أحمد التايب

قمة بريكس 2023.. بين الآمال والتحديات

الثلاثاء، 22 أغسطس 2023 03:32 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

وسط احتدام عالمى وصراعات دولية متعددة تأتى قمة بريكس 2023 بجنوب أفريقيا مُحملة بآمال دول وترقب أخرى، فما بين الآمال والتحديات تحتل أجندة أعمال القمة مجموعة من القضايا منها ما يُناقش علنا ومنها يُداول خلف الأبواب المغلقة، وبين هذا وذاك الكل يتساءل هل سيمكن التصدي للهيمنة الغربية وكسر جموح الدولار؟

نعم.. الكل يتفاءل خاصة أن من يُريد الانضمام إلى بريكس في تزايد، حيث أعربت أكثر من 40 دولة عن رغبتها في الانضمام، منها 23 دولة قد فعلت ذلك رسميًا، والكل يطمح إلى إيجاد نظام اقتصادي مواز للنظام الحالي الذي تقوده الولايات المتحدة، وذلك بهدف إعادة تشكيل النظام العالمى ليعيد التوازن للاقتصاد العالمى.

 لنكون أمام سؤال آخر يطرح نفسه، هل سيتحقق الهدف؟.. في اعتقادنا أن لغة الأرقام تدعو للتفاؤل، فمجموعة بريكس تسيطر على 17 بالمئة من التجارة العالمية، ودولها الحالية تسيطر على 27 بالمئة من مساحة اليابسة في العالم، أي ما يُعادل نحو 42 بالمئة من إجمالي سكان الأرض، بينما يبلغ عدد سكان دول مجموعة السبع نحو 800 مليون نسمة، غير أن سياسة التكتل حتى الآن لا تتخذ مسارات الصدام فكل أعضاء البريكس لا يتحدثون إلا عن زيادة استخدام العملات المحلية في التجارة البينية وإنشاء نظام دفع مشترك، متخذين الأزمة الروسية الأوكرانية فرصة لتحقيق هذا الهدف.

لكن رغم هذا التفاؤل بنجاح تكتل بريكس فى هز عرش الدولار، فإن سياسة الأمر الواقع تُقلل من هذا التفاؤل، لأن الواقع يؤكد وبقوة أن كسر هيمنة الدولار الأمريكي في النظام المالي العالمي في غاية الصعوبة، إذ يُمثِّل الدولار العملة الاحتياطية الأوسع انتشارًا في العالم بنسبة 61%، فهو العملة الأساسية في التجارة العالمية وفى الأسواق العالمية للأسهم، وفى أسواق السلع والودائع البنكية، والتمويل الإنمائي والاقتراض.

وإذا كانت سياسة الأمر الواقع تمثل تحديا أمام مجموعة البريكس ، فإن هناك تحديا آخر – في رأينا - يتمثل في وجود خلافات بين عدد من الأعضاء، فنموذجا هناك نخوف من الهند من أن تلعب الصين دورا مهيمنا في التكتل فيتوسع نفوذها الاقتصادى في حين تربطها أيضا ولاءات وتوافقات مع الولايات المتحدة الأمريكية.

وعلينا أن ندرك أيضا أن قضية تحويل النظام العالمى من عملة إلى أخرى لا يحدث في ليلة وضحاها، لكن الأمر سيستغرق سنوات حال التغلب على التحديات، خاصة أن اليوان الصيني وعملات الخليج مرتبطة بالدولار، ولا ننسى أن جانبًا كبيرًا من احتياطيات دول بريكس أصلا بالدولار الأمريكي واستبداله بعملة أجنبية أخرى سيعرض هذه الدول - قطعا - لخسارة شديدة اقتصاديا فى ظل نسبة الدولار نحو 80% من حجم التجارة العالمية.

نهاية..  تكتل بريكس يُمثل قوة اقتصادية وجيوسياسية كبيرة، وهناك رغبة كبيرة لدول كثيرة للانضمام إليه، خلاف فرصة الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها السلبية على نظام القطب الواحد،  بالإضافة إلى تكشّف أنانية النظام العالمى الحالي، أعتقد أن كل هذا سيحد - قطعا - من تأثير الدولار على الأقل خلال السنوات المقبلة، إضافة إلى أن هذا التكتل سيخلق حالة من التنافس العالمى كبيرة وطموحة ما يعود بالنفع على بعض اقتصاديات الدول الناشئة والواعدة، غير أنه سيدق ناقوس خطر للنظام العالمى الحالي لمراجعة سياسته من جديد، والأهم أنه سيُساعد دولا فى حجز مكان في نظام عالمى جديد يتجه إلى تعدد الأقطاب..







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة