سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 أغسطس 1798.. الفلاحون فى «الخانكة» والقرى المجاورة ومائتان من المماليك يهاجمون قوات الاحتلال الفرنسى ويجبرونها على التقهقر

الجمعة، 05 أغسطس 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 أغسطس 1798.. الفلاحون فى «الخانكة» والقرى المجاورة ومائتان من المماليك يهاجمون قوات الاحتلال الفرنسى ويجبرونها على التقهقر نابليون بونابرت

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتصرت قوات الحملة الفرنسية، بقيادة نابليون بونابرت، فى معركة «الأهرام» أو «إمبابة»، ففر إبراهيم بك بمماليكه إلى جهة بلبيس، وحمل معه ما استطاع من الأموال والمتاع، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الأول من موسوعته «تطور الحركة القومية ونظام الحكم فى مصر»، مضيفا:  «لم تحارب القوة التى اصطحبها معه فى معركة الأهرام، فبقيت سليمة، وإن كانت قليلة العدد، لكن نابليون توجس من وجود هذه القوة فى شرق الدلتا، وعلى مسافة 40 كيلومترا تقريبا من القاهرة خطرا يتهدد مركز الفرنسيين، فاعتزم بعد أن وطد مركزه فى القاهرة أن يتعقب إبراهيم بك ليخلص له الوجه البحرى».
 
كان إبراهيم بك مرابطا بجيشه فى بلبيس، وكان موعد وصول قافلة الحج من الحجاز يقترب، ويذكر الرافعى: «رأى نابليون من مصلحته السياسية أن يتولى تأمين مواصلات الحج، ليحمد أثر ذلك فى نفوس المصريين والعالم الإسلامى، ويكتسب عطف أمراء الإسلام ثم ليقنع شريف مكة وعرب الحجاز واليمن، بأن وجود الفرنسيين فى مصر لا يقطع سبل الحج الذى هو مصدر أرزاقهم»، ويذكر الجبرتى فى موسوعته «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار» خطة «بونابرت» إزاء قافلة الحج، قائلا: «فى عشرين صفر 1213 «3 أغسطس 1798»، حضرت مكاتيب الحجاج من العقبة، فذهب أرباب «أعضاء الديوان» إلى باش العسكر «القائد العام»، وأعلموه بذلك، وطلبوا منه أمانا لأمير الحج «صالح بك» فامتنع، وقال: لا أعطيه ذلك إلا بشرط أن يأتى فى قلة، ولا يدخل معه مماليك كثيرة ولا عسكر، فقالوا له: ومن يوصل الحجاج؟ فقال لهم: أنا أرسل لهم أربعة آلاف من العسكر يوصلونهم إلى مصر، فكتبوا لأمير الحج مكاتبة بالملاطفة، وأنه يحضر بالحاج إلى الدار الحمراء، وبعد ذلك يحصل الخير، فلم تصل إليهم الجوابات حتى كاتبهم إبراهيم بك يطلبهم للحضور إلى بلبيس وأقاموا هناك أياما».
 
بدأ نابليون تنفيذ خطته بمطاردة «إبراهيم بك».. يذكر الرافعى: «بدأت طلائع الجيش الفرنسى تزحف يوم 2 أغسطس 1798 من القاهرة، فمرت بالقبة ومنها سارت إلى المطرية ثم إلى المرج دون أن تجد مقاومة ما، فإن الأهالى كانوا ينزحون عن بلادهم قبل قدوم الفرنسيين، ومن المرج سارت القوة إلى الخانقاة «الخانكة»، وبها استقرت، واتخذها الفرنسيون قاعدة عسكرية للزحف ومركزا لتموين الجيش، وأنشأوا بها الأفران ومخازن البقسماط والزاد والعلف».. يضيف «الرافعى»: «قصدت الكتيبة يوم 4 أغسطس قرية أبوزعبل، ولكن صدهم عنها جمع من العرب والفلاحين مسلحين بالبنادق والعصى «الشماريخ»، فعادت الكتيبة أدراجها إلى الخانكة، وأخذ الأهالى من العرب والفلاحين يتعقبونها إلى مستقرها».
 
يذكر الرافعى:  «فى صباح 5 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1956، هاجم الأهالى المخافر الأمامية لمعسكر الخانكة بقوة أكبر من قوتهم الأولى، إذ انضم إليهم مائتان من المماليك، وبدأ الهجوم، فبرزت من غابة أبوزعبل قوة من فرسان العرب يتبعهم عدد حاشد من الفلاحين، ولم يكن هؤلاء يحملون فى الغالب إلا أسلحة ضعيفة، فلم يتجاوز عدد حملة البنادق منهم السدس، فأحاطوا بالفرنسيين من كل جانب تخفيهم الزروع والغيطان، وانضم إليه سكان القرى المجاورة، فأطلقوا النار على الفرنسيين من كل صوب، ولكن نيران المدفعية والبنادق أوقفتهم بعيدا عن المعسكر، فأعادوا الهجوم كرة بعد كرة، واضطر جنود المقدمة إلى التراجع».
 
يضيف الرافعى: «أدرك القائد الفرنسى، الجنرال لكلرك، الخطر من الإصرار على الدفاع عن قرية الخانكة، فأجمع أن ينسحب منها ويرتد غربا، وفى أثناء المعركة، ثارت قرية الخانكة نفسها، فوثب أهلها برجال الحرس الفرنسيين الموجودين فجردوهم من السلاح وقتلوهم، واستولى الفزع على الجنود الفرنسيين، ولم يطيقوا البقاء معرضين للهجمات، فجمع القائد ضباطه وتشاوروا فى الأمر، فاستقروا على إخلاء الخانكة والتراجع عن القرية، فتقهقروا بعد غروب الشمس، وكان عددهم نحو ستمائة مقاتل، وارتدوا قاصدين المطرية، وفى طريقهم إليها قابلهم الكولونيل «سلكوسكى» أحد ياوران نابليون، فأنبأهم بقرب وصول فرقة الجنرال رينيه لنجدتهم، لكنهم استمروا فى إدبارهم حتى وصلوا إلى المرج، وقضوا بها آخر الليل، ولما لاح الفجر وصلت قوة الجنرال رينيه، فرجعوا يريدون استرداد الخانكة، ووصلوا إليها ظهر يوم 6 أغسطس 1798 وقد زاد عددهم، فوجدوها خالية من أهلها فاحتلوها ».
 
كان «بونابرت» مهتما بالخانكة، ويذكر الرافعى السبب قائلا:  «كانت الخانكة من جهة موقعها ذات شأن عظيم، لأنها تكاد تكون فى منتصف الطريق بين القاهرة وبلبيس، لذلك وجه نابليون إليها عناية كبرى فى اتخاذها نقطة ارتكاز للزحف، وكان فى أوامره العسكرية يهتم بجعلها على تمام الأهبة لإقامة الجنود بها، لكن سير الجيش كان محفوفا بصعوبات كبيرة لاصطدامه مع الأهالى أين توجه ».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة