أكرم القصاص - علا الشافعي

عادل السنهورى يكتب: حكايات المؤثرين.. على باشا إبراهيم أول عميد لقصر العينى ووزير للصحة.. "أم الباشا" عملت داية وبائعة جبن فى الإسكندرية ليواصل تعليمه.. تفوق فى مدرسة الطب.. وأول من اكتشف وباء الكوليرا الآسيوية

السبت، 04 فبراير 2023 03:27 م
عادل السنهورى يكتب: حكايات المؤثرين.. على باشا إبراهيم أول عميد لقصر العينى ووزير للصحة.. "أم الباشا" عملت داية وبائعة جبن فى الإسكندرية ليواصل تعليمه.. تفوق فى مدرسة الطب.. وأول من اكتشف وباء الكوليرا الآسيوية حكايات المؤثرين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شخصيات ورموز مصرية كانت وما زالت مؤثرة، ولها صيت كبير، سواء على المستوى المحلى أو العربى والعالمى، أثرت وتؤثر فينا، فى مجالات كثيرة ومتنوعة سواء فنية أو علمية أو دينية أو اقتصادية أو سياسية وغيرها الكثير والكثير.
وتحرص «اليوم السابع» على إعادة حكايات تلك الرموز وتاريخها المُضىء، وفى إطار حرص الدولة وتوجُهها بإحياء الهوية المصرية ورموزها، حفاظا على تاريخنا العريق وللاستفادة من تلك القصص المُلهمة، وتقديم القدوة الحسنة للشباب والأجيال القادمة، وذلك من خلال تناول بروفايل لأبرز الشخصيات المُتميزة فى مصر، أسبوعيا على صفحات «اليوم السابع».
 
 
هذا الرجل حالة مصرية خاصة ونموذج مضىء لتاريخ حافل لتضحيات المرأة المصرية، نجاحه وتفوقه وتميزه العلمى والعملى يعود إليها، إلى أمه، وكما يقال أحيانا فى العبارات الشعبية والتراث المصرى عن تربية الشاب إنه «ابن أمه»، وهو ما ينطبق على الطبيب المصرى الأشهر فى تاريخ الطب الدكتور على باشا إبراهيم، رائد النهضة الطبية الحديثة فى مصر وأول جراح مصرى والعالم والوزير والمؤسس، فقد كانت الأم هى المرأة العظيمة التى وقفت خلف الكواليس تكافح من أجل ابنها ومن أجل أن يبقى رجلا عظيما وهو ما حدث بالفعل.

a408d015-b7ad-43e2-866e-53aac2b69bbd
 
كل المصادر والمعلومات المنشورة عن على باشا إبراهيم لا تعزل قصة تفوقه عن قصة نشأته بين أحضانها فى الطفولة وبرعايتها وتربيتها فى الصبا والشباب، الحكاية بدأت نهاية عام 1879 عندما تزوجت «أم الباشا» السيدة مبروكة خفاجى، تلك الفلاحة الأمية البسيطة من إحدى قرى محافظة كفرالشيخ من فلاح يعمل بالأجرة اسمه إبراهيم عطا من نفس القرية قرية «منية المرشد» التابعة لـ«مطوبس» بمحافظة الغربية والفؤادية ثم كفرالشيخ، فيما بعد ضاقت به السبل فى توفير الحياة الكريمة أو البسيطة لزوجته، فما كادت تمر شهور قليلة حملت فيها بطفلها حتى انفصل عنها زوجها وطلقها وتركها وحيدة بحملها تواجه مصاعب الحياة ومتاعبها فى تلك الفترة الزمنية من تاريخ الشعب المصرى الذى كانت غالبيته تعيش تحت خط الفقر المدقع وفى معيشة غير لائقة.
 
 وانتقلت أم على مع أسرتها الصغير، الأم والأخ إلى الإسكندرية وهناك أنجبت الابن على إبراهيم عطا فى 10 أكتوبر سنة 1880، وصممت على تنشئته وتربيته أحسن تربية مهما كلفها الأمر من معاناة وتضحية. 

الدكتور-عليباشا-إبراهيم-ووالدته
 
فى شوارع الإسكندرية عملت « مبروكة» قابلة  «أى داية» وبائعة للجبن ودبرت مصاريف ابنها لإلحاقة بمدرسة رأس التين الأميرية وتفوق وحصل على الشهادة الابتدائية.
 
