كل يوم تتضح أهمية التنوع فى الحوار الوطنى، ورغم أهمية كل الملفات السياسية والاقتصادية، فإن ملف الإدارة المحلية والمجالس الشعبية المحلية، يحتل مكانا متقدما ضمن اهتمامات المشاركين، من الأحزاب والمستقلين وخبراء الإدارة المحلية، وكل من يرى أن الوقت مناسب لطرح ومناقشة القضايا المرتبطة بالسياسة ودور الأحزاب، والقضايا التى تتعلق بالمجتمع والمستقبل.
ومن خلال الحضور والمشاركة يتضح أن الإدارة والمجالس الشعبية المحلية واحدة من أهم النقاط التى تحظى باهتمام المشاركين فى جلسات الحوار المنعقدة، وتمثل مطلبًا يفرض نفسه من سنوات، والنقطة الأولى بالاهتمام ضمن أى حوار يتعلق بالمستقبل، والاتفاق على أن المجالس الشعبية أهم جهاز شعبى، ويترتب عليه التخلص من البيروقراطية، وتطبيق اللامركزية، وبالتالى يتطلب من المشاركين التوصل إلى أكبر قدر من التوافق، وبالفعل تحدث المشاركون بكامل الحرية لترجمة ما يتضمنه الدستور والخروج بقانون يناسب الحالة السياسية والتنمية، لأن المحليات تتعلق وتتشابك مع كل الملفات الإدارية، والهندسية، ويقع عليه عبء تنظيم كل شؤون الحياة.
قانون المحليات لا يرتبط فقط بانتخابات المجالس الشعبية المحلية، لكنه يتشابك مع عدد من الوزارات مثل الإسكان والنقل والمالية والصحة والتضامن والداخلية، وسلطات المجالس الشعبية وحق الرقابة والمساءلة وحصانة العضو، وسلطات المحافظين ورؤساء الأحياء والمدن، خاصة أن منح سلطات للمحليات هو أحد أهم أسس الإدارة الحديثة، ومن شأنه أن يخفف العبء على الحكومة والبرلمان.
وقد تأخر إصدار القانون، وأكثر من مرة وجه الرئيس مجلس النواب للانتهاء منه حتى يمكن أن تجرى انتخابات المجالس المحلية لتحمل عبء الرقابة والمتابعة بالشكل الذى ينهى مشكلات متراكمة من عقود، قانون الإدارة المحلية قطع رحلة مضنية طوال عقود، ورغم الاتفاق على أن أكثر من نصف مشكلات مصر حلها فى المحليات، فقد ظل مشروع القانون يراوح مكانه.
وهناك أمل أن يصل الحوار إلى تصور يخدم الدولة والمجتمع، ويسهل ضبط وتنظيم العلاقة بين المواطن والدولة ممثلة فى الإدارة المحلية، والاستفادة من تجارب الدول المختلفة، مع الأخذ فى الاعتبار أن لكل دولة ظروفها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، لكن هناك ثوابت تتعلق بتنظيم البناء والتراخيص والمرور، والأرصفة والإشغالات، وما يتعلق بالكثير من التفاصيل الخاصة بحياة الناس.
وقد تطرق المشاركون فى الحوار إلى قانون الإدارة المحلية، وطريقة انتخاب أعضاء المجالس الشعبية، وشكل القائمة، والتوافق على القائمة المغلقة، بجانب آراء تشير إلى أشكال أخرى من القوائم، وهو نفس ما يتعلق بالانتخابات عمومًا، لكن الأهم هنا كما طرح مقرر لجنة الحوار الوطنى سمير عبدالوهاب، قائلا «إن ما سينتج عن الحوار من مشروعات قوانين سوف يكون ناتجًا لمشاركة الأحزاب والقوى السياسية وأعضاء مجلس النواب والممارسين والخبراء فى مجال الإدارة المحلية، وهو أمر لم يحدث من قبل، حيث كانت معظم قوانين الإدارة المحلية عبارة عن قرارات بقوانين».
وهناك آراء تطالب بإعادة حق الاستجواب وتفعيل أدوات الرقابة إلى المجالس الشعبية، تجاه المسؤولين التنفيذيين، وهو أمر يبدى البعض ملاحظات عليه، ويراه آخرون فاعلا، ولا يمثل أى نوع من التجاوز، بل هو يعطى صلاحيات لتقليل الضغط على البرلمان، لكن السؤال الأهم هو: كيف يمكن للأحزاب أن توفر 60 ألف شاب وأكثر يمكنهم الدخول للمجالس المحلية؟ وكيف يمكن انتقاء شباب يمثلون رصيدا لعمل سياسى مستقبلى؟، وفى حالة انتخاب مجالس شعبية بنجاح، فإن المحليات ستكون هى المفرخة التى تنتج الكوادر السياسية، وتقدم روافد سياسية تصعد من القاعدة إلى أعلى.
كل هذه العناصر تمثل أساسًا لحوار، يدخل فى التفاصيل، ويمكن التوافق على سياقات مثمرة، لبناء حياة سياسية، مع إصلاح إدارى بوقت واحد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة