوجيا فى العملية التعليمية، وهذا ما مكن الدولة من استكمال العملية التعليمية والدراسية دون توقف ودون وقوع أى ضرر على الطلاب، ورغم هذا النجاح، فما زالت أيضا محاولات المقاومة مستمرة، فوجدناها بعد قرارات وزير التعليم الأخيرة الخاصة بتفاصيل عودة الفصل الدراسى الثانى، بداية من طريقة الاختبارات الجديدة، مرورًا بطريقة استئناف العام الدراسى، وانتهاءً بامتحانات آخر العام.
والعجيب حقا أن هؤلاء المتربصين والمعارضين دائما يتحدثون وكأن ليس هناك أزمة عالمية تجتاح العالم كله، وينتقدون وهم لا يرون أن هناك دولا ما زالت تغلق مدارسها منذ بداية الأزمة، ويتجادلون وهم يعلمون أن أعتى المنظومات انهارت في دول عظمى، بل يطالبون بعودة ظواهر اجتماعية هم أنفسهم وصفوها بأنها غير حميدة، كالدروس الخصوصية، بل وصل بهم الحد أنهم كانوا يعارضون في الماضى سياسات الحفظ والتلقين فى المناهج واليوم ينادون بعودتها رافضين وسائل الفهم والحداثة فى التعليم.
ورغم هذا، تواصل الدولة مسيرتها، ليس فقط فى تسيير العملية التعليمية والخروج بها لبر الأمان في ظل الجائحة، بل مواصلة بناء المنظومة الجديدة، حتى فى التعليم الفنى سواء بالاعتماد على فكرة الجدارات، والتى تعمل على إعطاء الطالب مهارات متخصصة فى مجاله أو باستحداث تجربة المدارس التكنولوجيا التطبيقية بالتعاون مع الشريك الصناعى بهدف توفير فرصة أفضل لطلبة التعليم الفني.
لذا.. ندعو إلى منح الفرصة كاملة فى تطبيق ما تصبوا إليه الدولة، وننتظر النتيجة النهائية، فيكفى الاجتهاد فى التطوير والبناء فى ظروف صعبة تواجه العالم بأسره، وأن نتخلى عن المورثات الاجتماعية التى ترسخ النجاح فى الامتحانات هو الغاية النهائية، فالأهم يا سادة، أن يكون لدينا خريج يصلح لسوق العمل متسلح بكل وسائل المعرفية التى تتناسب مع العصر الذى يعيش فيه، فيعود هذا بالنفع على أسرته أولا ثم على المجتمع ثانيا، فابحثوا عن التعلم لا عن الشهادات، يرحمنا ويرحمكم الله!.