 كانت الإسكندرية فى تلك الفترة تعيش أحلك أيامها تحت القصف البريطانى بعد هزيمة عرابى وبداية الاحتلال البريطانى لمصر.
 
كفاح الأم كان يقابله تفوق الابن الصغير فقد حصل «على» فى هذه السن المبكرة على العديد من الجوائز التقديرية والتشجيعية التى كانت وسام شرف يحمله الطالب الصغير، ومن بين هذه الجوائز مجموعة من الكتب والقصص الروائية الإنجليزية وعلى إعجاب المدرسين والأساتذة بالنبوغ المبكر للصبى.
 
وفى عام 1892 يحصل «على» على الشهادة الابتدائية، وكان ترتيبه الأول بين زملائه، كانت الشهادة الابتدائية فى ذلك الوقت تعادل الشهادة الجامعية فى المجتمع، وفرصة الحصول على وظيفة محترمة. 
 
فى تلك اللحظات يظهر الأب فى حياة مبروكة وابنها على مرة أخرى بعد أن علم الأب بنجاح ابنه، وحاول أن يأخذ الابن لإلحاقه بوظيفة بالشهادة الابتدائية، ترفض مبروكة، فقد كان حلمها لوحيدها وفلذة كبدها كبيرا جدا، وأمام إصرار الأب تقوم بتهريب «على» من سطح بيتها إلى سطح بيت الجيران تمهيدا للهروب الكبير إلى القاهرة.

الدكتور-علي-باشا-إبراهيم-ووالدته
 
منحت مبروكة لابنها الصغير كل ما تملكه من المال وأعطته عنوان عائلة السمالوطى بالقاهرة، التى كان بعضها يعيش فى الإسكندرية ويعرفون والدته. 
 
فى فجر اليوم التالى تودع مبروكة ابنها ويذهب ليستقل أول قطار متجه إلى مدينة القاهرة لاستكمال طريق الكفاح من أجل العلم.
 
فى القاهرة بمساعدة أسرة السمالوطى التحق على إبراهيم بالقسم الداخلى فى مدرسة الخديوية بدرب الجماميز، ويكمل دراسته الثانوية ويظهر نبوغا فى الدراسة كعادته، وقد نال شهادة الثانوية (البكالوريا فى ذلك الوقت) بتفوق فى 26 سبتمبر عام 1897، فى أثناء مرحلة الدراسة الثانوية، اتجهت ميول على إبراهيم إلى العلوم الرياضية والتاريخ الطبيعى والكيمياء، فما لبث أن حصل على الشهادة الثانوية حتى التحق بمدرسة الطب بالقصر العينى.
 
هنا تبدأ مرحلة التفوق والتميز فى حياة الباشا على إبراهيم فقد استطاع دخول مدرسة الطب عام 1897 وتخرج فيها عام 1901 وكانت مدة الدراسة فى هذه الفترة أربع سنوات بعد أن كانت ست سنوات، وعندما دخل مدرسة الطب أراد أن يرد لوالدته بعضا من هذا الجميل، وكان الطالب فى مدرسة الطب يتقاضى ثلاثة جنيهات شهريا للتشجيع على الدراسة والاستمرار فى طلب العلم، فكان على إبراهيم يرسلها كاملة إلى والدته، وكان يتكسب من قراءة القرآن على المقابر أيام الجمع.
 
أثناء دراسة على إبراهيم بمدرسة الطب، كان عدد الطلاب بالفرقة الأولى وقتها 12 طالبا كان هو من بينهم، وكانت المصرفات قد ألغيت عام 1896 لتشجيع طلبة البكالوريا على الالتحاق بمدرسة الطب، ولكن على الرغم من ذلك لم يكن الحال جيدا فى المدرسة، فقد كان مجموع الطلاب فى بقية الفرق الخمسة للمدرسة خمسة عشر طالبا.
 
تطلبت هذه الظروف التى تمر بها مدرسة الطب من عدم إقبال طلاب البكالوريا على الالتحاق بها، وضع سياسة جديدة للتعليم الطبى، فاستدعت السلطات المصرية أحد الأساتذة الإنجليز من أحد مستشفيات لندن للحضور إلى القاهرة وإعداد تقرير عن حالة المدرسة ومقترحاته للإصلاح، فأعد تقريرا بضرورة أن تكون المدرسة والمستشفى تابعين لمدير طبى واحد، تعاونه لجنة للمدرسة وأخرى للمستشفى من هيئة التدريس، وضرورة التكامل فى التدريس العلمى والتعليم الإكلينيكى بالمدرسة والمستشفى.
 
وبناء على هذا التقرير عُين الدكتور «كيتنج» أول مدير للمدرسة والمستشفى معا، ما قلل من دور المستر ملتون كمدير للمستشفى، الذى ما لبث أن استقال فى عام 1898.
 
واشتمل تقرير الدكتور «برى» على العديد من المقترحات التى تم الأخذ بها، ومن بينها أن يكون التعليم باللغة الإنجليزية دون غيرها، وأن تخفض عدد سنوات الدراسة من ست إلى أربع سنوات، ما ألغى تقريبا تدريس علم البيولوجيا، كما تضمن التقرير مراجعة لهيئة التدريس وأوضاعها وتحويل العديد من وظائف نصف الوقت إلى كل الوقت، ومراجعة كاملة لمقررات الدراسة بمدارس الطب والصيدلة والتوليد.
 
أظهر على إبراهيم نبوغا فائقا فى مدرسة الطب كعادته دائما، فاهتم بالاستزادة من العلم، ولم يكتف بالمناهج المقررة فقط، بل كان يطلع على المجلات العلمية المتنوعة وأخذ ينافس أساتذته فى علومهم ومعارفهم فى المجال الطبى، حيث كان يدرك أن التعليم الصحيح هو التعليم القائم على البحث العلمى والقراءة الواسعة، لا على الحفظ والتلقين.
 
إلا أن الدراسة الأكاديمية فى أول سنة بمدرسة الطب، لم تعجبه بالمرة، وكان يرى أن هذا يسبب نقصا فى عمله كطبيب، وكان يروى القصص العجيبة عن الفوضى فى السنة الأولى والثانية فى مدرسة الطب، فهو يروى أنه عندما كان يدرس التشريح، كان أستاذه الدكتور محمد صدقى يدرس المادة باللغة العربية، بينما كانت كتب التشريح كلها بالإنجليزية، وبعد فترة عين الدكتور صدقى محافظا للقاهرة وأصبح الممتحن الخارجى للتشريح، وفى الامتحان الشفوى حينما جلس على إبراهيم أمامه أعطاه جمجمة وقال له اشرح ما ترى فى قاع هذه الجمجمة وما فيها من ثقوب والأعصاب التى تمر فيها، فقال له على إبراهيم إننى قرأت هذا الجزء باللغة الإنجليزية فى كتاب «جراى»، ولا أستطيع أن أقوله باللغة العربية، فغضب الدكتور صدقى غضبا شديدا، ولكن على إبراهيم أخذ يشرح باللغة الإنجليزية ونجح نجاحا باهرا فى هذا الامتحان.
 
عمل الدكتور على إبراهيم، مساعدا لأستاذه الدكتور سيمرس، أستاذ علمى الأمراض والميكروبات، وقضى عامين كاملين فى هذا العمل، عاما منهما وهو طالب بالسنة النهائية بمدرسة الطب، والآخر بعد أن حصل على دبلوم الطب فى 15 أكتوبر سنة 1901. وكان ترتيبه الأول بين زملائه، ويفوق مجموع درجاته درجات الثانى بفارق ثمانين درجة، وفى 21 أكتوبر 1901 صدر تصريح من نظارة الداخلية - مصلحة الصحة العمومية - لعلى أفندى إبراهيم بمزاولة مهنة الطب فى القطر المصرى، وتم إدراج اسمه بدفاتر الأطباء المعلومين تحت رقم 64.
 
استطاع على إبراهيم أن يوفر مبلغ مائة جنيها ادخرها أثناء عمله فى مصلحة الصحة بقسم الأوبئة، فاتفق مع صديقة الدكتور عبد المجيد محمود أن يفتحا عيادة كانت بجوار جامع قجماس الإسحاقى «أبى حريبة»، وبالفعل تم لهما ذلك، وافتتحا العيادة.

