لليوم الثاني علي التوالى، تواصلت الإدانات وبيانات الشجب لجريمة اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة برصاص الاحتلال الإسرائيلي أثناء عملها لتغطية انتهاكات الاحتلال في مخيم جنين بالضفة الغربية، وسط انكار إسرائيل ومحاولة للتنصل عن مسئوليته لعملية اغتيال الشهيدة أبو عاقلة التي قدمت علي مدار أكثر من 25 عاماً تغطية موثقة بالصوت والصورة لجرائم وانتهاكات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية.
وعلي صعيد الأمم المتحدة، توالت الإدانات ودعوات التحقيق في جريمة اغتيال أبو عاقلة، حيث قال الأمين العام أنطونيو جوتيريش إن الجريمة "مروعة" ، متقدماً بأحر التعازي لأسرة أبو عاقلة، وتمنى الشفاء العاجل لزميلها الصحفي علي سمودي الذي أصيب في نفس الحادث، كما دعا الأمين العام السلطات المعنية إلى "إجراء تحقيق مستقل وشفاف في هذا الحادث وضمان محاسبة المسؤولين عنه."
وأدان الأمين العام جميع الاعتداءات وعمليات القتل التي يتعرض لها الصحفيون وأكد أيضا على "أن الصحفيين يجب ألا يكونوا أبدا هدفا للعنف."
وقال "يجب أن يكون العاملون في مجال الإعلام قادرين على أداء عملهم بحرية ودون مضايقة أو ترهيب أو خوف من استهدافهم، وكرر الأمين العام اقتناعه الراسخ بأن "الصحافة الحرة ضرورية لتحقيق السلام والعدالة والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان."
في سياق متصل ، قالت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو أودري أزولاي إن استهداف الصحفيين الذين يحملون بوضوح شارة الصحافة في إحدى مناطق النزاع هو انتهاك للقانون الدولي، داعية السلطات المعنية إلى التحقيق في هذه الجريمة ومقاضاة المسؤولين عنها.
وأدان مسؤولون أمميون خلال بيان مشترك مقتل أبو عاقله داعيين إلى فتح تحقيق مستقل وعاجل في الواقعة فيما أدان مكتب حقوق الفلسطينيين "UNISPAL " الواقعة
ومن جانبه قال لؤي شبانه، مدير الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية": أوقفوا قتل النساء، إن مقتل الصحفية شيرين أبوعاقلة أثناء تأدية واجبها في نقل المعلومات وضمان وصولها لهو دليل إضافي على الأخطار التي تتهدد المدنيين الفلسطينيين وخاصة النساء والفتيات."
جثمان أبو عاقلة
كما أدانت مُنسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية، لين هاستينجز مقتل الإعلامية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة مطالبه بإجراء تحقيقات عاجلة من أجل المحاسبة
وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي " تويتر " " قُتلت شيرين أبو عاقلة بينما تحيي الأمم المتحدة في فلسطين اليوم العالمي لـ حرية الصحافة في غزة
وأضافت مُنسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية، "إن مقتل المراسلة شيرين أبو عاقلة يظهر المخاطر التي يواجهها الصحفيون كل يوم وينبغي إجراء تحقيقات عاجلة من أجل المحاسبة"
وسيطرت جريمة اغتيال شيرين أبو عاقلة علي اهتمامات الإعلام العالمي منذ استشهادها ، حيث نعتها كبيرة مذيعي شبكة سي إن إن الأمريكية كريستيان أمانبور ، قائلة: " دعونا نتوقف لحظة لتكريم الصحفية شيرين أبو عاقلة التي قُتلت أثناء تغطيتها الصحفية في الضفة الغربية المحتلة، رغم ارتدائها سترة تبين بوضوح أنها عضوة في الصحافة. الحشود في الحداد على موتها دليل على الاحترام الذي نالته من المشاهدين ومن الزملاء. كانت محبوبة من قبل العديد من الفلسطينيين بسبب تقاريرها العاطفية عن حياتهم".
وأضافت: "كما أصيب منتج العمل معها بجروح لكن حالته مستقرة. الآن، حتى في الموت، مع ذلك، لا يزال هناك خلاف.. الجزيرة تقول إن شيرين أصيبت برصاص القوات الإسرائيلية في تلك الأراضي المحتلة. يقول الجيش الإسرائيلي، ليس من الممكن تحديد الاتجاه الذي أطلق منه النار عليها وبدأوا تحقيقًا".
أما وكالة الأسوشيتدبرس الأمريكية فعلقت علي جريمة الاغتيال بقولها إن القضاء العسكري الإسرائيلي بات علي المحك ، مشيرة إلى تمسك السلطات الفلسطينية بإجراء تحقيق منفصل في تلك الجريمة ورفضها التعاون مع الاحتلال.
