كانت الساعة التاسعة والثلث صباح 10 يناير، مثل هذا اليوم، 1970 حين وصل 14 متهما فى قضية «تنظيم حسين توفيق» إلى محكمة أمن الدولة العليا، برئاسة الفريق أول محمد فؤاد الدجوى، وفقًا لجريدتى «الأهرام» و«الأخبار» يوم 11 يناير 1966.
كان «توفيق» وتنظيمه يواجهان عدة اتهامات من بينها التخطيط والتدبير لاغتيال الرئيس جمال عبدالناصر، وإحراز مفرقعات وأسلحة وذخائر، غير أن هذه القضية كانت هى الخيط الذى أوصل أجهزة الأمن المصرية إلى الكشف عن التنظيم الإرهابى لجماعة الإخوان بزعامة سيد قطب، والقبض على عناصره فى أغسطس 1965، وفقًا لمذكرات اللواء فؤاد علام «الإخوان وأنا».
أقدم «توفيق» المولود يوم 27 ديسمبر 1925 على تكوين تنظيمه الجديد، بعد سنوات كان فيها ذائع الصيت فى الحركة الوطنية المصرية فى أربعينيات القرن الماضى، يذكر سامى شرف فى الكتاب الخامس من مذكراته «سنوات وأيام مع جمال عبدالناصر»: «كان حسين توفيق من العناصر الوطنية المتطرفة المصرية الذين ساهموا بقسط إيجابى فى الحركة الوطنية المصرية ضد الاستعمار البريطانى، وقام باغتيال أمين عثمان وزير المالية فى العهد الملكى «يوم 5 يناير 1946» الذى كان يجاهر بصلته الوثيقة ببريطانيا، وكانت له عبارة مشهورة يرددها دائمًا: «إن العلاقات بين مصر وبريطانيا هى علاقة زواج كاثوليكى لا انفصال فيها».
كان «توفيق» شابا ممتلئًا بالحيوية، ينتمى إلى الطبقات العليا فى المجتمع، وقام بتكوين جمعية سرية اسمها «رابطة النهضة» فى الأربعينيات من القرن الماضى، ويكشف قصتها كاملة «وسيم خالد» أحد أعضائها فى كتابه «الكفاح السرى ضد الإنجليز»، مؤكدًا أنها انهارت بعد عملية قتل أمين عثمان، وإلقاء القبض على «توفيق» الذى كشف أمام جهات التحقيق عن أعضائها، وأثناء محاكمته هرب يوم 9 يونيو 1948، وبوصف الكاتب الصحفى لطفى عثمان فى كتابه «المحاكمة الكبرى فى قضية الاغتيالات السياسية»: «كانت قصة هروبه أقرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة، وقررت وزارة الداخلية منح 5 آلاف جنيه مكافأة لمن يضبطه»، وأخفاه الكاتب إحسان عبدالقدوس فى منزله بـ«قصر العينى» حتى تم تدبير هروبه إلى سوريا، وفقًا لرسام الكاريكاتير أحمد طوغان فى مذكراته «سيرة فنان صنعته الآلام»، واستوحاه «عبدالقدوس» فى رواية «فى بيتنا رجل» التى تحولت إلى فيلم بنفس الاسم.
استقر حسين توفيق فى دمشق، ووفقًا لشرف: «قام هناك بعدة عمليات وحاول اغتيال العقيد «أديب الشيشكلى»، نائب رئيس الأركان السورى «عام 1950»، وحُكم عليه بالإعدام، لكن أنقذته ثورة 23 يوليو 1952.. يؤكد «شرف» كان عبدالناصر يحب حسين توفيق و«يسترجله» لشجاعته، وإقدامه وعدم تردده، لكنه كان يؤخذ عليه، اندفاعه وتطرفه وسهولة التأثير عليه».. يضيف: «قدرته ثورة يوليو، وعين فى شركة «شل» التى أصبحت «شركة مصر للبترول»، وكانت هذه الشركة تعتبر معقلا للإنجليز وعملائهم فى مصر، ومن أهم مراكز المخابرات البريطانية، وهذا لا ينفى أنها أيضًا كانت تضم من العناصر الوطنية الشريفة الذين كانوا لهم مواقفهم المعروفة فى معاداة النفوذ البريطانى ومعاونة ثورة يوليو، وكشف خبايا ما يدور فى هذه المؤسسة».
يؤكد «شرف»، فى 1965، وقع حسين توفيق تحت تأثير بعض عناصر جماعة الإخوان الذين كانوا يعملون فى هذه المؤسسة ومن خارجها، ولم يجدوا صعوبة فى إقناعه بالمشاركة فى مؤامرة كانت من ضمن أحد أهدافها اغتيال جمال عبدالناصر، وذلك بزرع حزام من المواد الناسفة تحت شبكة المجارى بامتداد شارع الخليفة المأمون من الناحيتين القادم لمصر الجديدة وبالعكس، وفى مكان ما فى الطريق يُفجر الحزام باللاسلكى من شقة سكنية مطلة على الطريق، وكانت الفكرة من زرع الحزام الناسف هى أنه إذا فشلت المحاولة لسبب ما أثناء توجه الرئيس لاجتماع مجلس الوزراء، تتم مرة أخرى من الجانب الآخر، وانكشفت هذه العملية نتيجة تبليغ أحد المشاركين فيها، وتم القبض على المتآمرين الذين اعترفوا بأن حسين توفيق كان مشاركا معهم فيها».
كان 14 متهما فى القضية داخل قفص المحكمة يوم 10 يناير 1966، ووفقًا للأهرام هم حسين توفيق، عبدالقادر عامر، مدحت فخرى، سعيد توفيق، أحمد عبدالقادر الحناوى، أحمد محمود قيودان، محمد سامى عبدالحميد، مصطفى راغب السيد، محمد جمال الدين الشرقاوى، السيد عبدالعزيز خميس، زكريا صلاح الدين العبد، محمود السيد خليل، معروف أحمد الحضرى، محمد محمد يوسف، واستمرت جلسة المحكمة 4 ساعات ترافعت خلالها النيابة، ثم بدأت المناقشات بين هيئة المحكمة والمتهمين التى امتدت إلى اليوم التالى فماذا جرى فيها؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة