أكرم القصاص - علا الشافعي

سما سعيد

أخلاقنا الجميلة.. من لام اتلام.. طبطب على اللى محتاج يتطمن

الأحد، 20 نوفمبر 2022 01:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"الطبطبة" علاج وتشافى، كل فرد منا يحتاجه، كمثل الحضن لأطفالك لإعطائهم شعوراً بالحب والحنان والأمان، و"الفضفضة" نوع من الطبطبة، تستمد قوتها من قدرتها على مشاركة الأفكار فى حِل من أى معوقات قد تشوب تلك الحالة.
 
ربما تبدو هذه المقالة أكثر تخصصية عما أرويه من حكايات ومواقف قد مرت علىّ أو علينا بشكل عام، ولكنها مع ذلك تستمد أهميتها من كونها تحمل جانبا إنسانيا، وهو ما نفتقده كثيراً هذه الأيام، فالحديث عن الدعم النفسى للآخرين يحتوى على تشابكات كثيرة ما بين المشاعر وتكوين الشخصيات المختلفة، ولكن من وجهة نظرى كلها تسير نحو هدف أساسى ووحيد، ألا وهو الاستماع والتفاعل مع الآخرين فى مختلف الظروف، فكيف يمكننا أن ندعم الآخرين بأقل ما يمكن أن يقاس فى حياتنا المادية الحالية؟.
 
الدعم النفسى يمكن أن يكون فى محيط الأصدقاء أو العائلة أو زملاء العمل، وهو الحافز الأقوى من بين كافة الحوافز الأخرى، ولكن يجب أن يخضع لعدة شروط، فعندما يأتيك إنسان لكى يسرد لك مشاكله لا يريد منك سوى الاستماع، أو التفكير معه بصوت عال، ووضع المستمع فى نفس الحالة والظروف الخاصة بصاحب الأزمة ذاته، وقد لا يكون يبحث عن حلول، بل مجرد تفريغ لما يدور بذهنه لكسر حالة الضغط العصبى التى يمر بها.
 
قد يعتقد البعض أن تلك الحالة من وظيفة المعالج النفسى أو الأخصائى الاجتماعى، ولكننا ما زلنا نتعامل مع هذين الشخصين باعتبارهما سُبة ووصمة عار، فضلاً عن أنه يعتبر بحد كبير انتهاك للخصوصية - وهو الأمر الخاطئ تماماً -، فلا حل إلا الفضفضة لصديق أو زميل ثقة أو فرد من أفراد العائلة.
 
ففى حالة الأسرة كما يقال "البنت سر أمها" وغيرها من الأمثال الشعبية العديدة التى تحصر المناقشات الشخصية والأزمات النفسية والعاطفية والحوار حول المشاعر المختلفة، ينحصر دور الدعم النفسى فى نطاق الأسرة، وهو شىء محمود للغاية، ولكن من شروطه تكوين هذه الأسرة نفسياً وتأهليها على لعب هذا الدور بكفاءة، بدلاً من التعامل الخاطئ الذى قد يضر أكثر مما يفيد.
 
أما فى حالة الزمالة والصداقة فى نموذج الفضفضة يحتوى على خدع كثيرة، أولها عدم الحديث عن الموضوع بشكل مفصل، وتخبئة بعض التفاصيل الشخصية والتى بدورها تؤدى إلى الحصول على الدعم النفسى الخاطئ، نتيجة للشخصية المقصور على ما تم سرده من أحداث، فحتى وإن كانت الثقة المتبادلة بين طرفى الحوار كبيرة إلا أنها مع ذلك تتضمن مفهوم الخصوصية الزائدة، والتى تعتبر فى العُرف المصرى الشائع "عيب" لا ينبغى الحديث عنه، فهى أسرار بيوت. 
الموضوع كلما نستعرضه يزداد تشابكاً، وتتزايد الاحتمالات، وليس المطلوب من كل فرد منا المعرفة بأساسيات العلاج النفسى، أو التشخيص النفسى، فقط كل المطلوب هو الدعم، الدعم للآخرين، سواء بالقول أو بالفعل، وسأستعرض بعض الطرق التى من شأنها إلا تؤذى الآخر بأى شكل كان، أو تقابل بآثار سلبية على المحيطين بالشخص موضوع الحديث. 
الشروط تكمن فى الداعم النفسى ذاته، فينبغى أن يكون أمينا وثقة وذى رأى معتبر، قادرا على التحليل والنقد بشكل لا يتضمن تجريحا أو توبيخا أو اللوم، قدرته على الاستماع بتركيز ولأكثر من مرة، ويستطيع وضع نفسه بمثل ظروف الحالة التى يستمع إليها، مع القدرة على فهم أبعاد الموضوع بشكل كامل، ولا يصدر أحكاماً تجاه الشخص، بل يحاول مساعدته فى تكوين أحكام على نفسه وأفعاله، يكن مقتنعا بها كمحاولة لإرشاده ليس إلا، فالإنسان يرفض نموذج التوجيه والسيطرة، ولهذا يتعامل المتخصصون مع مثل تلك الحالات بنظام الإرشاد والتوجيه، فكل شخص مسئول عن نفسه وأفعاله ومشاعره، يستطيع التحكم بها بأى شكل، ولكنه يحتاج مع كل هذا إلى وجهة نظر ثانية وهو ما يقدمه الداعم النفسى. 
أعتبر نفسى محظوظة بوجود داعمين نفسيين لى فى إطار العائلة والأصدقاء، يرون عيوبى قبل مميزاتى، يتقبلوننى كما أنا، ويساعدوننى على أن أكون فى أفضل نسخة مني، لا يسيئون ولا يتهاونون فى حقى، هؤلاء هم السند الحقيقى، والأسرة التى أتمناها للآخرين، فبدون مثل ذلك الدعم ربما لم أكن هنا اليوم لأسطر مثل هذه الكلمات.
 
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة