تربط مصر والسودان علاقات قوية واستراتيجية منذ زمن بعيد، إلا أنها شهدت تطورا كبيرا على كافة الأصعدة، وخاصة بعد قيام الرئيس السيسى بزيارة مهمة للخرطوم منذ عدة أيام، أعقبها زيارة خاصة لرئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك للقاهرة منذ 11 مارس الماضى، ليكون لذلك دلالات مهمة تُنبىء عن قوة العلاقات بين البلدين خلال الفترة المقبلة فى ظل التحديات الكبرى التى تمر بها المنطقة وتداعيات ملء سد النهضة من جانب أحادى، خرقا لكافة المعاهدات والمواثيق والأعراف الدولية.
ومن المؤكد أن تعاقب هذه الزيارات يدل على أن هناك تطورا استثنائيا فى تاريخ العلاقات المصرية – السودانية، وخاصة أن هذه الزيارات تتضمن التفاهم حول العديد من الملفات المشتركة، من بينها بحث أزمة سد النهضة وأزمة الحدود السودانية الإثيوبية، والتأكيد على أن الأمن القومى المصرى والسودانى جزء لا يتجزأ من بعضه.
وهنا يأتى حرص مصر على مواصلة التعاون والتنسيق مع السودان فى كافة الملفات، بل والدفع نحو سرعة تنفيذ المشروعات التنموية المشتركة، كالربط الكهربائى وخط السكك الحديدية، والمساهمات الصحية والاجتماعية لتحقيق تبادل تنموى كبير يليق بتاريخ العلاقات بين الشقيقتين.
لكن أكثر الدلالات أهمية، هى أن هذه الزيارات، عملت وبشكل جدى على تفكيك خطاب عدائى لوسائل إعلام أثيوبية خلال الفترة الماضية تحاول من خلاله بث روح الفرقة والاختلاف، مُدعين أن مصر غير مهتمة بالمصالح السودانية، إلا أن الحزم التعاونية والاتفاقيات الثنائية التى نتجت عن هذه الزيارات كذبت هذه الافتراءات والإدعاءات.
وأخيرا فإن هذه الزيارات، بمثابة رسالة واضحة للعالم وللمجتمع الدولى، بأنه لم ولن يُسمح بأى تهاون في دفاع القاهرة عن أمنها القومى، وعن حقها فى مياه النيل، مع تفهمها الواضح لعملية التنمية للدول الشقيقة، وهذا ما تؤكده الدولة المصرية خلال كافة المراحل منذ تصاعد الأزمة، ليكون خير دلالة لهذه العلاقات الممتدة عبر الأزمان..