الدكتور-علي-باشا-إبراهيم-يتوسط-أعضاء-المستشفي-الأميري-في-أسيوط
 
ولكن كان العمل صعبا للغاية، فقد كان الإقبال كله على الأطباء الأجانب، وكانت لهم الزعامة الطبية فى مصر، وكان الطبيب المصرى غريبا فى وطنه.
 
لم تطل إقامة على إبراهيم فى القاهرة طويلا، حيث ظهر وباء غريب فى قرية بوشا «بالقرب من أسيوط» عام 1902، كان من أعراضه الإسهال الشديد الذى يؤدى إلى الوفاة فى أحوال كثيرة. واحتار فيه الأطباء فى ذلك الوقت، فانتدب الدكتور على إبراهيم للبحث عن سببه، وهنا ظهر تميزه وتفكيره العلمى الصحيح، حيث استنتج أن سبب الوباء هو الكوليرا الآسيوية، وأخذ يبحث عن مصدره، فوجد أن أحد الحجاج أتى بماء من السعودية يتبرك به، ولم تكن الأحوال الصحية فى السعودية كما هى الآن، وشرب منه الأهالى وسرعان ما انتشر الوباء بين الناس، وأرسل بعينة من قىء المرضى للتحليل فى القاهرة، وجاءت نتيجة التحليل سلبية. فلم ييأس ولم يتخل عن تشخيصه، فأعاد إرسال عينة أخرى للتحليل مرة ثانية، وجاءت نتيجة التحليل مؤكدة صحة تشخيص على إبراهيم للمرض، وهو وباء الكوليرا الآسيوية.
 
وساعدت صحة التشخيص فى حصر الوباء فى أضيق الحدود. وكانت تلك خطوة أولى على طريق النجاح.
 
مرة ثانية ينتدب على إبراهيم للريف لفحص وباء غريب يصيب السيدات عادة، ويؤدى إلى الوفاة فى كثير من الحالات، وقد استطاع فى وقت قصير أن يشخص المرض بأنه وباء الجمرة الخبيثة، وأن السبب فى إصابة السيدات أكثر من الرجال هو كثرة تعاملهن مع روث الحيوانات فى صنع الوقود، حيث تكمن الجرثومة المسببة للمرض فى روث الحيوانات، فاستطاع أن يحصر الوباء مرة ثانية فى حدود ضيقة بفضل التشخيص المبكر للمرض.
 
كان أول منصب ادارى بسبب نجاحه وتفوقه ومهارته فى مجال مكافحة الأوبئة فى الريف تعيينه مديرا بمستشفى بنى سويف.
 
كانت أولى العمليات الجراحية التى أجراها الدكتور على إبراهيم هى عملية استئصال كلية، وتعتبر هذه العملية من العمليات الكبرى التى لا يقدم عليها الجراح إلا بعد أن يكون قد ساعد فى عدد منها ثم قام بإجرائها تحت إشراف أستاذه حتى يتمكن من الاعتماد على نفسه. ولكن على إبراهيم أقدم على هذه العملية دون سابق خبرة أو تجربة وفى ظل ظروف غير مواتية بالمرة من حيث عدم وجود لنقل الدم أو حقن الجلوكوز أو المضادات الحيوية، ولم يكن ذلك اندفاعا منه أو غرورا، بل كانت ثقة فى الله أولا، وفى قدرته على إتمام العملية بنجاح ثانيا. فهو يرى أن نجاح العملية هو شفاء المريض، وأنه لا فائدة من نجاح عملية إذا توفى المريض، وبالفعل فقد نجحت العملية نجاحا تاما، ويذكر على إبراهيم أن طبيب التخدير فى هذه العملية هو الدكتور مصطفى فهمى، الذى أصبح فيما بعد وكيلا لمستشفى قصر العينى.
 
ينتقل الدكتور على إبراهيم الى مستشفى أسيوط الأميرى عام 1904، وهنا انطلقت جهوده نحو تمصير الطب المصرى، ففى الوقت الذى استحوذ فيه الأطباء الأجانب على ثقة المرضى المصريين، أخذ على إبراهيم الطبيب الشاب يشق طريقه، لتصبح له مكانته بين الأطباء الأجانب، فقد كان من النادر أن يذهب مريض إلى طبيب مصرى، لاعتقادهم بتفوق الطبيب الأجنبى، وكانت أسيوط مثلها مثل القاهرة فى ذلك الوقت قلعة للأطباء الأجانب كما كان على إبراهيم يعبر عن ذلك دائما.
 
ولعب القدر دوره فى معرفة الناس بعلى إبراهيم كطبيب بارع، فقد حلّ فصل الصيف ورحل الأجانب فى إجازتهم السنوية، فلم يجد المرضى مفرا من اللجوء إلى الطبيب المصرى على إبراهيم، وعلى الرغم من الشهرة الواسعة التى حققها فى بنى سويف، خاصة بعد عمليتى استئصال الكلى، وتفتيت حصوة المثانة دون جراحة بالغة، إلا أن هذا لم يجد شيئا فى أسيوط فى أول الأمر، فكانت تمر عليه الشهور وإيراد عيادته لم يتجاوز قروشا معدودة.
 
ولذلك كان المرضى يلجأون إليه فى فصل الصيف لأخذ رأيه فى العمليات الجراحية، لا لعملها وإنما مجرد استشارة طبية، أى أنه عمل لفترة من الوقت كطبيب استشارى ليس أكثر، فكان على إبراهيم صبورا يشير عليهم بالصواب والواجب عمله.
 
عندما عاد الأطباء الأجانب من اجازتهم وأقروا ما أشار به على إبراهيم من رأى زادت ثقة المصريين به، وبدأت تنتشر أخبار العمليات الضخمة التى كان يجريها فى مستشفى أسيوط الأميرى، من عمليات استئصال للطحال أو الكبد أو جزء من الأمعاء، وتفتيت للحصوات، وغير ذلك من العمليات الكبرى التى كانت تتم بنجاح باهر بفضل وتوفيق من الله منّ به على الطبيب الشاب على إبراهيم، فزادت شهرته وأصبح ينعت بعلى إبراهيم الأسيوطى.

94c3-a228-47b7-a0a7-2382d25cb7a7-copy
 
فى أسيوط اهتم على إبراهيم بالتمريض عناية خاصة فهو أول من أدخل الممرضات فى المستشفيات المصرية، حيث قام بالاتفاق مع أحد الأديرة على إرسال راهبات للتمريض بالمستشفى الأميرى فى أسيوط، واتفق معهن على مكافأة شهرية ولما كتب لمصلحة الصحة بشأن هذه المكافأة عارضوه بشدة، إلا أنه لم يتنازل عن مبدئه فأرسل خطابا أكد فيه استعداده التام لدفع المكافأة من ماله الخاص فى حالة رفض المصلحة، فما كان من مصلحة الصحة إلا أن رضخت لطلبه ووافقت على صرف مكافآت نظير التمريض. وكانت أسيوط بداية مشوارا من الكفاح فى جذب ثقة المرضى نحو الطبيب المصرى، وتدعيم أواصر التعاون بين الطب والتمريض من أجل مصلحة المريض.
 
فى 19 إبريل 1909 خلت وظيفة مساعد الطبيب الشرعى بمستشفى قصر العينى، فقام عبدالخالق باشا ثروت المدعى العام وقتها بتوجيه خطاب إلى على إبراهيم فى أسيوط بشأن ترشيحه لشغل هذه الوظيفة، وهنا ظهرت رغبة على إبراهيم فى الاستزادة من العلم والاستمرار فى تقوية أواصر الثقة بين المرضى والطبيب المصرى فأراد أن يفعل فى القاهرة ما فعله فى أسيوط، فضحى بالدخل الكبير الذى كانت تجلبه له عيادته وقد وصل فى بعض الأحيان إلى أربعمائة جنيها شهريا، وهو فى ذلك الوقت كان يعد ثروة طائلة، وفضل العودة إلى القاهرة لإثبات مكانته بين الأطباء الأجانب وقت أن كانت القاهرة قلعة خالصة لهم.
 
بالفعل عاد على إبراهيم إلى القاهرة وشغل وظيفة مساعد الطبيب الشرعى فى الفترة من 1909إلى 1924 حيث تدرج فى منصبه إلى أن أصبح أستاذ الجراحة فى قصر العينى.

وإلى لقاء فى الحلقة القادمة..

 

 


 

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة