نتحدث كثيرا عن التقوى، وما أدراك ما التقوى؟ فضيلة تحتاج إلى عزيمة وصبر وعمل، وذلك لأنها فكرة تقوم على مواجهة النفس ومقاومة المغريات المنتشرة، وكل ذلك ناتج عن معرفة الصواب والخطأ والإيمان بالطريق السليم.
يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة الطور "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِى جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ"، وتكمل الآيات تصور النعيم الذى يصل إليه المتقون، ولكننى هنا أحب أن أتحدث عن النعيم الذى يسبق ذلك، نعيم الدنيا، قبل نعيم الآخرة، نعيم الرضا، ونعيم الضمائر المطمئنة، حيث الراحة النفسية النابعة من اتباع الصواب ومواجهة الخطأ.
من معانى التقوى فى المعجم "الخشية والخوف"، ومعنى ذلك أن الإنسان وهو كائن ضعيف فى معظم الوقت، ينسى ذلك، وتسرقه اللحظات القليلة التى يظن فى نفسه القوة والقدرة المطلقة، فلا يخاف شيئا ولا يخشى أحدا، ثم – فجأة - يجد نفسه فى مواجهة الخطر مرة واحدة، ويصبح غير قادر على اتخاذ القرار المناسب، وحينها يقر بعجزه ويندم، حيث لا ينفع الندم.
بينما المتقون الذين كانوا يعرفون قدرهم وقيمتهم منذ البداية، ويعرفون مناطق قوتهم ومناطق ضعفهم، ويلتزمون بها، فإنهم ينجون، لأنهم أعطوا كل ذى حق حقه.
وبالطبع فإن المتقين هم الذين يجعلون بينهم وبين الخطأ ما يقيهم شره، أى أنهم يبعدون عما يؤذيهم ويضرهم، فيجتنبون كل ما يأخذهم فى طريق الخراب والدمار على المستوى الدينى والدنيوى، أى أن المتقين لا يخالفون القانون كى لا يذهبون إلى السجن، فهم يتقون السجن بالتزامهم وبقيمهم العليا، ويتقون الناس فلا يخوضون معهم فى القال والقيل، وبالطبع هم يتقون النار بالعمل الصالح، راغبين فى رحمة الله.