سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 13 يونيو 1980.. إسرائيل تنفذ اغتيال العالم المصرى يحيى المشد المشرف على برنامج العراق النووى.. وصدام حسين لزوجته: «فقدت أخا عزيزا»

الأحد، 13 يونيو 2021 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 13 يونيو 1980.. إسرائيل تنفذ اغتيال العالم المصرى يحيى المشد المشرف على برنامج العراق النووى.. وصدام حسين لزوجته: «فقدت أخا عزيزا» العالم المصرى يحيى المشد
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
غادر العالم النووى الدكتور يحيى المشد، بغداد إلى باريس، يوم 7 يونيو 1980، ونزل بفندق مريديان غرفة 9041، وخلال زيارة لمصنع «سارسيل»، قال للعلماء الفرنسيين: «إننا نسجل صفحة جديدة فى تاريخ العالم العربى»، وهذا بالضبط ما كان يقلق إسرائيل، حسبما يذكر كتاب «عن طريق الخداع، صورة مروعة للموساد من الداخل»، تأليف: فيكتور أوستروفسكى، كلير هوى، ترجمة هشام عبدالله، ماهر الكيالى، جورج خورى.
 
كان «المشد»، مديرا لمشروع «التسليح النووى العراقى الفرنسى»، الذى بدأ بتوقيع صدام حسين اتفاقا بشأنه مع فرنسا يوم 18 نوفمبر 1975.. كان «المشد» فى الـ43 عاما «مواليد، بنها، 1932»، وابنا لمرحلة المد العربى بفضل ثورة 23 يوليو 1952، واختير لبعثة الدكتوراه إلى لندن 1956، لكنه تحول إلى موسكو بسبب العدوان الثلاثى على مصر، وعاد عام 1963، لينضم إلى هيئة الطاقة النووية، وأستاذًا بهندسة الإسكندرية قسم الهندسة النووية.. كانت بعثته تأسيسا لقاعدة علماء المشروع النووى المصرى وباكورته فى «أنشاص»، لكن الحلم توقف بعد نكسة 5 يونيو 1967، ومع تبخره نهائيًا فى سبعينيات القرن الماضى سافر العديد منهم إلى العراق ومنهم «المشد».
 
قررت إسرائيل اغتياله تصميما منها على عدم إتمام البرنامج النووى العراقى بأى وسيلة.. يكشف الصهيونى «أوستروفسكى» فى كتابه «عن طريق الخداع»: «اعترض الإسرائيليون تلكسات تذكر بالتفصيل برنامج سفر المشد فى باريس، مما سهل عليهم وضع أجهزة التنصت فى غرفته قبل وصوله».. وينقل تصريحات زوجته «زنوبة الخشخانى» لصحيفة مصرية، بأنها وزوجها وأطفالها الثلاثة «بنتان وصبى» كانوا على وشك قضاء إجازة فى القاهرة، واشترى زوجها تذاكر الطائرة بالفعل، لكن مسؤول من مصنع «سارسيل» بفرنسا هاتفه.. تؤكد أنها سمعت زوجها يقول: ولماذا أنا؟.. يمكننى أن أرسل خبيرا.. تعتقد أن عميلا إسرائيليا فى الحكومة الفرنسية نصب له فخا..تؤكد: «كان هناك خطر بالطبع، لكن كان يقول لى إنه سيتم مهمته بإيجاد القنبلة حتى لو اضطر أن يضحى بحياته فى سبيل ذلك».
 