ووفقا للتقرير، أثارت جريمة اغتيال الشهيدة شيرين أبو عاقلة رقابة جديدة على نظام القضاء العسكري الإسرائيلي ، والذي بات علي المحك ، ويتم فحصه كجزء من تحقيق في جرائم حرب أجرته المحكمة الجنائية الدولية، كما هددت بمزيد من التوتر في العلاقات بين الجيش ووسائل الإعلام الدولية.
الرئيس الفلسطينى يشارك فى مراسم تشييع جثمان ابو عاقله
ونقلت الوكالة عن حسين الشيخ، أحد كبار مساعدي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قوله إن الفلسطينيين سيجرون تحقيقًا مستقلًا خاصًا بهم ، وسيتم إبلاغ جميع الأطراف "بنتائج التحقيق بشفافية عالية".
بدورها، حملت صحيفة "صن" البريطانية الاحتلال الإسرائيلي مسئولية اغتيال شهيدة الصحافة الفلسطينية شيرين أبو عاقلة التي تم قتلها صباح الأربعاء أثناء تغطيتها لتطورات الأوضاع بمخيم جنين في الضفة الغربية.
وقالت الصحيفة في تقرير لها الخميس إن أبو عاقلة تعرضت لإطلاق الرصاص من قبل جنود إسرائيليين في مناوشات بالضفة الغربية ، لافتة إلى أن الاحتلال يدعي أنه "من المحتمل أن تكون قتلت برصاص فلسطيني" ، غير أن مصور وكالة فرانس برس قال إن اللحظات الأخيرة قبل اغتيالها كانت تشهد اطلاق نار مكثف من قبل القوات الإسرائيلية.
وأفاد المصور أن قوات الاحتلال أطلقت النيران في المنطقة ثم شاهدوا جثة أبو عقاله ملقاة على الأرض، وأضاف المصور أنه لم يكن هناك مسلحون فلسطينيون في المنطقة عندما استشهدت، وأكد الجيش الإسرائيلي أنه أجرى عملية في المخيم فجر الأربعاء.
من جانبها ، وصفت جارديان البريطانية في تقرير ينعي شيرين أبو عاقلة ، الشهيدة بـ "راوية القضية الفلسطينية" ، وقالت إنها عرفت حول العالم العربي كصوت موثوق في القصة الأكثر إثارة للجدل في المنطقة.
وبحسب الصحيفة، غطت شيرين أبو عاقلة الانتفاضة الثانية، والحصار الإسرائيلي لجنين في عام 2002 ، ومقتل ياسر عرفات ، والعديد من الغارات في الضفة الغربية والمحاولات المتعثرة لإيجاد سلام دائم.
ونقلت الصحيفة عن تمارا الرفاعي ، المتحدثة الرسمية باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) قولها: "شيرين هي وجه وصوت الأحداث في الأراضي الفلسطينية - وربما يعرفها كل من يتابع الأخبار من هناك ليس من الممكن متابعة الأخبار من الضفة الغربية دون أن يستمع أو يشاهد تقارير من شيرين"
وأضافت: "لقد كانت حقًا جزءًا أساسيًا من القصة الفلسطينية وحقيقة أنها غطت العديد من الأحداث العاصفة دون أن يلحق بها أذى يجعل وفاتها اليوم أكثر صدمة".
وقالت احدى صديقات شيرين أبو عاقلة: "شيرين شخص مرن فقدت والديها في سن مبكرة للغاية ، لكنها عادت وحصلت على شهادة في الصحافة في وقت كان فيه الصحفيون في العالم العربي مجرد أتباع".
وأضافت: "كانت تعلم أن الأمور تتغير واستمرت في ذلك حتى أصبحت راوية للقضية الفلسطينية. هي مرجعية في العالم العربي. سيتوقف الجميع في الشارع ويحيونها على شجاعتها وتصميمها وطريقتها الفريدة في سرد قصص الفلسطينيين. العرب لا يستطيعون الذهاب الى فلسطين. أخذتهم شيرين إلى هناك ".
في سياق متصل ، قالت صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية إن جريمة اغتيال أبو عاقلة هي محاولة لتصفية "رمز" للشباب الفلسطيني وأيقونة للصحافة الفلسطينية ، وأشارت إلى محاولات الاحتلال للتنصل من مسئوليته ، وادعاءه بأنها قتلت برصاص مسلحين فلسطينيين.
وولدت شيرين أبو عاقلة في القدس عام 1971 لأبوين فلسطينيين من بيت لحم، وبعد التخرج درست الهندسة المعمارية في جامعة العلوم والتكنولوجيا في الأردن ، ثم انتقلت لدراسة الصحافة وحصلت على درجة البكالوريوس من جامعة اليرموك في الأردن.
وعملت أبو عاقلة في بداية مسيرتها الإعلامية بإذاعة صوت فلسطين ، وقناة عمان الفضائية ، ومؤسسة مفتاح ، وراديو مونت كارلو الفرنسي. كما عملت أيضًا مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى.