مع احتدام الصراع في أوكرانيا، واشتعال الحرب بعد السيطرة الروسية على "باخموت" - المعركة الأشرس التي استمرت شهورا - ، وإصرار الولايات المتحدة والغرب على الدعم العسكرى المتواصل، وجولات زيلينسكى المكوكية لدول أوروبية ولمجموعة السبع، وكذلك زيارة بلينكين إلى السويد وفنلندا والنرويج في إطار الاستعداد والتنسيق لقمة منظمة حلف شمال الأطلسى "الناتو"، التى تستضيفها مدينة فيلنيوس، عاصمة ليتوانيا، يوليو المقبل، يكون السؤال ماذا لو نجحت هذه القمة فيما فشلت فيه قمة الناتو في بوخارست من قبل 15 عاما؟.
بداية.. معلوم أن الحلف في بوخارست - 2008 - فشل في التوصل إلى اتفاق حول كيفية معالجة طموح أوكرانيا وجورجيا فى الفوز بعضوية حلف الناتو، وقتها رفض الأعضاء انضمام أوكرانيا محتجين بعدم استعداد أوكرانيا وجورجيا للعضوية، وأنه من الحكمة عدم المخاطرة باستعداء روسيا، إلا أنهم تركوا باب انضمام أوكرانيا مفتوحا مما أدى إلى تأجيج نيران الغضب في روسيا، وتضخيم آمال المؤيدين خاصة بعد حرب الـ5 أيام بين روسيا وجورجيا بعد القمة بـ4 شهور، وضم روسيا للقرم 2014.
وبعيدا عن الصدمة والفشل الذى حدث في بوخارست، فالمتتبع لما يدور الآن يجد أنه رغم تجدد الدفع باتجاه عضوية أوكرانيا والسويد بعد ضم فنلندا، إلا أنه القرار ما زال صعبا في ظل احتدام الصراع ومعاناة الأوروبيين جراء ما يحدث، والخوف من استفزاز روسيا في ظل التقارب الروسي الصينى من جهة وفى ظل تهديد بوتين المستمر بالحرب النووية من جهة ثانية.
لكن المؤكد أن القضية ستحتل صدارة المناقشات وأجندة أعضاء الناتو في قمتهم، وسيكون التركيز على توجيه الدعم العسكرى الفوري لأوكرانيا، والعمل على الحفاظ على مستوى قوي من تدفق الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا من باب أن الدعم الملموس أكثر فائدة لأوكرانيا من الالتزامات الرسمية على الورق.
أما محاولة تصحيح أخطاء الماضى الذى حدثت في بوخارست، واتخاذ قرار الانضمام دون تردد، فاعتقادنا أن الوقت ما زال غير مناسب لتصحيح أخطاء الماضى وتجسيد الوعد المبهم غير المحدد الذي بُـذِل قبل 15 عاما، لنفس التخوفات الماضية سواء بوقوع أى كارثة أخرى على غرار ما حدث في بوخارست من شأنها ملاحقة الحلف لسنوات قادمة، خاصة أن هناك – الآن - تجددا للصراع على الحدود الكوسوفية الصربية والتخوف من خلق بؤرة صراع جديدة في دول البلقان، الأمر الذى لا يريده الناتو ولا الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة أن شرارة الحرب العالمية الثانية اشتعلت دول البلقان، وهو ما جعل الناتو يطالب حكومة كسوفو بالتهدئة، ليكون السؤال ما دلالة هذه التوترات الآن قبل قمة الحلف في فلينيوس؟.
إضافة إلى أنه حتى الآن لم يتم توجيه دعوة لأوكرانيا لتصبح عضوا في حلف شمال الأطلسي في قمتها في يوليو في فيلنيوس، وذلك وفق "واشنطن بوست الذى أكدت انه لن يتم توجيه دعوة بينما ستناقش إمكانية زيادة التفاعل مع كييف والإطار المحتمل وشروط دخولها إلى الحلف العسكري "الناتو" في المستقبل.
نهاية.. لم يعد هناك أي شك في أن عضوية السويد وأوكرانيا آتية يوما على الأقل من وجهة نظر الولايات المتحدة الأمريكية الداعم الأكبر للناتو، وكذلك الغرب، لأنهم يرون أن أمن أوكرانيا هو المفتاح إلى الاستقرار الأوروبي، لكننا نرى أن مستقبل أوكرانيا ليس وحده على المحك في قمة الحلف فى فيلنيوس بل مستقبل الحلف أيضا، لذا فإن مخرجات هذه القمة ستكون المؤشر الحقيقى لنهاية هذا الصراع وتطوره.