على مدى 8 سنوات، شهدت مصر العديد من المبادرات فى مجالات عديدة، أكبرها كانت مبادرة «حياة كريمة»، التى تتعلق بحياة أكثر من نصف المصريين، وتتعامل مع الريف لأول مرة بشكل جذرى، وتمثل تحولا فى حياة القطاعات الأوسع فى المجتمع، والتى عانت من الإهمال على مدى عقود، والمبادرة الرئاسية تعيد صياغة الخدمات بشكل عادل، يعيد لسكان الأقاليم حقهم فى الحياة.
لكن الحقيقة أن مبادرة علاج مرضى الضمور العضلى، واحدة من أكثر المبادرات إنسانية، لأنها تتعلق بعلاج مرض نادر، تكلفة علاجه باهظة، يعجز عن توفيرها الأثرياء، فما بالنا بالفقراء والطبقة المتوسطة؟! أعلن الرئيس فى 30 يونيو، تحمل الدولة لعلاج الضمور العضلى بتكلفة 3 ملايين دولار لكل طفل، وهى خطوة تبدو ضمن هزيمة المستحيل، حيث يظل مرضى الضمور العضلى فى كل العالم بعيدين عن الاهتمام، بسبب ارتفاع التكلفة، لكن هذه المبادرة، تمثل بشرى لأسر هؤلاء المرضى، ولكل أسرة يفترض أن تشعر بالاطمئنان على صحة أبنائها، وحسب المتخصصين من الأطباء فقد كان هذا المرض دون علاج، الآن له 3 أدوية، تمثل تطورا مهما، ولهذا تتضمن المبادرة أيضا الفحص المبكر والجينى للكشف المبكر الذى يسهل تشخيص مثل هذا المرض الخطير.
وهذه المبادرة فى الواقع، تشير إلى خطوة هائلة، لأن الدولة تلتفت حتى للأطفال والمرضى المصابين بأمراض نادرة، وأن الدولة ترى حتى هؤلاء المصابين بأمراض تكلفة علاجها ضخمة.
والواقع أن المبادرات الرئاسية المتعددة، خلال 8 سنوات فيما يتعلق بالصحة، تمثل خطوة هائلة فى الحماية الصحية، تتجاوز الكثير من الحواجز البيروقراطية، وتسير فيه الدولة لبناء نظام تأمين صحى شامل، تأخر على مدى عقود، وبدأ بالفعل تطبيقه فى محافظات القناة، وانتقل للصعيد لتكون مظلة التأمين الصحى كاملة، خلال أقل من عشر سنوات، لم تنتظر الدولة اكتمال المشروع، واتبعت استراتيجية المبادرات، لعلاج الأمراض الخطيرة والمزمنة، والتى تمثل تكلفة علاجها عبئا على المرضى وأسرهم.
بدأ الأمر بمبادرة علاج فيروس «سى»، الذى كان يلتهم أكباد المصريين على مدى عقدين، وتم فحص 70 مليون مواطن، وتقديم العلاج بالمجان لملايين المرضى، بتكلفة 5.5 مليار جنيه، فى الوقت الذى وصل سعر علاج فيروس «سى» فى الدول العربية عشرات الآلاف، وكل من تابع مسيرة وتوغل فيروس «سى» الكبدى فى مصر، يقدر قيمة الحملة التى حظيت بإشادة وتقدير من كل المؤسسات الصحية الدولية.
وقدمت منظمة الصحة العالمية، شهادة لمصر بخلوها من فيروس «سى»، خلال فعاليات الجمعية العامة، ووصفت المنظمة العالمية حملة مصر بأنها أكبر حملة فى تاريخ البشرية من حيث العمل، والكفاءة، والسرعة، تقرير المنظمة الدولية صدر بعد رصد استمر 7 أشهر، وقام به 55 خبيرا دوليا تابعوا حملة مصر، ووصف ريتشارد ديكتس، المنسق المقيم للأمم المتحدة فى مصر، حملة القضاء على فيروس «سى» بأنها أفضل حملة فى العالم ومثالا يحتذى به.
وبعد نجاح مبادرة القضاء على فيروس «سى»، أطلقت الدولة «حملة 100 مليون صحة» 2018، وحتى نهاية إبريل 2019، بفحص 52 مليونا و400 ألف مواطن بكل المحافظات للكشف المبكر عن السكر والدهون والسمنة، والتى تمثل قاعدة لأمراض خطيرة. ثم مبادرات فحص 22.5 مليون طالب بالمدارس للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم، وفحص 12 مليون سيدة فوق سن الـ18 عامًا، ضمن مبادرة الوقاية والعلاج من سرطان الثدى، وعلاج نحو 3 آلاف سيدة مصابة بسرطان الثدى، ومبادرة إنهاء قوائم الانتظار لجراحات القلب بتكلفة إجمالية 6 مليارات جنيه، استفاد منها 700 ألف مريض، مبادرة اكتشاف وعلاج ضعف وفقدان السمع للأطفال حديثى الولادة، وفحص أكثر من مليون طفل وتقديم العلاج الدوائى وتركيب السماعة للأطفال حتى 6 أشهر، وزراعة قوقعة للأطفال من 1 إلى 5 سنوات، وفحص نحو 500 ألف سيدة ضمن مبادرة دعم صحة الأم والجنين ومبادرة لمتابعة وعلاج الأمراض المزمنة والاكتشاف المبكر للاعتلال الكلوى فى يونيو 2020 بالتزامن مع مواجهة جائحة فيروس كورونا، وتستهدف 28 مليون مواطن فوق سن 40 عامًا، بتكلفة 1.5 مليار جنيه.
نجاح سياسة المبادرات تجاوز الكثير من الإجراءات والبيروقراطية والعراقيل، ويفترض أن تتحول إلى سياسة للمؤسسات الصحية، خاصة أن الرئيس والدولة يوفران التمويل فورا، بل إنها تمثل قاعدة للعمل الحكومى فى ملفات الصحة التى تمثل الجانب الأهم فى الدفاع عن صحة المواطنين باعتبارها أمنا قوميا.