يؤكد «أوستروفسكى»: «كان «الموساد» يعلم أنه عنيد وليس سهل الانخداع، وقرر الاتصال به مباشرة.. أرسل «يهود غل» وهو ضابط يتكلم العربية إلى باب غرفته.. فتح المشد الباب فتحة ضيقة مكنته من إلقاء نظرة خاطفة، لكنه أبقاه مربوطا بالسلسلة، وقال بحدة: من أنت؟ وماذا تريد؟.. قال «غل»: أنا من سلطة تدفع نقودا كثيرة للحصول على أجوبة.. رد المشد: «اذهب عنى أيها الكلب، وإلا اتصلت بالشرطة»..ذهب «غل».. طار فورًا إلى إسرائيل لئلا يرتبط بمصير المشد، الذى لاقى مصيرا مختلفا، فبينما كان نائما تسلل رجلان بهدوء إلى شقته بمفتاح خاص وذبحاه يوم 13 يونيو، مثل هذا اليوم، 1980، وثبطت يافطة «الرجاء عدم الإزعاج» على الباب، عزمت الخادمة، وأخيرًا قرعت الباب ولم تسمع جوابا، فدخلت الغرفة يؤكد أيضًا «غوردن توماس»، فى كتابه «جواسيس جدعون التاريخ السرى للموساد، ترجمة»، «مروان سعد الدين». 
 
أرسل إسحاق هوفى، رئيس الموساد، فريقًا من «الكيدون» لاغتياله، ولحق الفريق برحلة شركة «العال» وعاد إلى «تل أبيب».
أرادت «إسرائيل» تلويث سمعته، بزعمها أنه قبل اغتياله كان مع «غانية» بحجرته، ويفند الكاتب الصحفى عادل حمودة، مؤلف كتاب «الموساد واغتيال المشد» هذه المسألة، قائلا: «عاد يوم اغتياله إلى الفندق يحمل أكياسا من البلاستيك الملونة.. فيها هدايا صغيرة لأسرته..فستان وجونلة وساعة يد وجوارب نسائية من النايلون لزوجته وابنته لمياء.. فى المصعد لحقت به العاهرة مارى كلود ماجال.. وبصوت فاحت منه رائحة إغراء رخيص مفتعل حاولت إقناعه بالاستجابة..لكنه انشغل بقراءة إعلانات الفندق الموضوعة فى الأسانسير..وكررت المحاولة: «أنت جذاب جدًا».. «لا تتردد فلن تندم».. وعندما يأست تمامًا قالت: «أرجوك لا تشعرنى بالإهانة».. وبمجرد أن وصل للدور التاسع سارع بالخروج، ودخل غرفته وأغلق الباب، وفيما بعد قالت فى تحقيقات الشرطة، التى تأخرت 15 يومًا، إنها لم تذهب إلى غرفته.. لكنها اقتربت من الباب.. وسمعت ضجة منبعثة من الداخل..فقررت الهروب من موقع الجريمة.. ووجدت الشرطة إلى جانب الجثة منشفة حمام «بشكير» تعمد القتلة تلويثه بمساحيق نسائية حتى يثبتوا أن الجريمة سببها علاقة جنسية وليست علاقة مخابراتية.. إنهم لم يكتفوا باغتيال جسده وإنما سعوا لاغتيال شخصيته»، وقتلت هذه «الغانية» بعدها بأيام. 
 
فى دراما هذه القصة، تكشف زوجته لبرنامج «وثائقى» بقناة «الجزيرة»، أنها طلبت صدام حسين تليفونيا.. قالت له «أنا حرم الدكتور المشد»، رد: «أهلا بيكى فى بلدك يا أختى احنا كلنا جنبك»، ردت: «أنا عايزة أقابل جنابك»، فقال: تتفضلى بكرة الساعة 6 بعد الظهر».. فى الموعد المحدد ذهبت، رحب صدام: «أهلا بكم بأهلى وقرايبى وإخواتى فى بلدكم، اتفضلوا».. تؤكد: «جه على كنبة عريضة قعد فى النص، وأنا على اليمين، و«لميا» على الشمال، وحط إيديه علينا زى نسر، قال «أنا فقدت أخ، أخ عزيز علىّ وهو الدكتور المشد، أنتم لو طلبتم روحى ما تفدهوش، روحى نفسها، أنتم أهلى، تطلبى تقعدى معانا فى العراق ابنى لك قصر جنب قصرى، أعمل لك اللى أنت عايزاه». 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة