لا شك أن العلاقات بين مصر والسودان إرث تاريخى منذ الأزل، تربطها وحدة الهدف والمصير، ولهذا تُولى القيادة المصرية منذ ثورة يونيو اهتماما بالغا بالمشاركة والتعاون بما يصب فى مصلحة الشعبين الشقيقين، وهذا ما انعكس بالقيام بزيارات دبلوماسية ودينية وعسكرية بل ورئاسية بشكل مكثف خلال الفترة الماضية، والتى أتت بثمار كثيرة، أهمهما توافق الرؤى، وتوقيع اتفاقيات مهمة للتعاون المشترك فى مجالات التنسيق العسكرى، والتعاون سياسا واقتصاديا بين البلدين.
ليطلق خبراء الساسة، أن الأسبوع الماضى، كان أسبوعا مصريا سودانيا بامتياز، سعت فيه القاهرة لترسيخ الروابط والعلاقات مع الخرطوم فى كافة المجالات، وإعلان التضامن كنهج استراتيجى تفرضه الأوضاع الراهنة بالمنطقة، فى ظل وجود تحديات وتهديدات متعددة تواجه الأمن القومى فى البلدين.
وتكمن أهمية الملفات التى تم طرحها خلال هذا الأسبوع، والتى حملت الأوضاع الأمنية بإفريقيا والبحر الأحمر، بجانب قضية سد النهضة، فى التوصل إلى رؤية مشتركة للعمل السياسى، خاصة أن المرحلة الدقيقة التى تمر بها المنطقة الآن تتطلب أعلى درجات التنسيق بين مصر والسودان بوصفهما دولتى المصب اللتين ستتأثران بشكل مباشر بهذا السد.
وما يعظم استمرارية واستكمال النجاحات التى تمت خلال الأسبوع الماضى، الزيارة المرتقبة لرئيس وزراء السودان "عبد الله حمدوك" يومى 11 و12 مارس الجارى، والتى قطعا ستعمل على مواصلة الدعم والتوافق هذا، وخاصة أن هناك مشروعات كثيرة بين مصر والسودان، أهمها مشروع الربط الكهربائي بجانب التعاون الاقتصادى والتجارى الواجب حدوثه، نظرا للمرحلة الدقيقة التى تمر بها الخرطوم فى تطبيق الإصلاح الاقتصادى وتداعياته بالبلاد.
ولأن السودان عمق استراتيجى لمصر، وبالتالى ما يهدد الأمن القومى السودانى يهدد بالتباعية الأمن القومى المصرى، فدائما تحرص مصر على أن يكون لها دور فاعل بشأن تطورات الأوضاع بالسودان، ونموذجا على ذلك دورها الداعم والمحورى فى المفاوضات التى دارت بين قوى الحرية والتغيير والقوى الثورية، بل ولم تكتف القاهرة بهذا الدور بل تصر على القيام بدور محورى وشامل خلال الفترة المقبلة لدعم السودان أمنياً واقتصادياً وسياسياً.
وأخيرا.. فإن مصر أكدت بقوة للمجتمع الدولى، خلال هذا الأسبوع الحافل بالكثير من الإنجازات وتلاقى الرؤى، أنها داعمة للأشقاء العرب، وأن القاهرة والخرطوم "إيد واحدة" فى مواجهة أى مخاطر أو تحديات من شأنها تعكير الصفو أو تكدير السلم العام فى البلدين.. فحفظ الله مصر وشقيقتها السودان..