تمر، اليوم، الذكرى الـ1380 على فتح المسلمين بقيادة عمرو بن العاص لمصر بشكل كامل، بعدما تمكنوا من القضاء على آخر معاقل الروم فى الإسكندرية، وذلك فى يونيو عام 641، حيث تمكن جيش المسلمين من فتح أغلب مناطق مصر خاصة حصن بابليون الذى كان يشكل عاصمة الحكم الرومانى فى مصر.
فتح مصر كان بقيادة القائد المسلم عمرو بن العاص، بأمر من أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب، ثان الخلفاء الراشدين، فهل كان فتح الإسكندرية بوجود "عمرو" نفسه، أم اكتفى بإرسال أحد قادة جيوشه لفتح العاصمة القديمة لمصر.
وبحسب "موسوعة النجوم الزاهرة" لابن تغر بردى، فإن مصر (يقصد العاصمة الإدارية للبلاد وقتها) فتحت هى والإسكندرية فى نفس العام وذلك كما ذكر ابن كثير والواقدى، وقال أبو معشر: فتحت سنة عشرين والإسكندرية سنة خمسة وعشرين، وقال سيف: فتحت مصر والإسكندرية فى ربيع الأول سنة ست وعشرين، ورجح ذلك أبو الحسن بن الأثير فى الكامل لقصة بعث عمرو بن الميرة من مصر عام الرمادة، ويقل فتحت يوم الجمعة لمستقل المحرم سنة عشرين هجريًا.
بينما يذهب كتاب "فتوح مصر وأخبارها وفتح أفريقيا والمغرب والأندلس" لعبد الرحمن بن عبد الحكم القرشى المصرى أن الإسكندرية فتحت على يد الصحابى عبادة بن الصامت.
وبحسب كتاب "الفاروق عمر" للأديب الكبير محمد حسين هيكل، يروى البلاذرى عن يزيد بن أبى حبيب عن الجيشانى أنه قال: "سمعت جماعة ممن شهدوا فتح مصر يخبرون أن عمرو بن العاص لما فتح الفسطاط وجه عبد الله بن حذافة السهمى إلى عين شمس، فغلب على أرضها وصالح أهل قراها على مثل حكم الفسطاط، ووجه خارجة بن حذافة العدوى إلى الفيوم والأشمونين وإخميم والبشرودات وقرى الصعيد ففعل مثل ذلك، ووجه عمير بن وهب الجمحى إلى تنيس ودمياط وتونة ودميرة وشطا ودقهلة وبنا وبوصير ففعل مثل ذلك، ووجه عقبة بن عامر الجهنى — ويقال وردان مولاه صاحب سوق وردان بمصر — إلى سائر قرى أسفل الأرض ففعل مثل ذلك، فاستجمع عمرو بن العاص فتح مصر فصارت أرضها أرض خراج".
وتساءل المؤلف: هل سار عمرو على رأس هذه الكتائب بنفسه أم جعل الإمارة عليها لغيره من أمراء جنده؟ تختلف الروايات فى هذا الأمر، وتذهب طائفة منها إلى أن بعض هذه الكتائب كان يجوس خلال صعيد مصر حين كان بعضها الآخر يجوس خلال الدلتا، وأن عمرًا بدأ ينفذ الخطة مذ كان محاصرًا حصن بابليون وقبل أن يسير إلى الإسكندرية، والقارئ يذكر ما قدمنا من أنه بعث، وهو على حصار بابليون، كتائب استولت على أثريب ومنوف، كما استولت كتائب أخرى على إقليم الفيوم كله، أفظلت هذه الكتائب تتقدم فى الدلتا وفى الصعيد حين كان عمرو يسير بمعظم الجيش إلى كريون وإلى الإسكندرية؟ وجمع عمرو كل قواته، فلم يتخلف عن السير معه إلا ما تركه فى بابليون وفى البلاد التى تم فتحها لحفظ النظام، وللقضاء على كل سبب للانتقاض يمكن أن يظهر فيها؟
ويكمل "هيكل": يذهب بتلر معتمدًا على رواية حنا النقيوسي، إلى أن عمرًا سار بنفسه، بعد ما رأى منعة الإسكندرية، على رأس كتائب فصلت من الإسكندرية إلى كريون فدمنهور ثم اتجه بها إلى الشرق حتى بلغ سخا من إقليم الغربية، فوقف دونه ما يحيط بها من أسوار وما يكتنفها من مياه؛ ولم يقدر عليها، ولذلك تركها وسار جنوبًا إلى طوخ الواقعة على نحو ثلاثين ميلًا منها فصده أهلها، فسار إلى دَمْسِيس فعجز عن فتحها، ولم يكسب عمرو من مسيرته هذه، وقد استغرقت اثنى عشر شهرًا، إلا أن أشعر أهل الدلتا بشوكته، وأن أوقع بالبلاد غير المحصنة وغنم منها، ثم عاد إلى بابليون، ويضيف بتلر مستندًا دائمًا إلى رواية حنا النقيوسي، أن عمرًا ذهب على رأس قوات إلى الصعيد، وأنه فتحها أو فتح على الأقل بلاد مصر الوسطى، ثم عاد بعد ذلك إلى بابليون فأقام بها وهناك جاء إليه المقوقس من الإسكندرية وصالحه.
ويوضح "هيكل" أنه يميل إلى الأخذ برواية البلاذُري، وإن لم تُذكر بها تواريخ معينة، ونميل لذلك بخاصة؛ لأن ابن عبد الحكم وغيره ممن أرخوا لفتح مصر يقررون أن عمرًا بقى على حصار الإسكندرية مذ سار إليها إلى أن تم له فتحها، وعلى ذلك كانت كتائبه تسير فى الدلتا وفى الصعيد حين كان هو على هذا الحصار،
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة