عاش المصريون أمس يوما حزينا، اختفت ضحكاتهم، وتوارت ابتساماتهم وأوجع الألم قلوبهم، بعد أن خطف الموت عددا من المصريين كانوا يؤدون صلاتهم بين جدران كنيسة الشهيد أبو سيفين بإمبابة، أغلبهم كانوا أطفالا فى عمر الزهور، اختنقوا من دخان حريق نتج من خلل كهربائى أدى لاشتعال النيران فى الدور السفلى للكنيسة بالكامل، ورغم المحاولات الحثيثة من الأهالى، وجيران الكنيسة، لإنقاذهم، ولكن التقسيم الهندسى للمبنى، الذى يتكون من عدة أدوار، حال دون ذلك.
كلها صور توجع القلوب، ما شاهده الجميع من بكاء ونحيب أهالى الضحايا، وخاصة الأمهات المكلومات، اللاتى فقدن فلذات أكبادهن، آلامهم كانت آلام مصر جميعا، وحرقتهم على من فقدوا وانكسار قلوبهم على فراق أحبائهم كان هو شعور كل مصرى يشاهد الحادث الجلل.
ولكن رغم الوجع والألم الذى شعر به كل مصرى جراء ما حدث، إلا أن التعامل الإنسانى والحكومى والشعبى مع الحدث، كان موضع إشادة من الجميع، حيث أثلجت التوجيهات الفورية من الرئيس عبد الفتاح السيسى لكافة أجهزة ومؤسسات الدولة المعنية باتخاذ كل الإجراءات اللازمة، وبشكل فورى للتعامل مع هذا الحريق وآثاره وتقديم كافة أوجه الرعاية الصحية للمصابين صدور المصريين.
وبالفعل لم تتوان أجهزة ومؤسسات الدولة فى بذل كل الجهد للتعامل مع الحريق وآثاره، وهو الأمر الذى يؤكد أن الجمهورية الجديدة فى مصر، بدأت فى وضع لبنات أركانها، وترسخت بشكل قوى، لتعبر عن مبدأ يعظم من قيمة الإنسان المصرى، وأن عصور الترهل الإدارى، وبيروقراطية الأداء قد ولت، وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء مصطفى مدبولى فى تصريحات من الكنيسة المحترقة، حيث قال إن وزارة الصحة والسكان بذلت جهوداً كبيرة لنقل مصابى حريق كنيسة أبو سيفين بإمبابة، حيث تواجدت سيارات الإسعاف بصورة فورية بعد حوالى دقيقتين من الإبلاغ، لنقل جثامين الضحايا، وكذلك نقل المصابين إلى المستشفيات لتلقى الرعاية الطبية اللازمة.
بعض الألم لا يمكن وصفه، فهى مشاعر مليئة بالحزن والحسرة والخسارة، وعندما تتعاظم بداخلنا نسميها فاجعة، لأنها تتسبب فى مزيج من المشاعر المتجمعة سوياً كالحزن والغضب وعدم الاستطاعة على القيام بشيء، وكأن أيدينا مكبلة، هذا الحريق الأليم الذى هز اركان المجتمع المصري، كان صعبا لأن الغالبية العظمى من الضحايا كانوا أطفالا، كما أن الحريق حدث فى إحدى دور العبادة، فكانت المشاعر جياشة والحزن كبير.
التلاحم والتآخى الذى شاهدناه، وصور المشاركة المجتمعية والإنسانية، كان نقاطا فاصلة رغم ضخامة المصاب، ومرارة الحزن، فمهما كان الألم، إلا أن الكف التى تربت على الكتف وتؤازر وتساند، قد تخفف كثيرا من أنهار الدموع المتدفقة، والألم الذى يعتصر القلوب، كما أن سيل التعازى فى الضحايا، من كافة المؤسسات والهيئات والمجتمع المدنى والشخصيات السياسية والعامة والحزبية، وأيضا من الممالك والدول الخارجية والمؤسسات الدولية، كان بلسما خفف من آثار الصدمة وضخامة المصاب.
يمكننا البكاء ولكن لا يمكننا التعبير عن الألم، هذا المصاب أوجع قلوبنا وأثر فينا بما تحمله الكلمة من معنى حقيقى وصادق، فدماء كل مصرى غالية، كما أن المفاجأة كانت أفجع، ,وأن كان العزاء أن من ذهبوا، كانوا فى معبدهم، يؤدون صلواتهم، ويعبدون خالقهم، يبتغون رضائه وجنته، فهنيئا لمن يدخل جنة الخلد شهيدا.
ونأمل من الله أن يمن على أهل وأسر الضحايا بالصبر والعوض، وأن يربط على قلوبهم، ويشد من أذرهم فى مصابهم الكبير، وليرحم الله ضحايانا ونأمل فى ألا يرينا الله مكروه فى أحبائنا وأخواتنا وأصدقائنا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة