بعد إثارة مانشيت صحيفة اليوم السابع "هولوكوست غزة" حالة من القلق الاستراتيجي للكيان الإسرائيلي، هناك سؤال وهو لماذا لم يوظف الإعلام العربى - الجديد منه والقديم - هذه المصطلحات التي توجع إسرائيل وتقلقها، لذلك أدعو كل من لديه منبرا إعلاميا حتى ولو صفحة على مواقع التواصل الاجتماعى أن يُدرك أهمية حرب وصراع المصطلحات، ونموذجا ما أحدثه مانشيت "هولوكست غزة" من إثارة للقلق الاستراتيجي لإسرائيل، حيث قام معهد الأمن القومى الإسرائيلي بحضور وزير خارجية الكيان بمناقشته ومهاجمة تغطيات عربية لما يدور في غزة، لذا علينا أن نعى أهمية الاستثمار الإعلامى في المصطلحات خاصة أنها باتت سلاحا لا يقل أهمية عن أسلحة حروب الميدان، فلما لا والولايات المتحدة وهى القوى العظمى المهيمنة على العالم تتخذ من صياغة المصطلحات والشعارات سبيلا لفرض سيطرتها وتحكمها في مصير الشعوب وتعتبرها ركيزه أساسية في خطابها الرئاسي والسياسى والدبلوماسى.
عزيزى، ما نأمله من إعلامنا العربى والنخب الإعلامية أن يتذكروا أن الدولة الصهيونية طورت وكرست رواية الهولوكوست أو المحرقة اليهودية لخدمة أهدافها الاستراتيجية بل اتخذتها وسيلة ومبررا لابتزاز العالم تحت اسم معاداة السامية والإرهاب الدولى وذريعة لجذب تعاطف المجتمع الدولى لتبرير القتل والعدوان على الشعب الفلسطيني.
لهذا يقلقهم وصف ما يحدث في غزة على أنه هولوكوست؟.. لأنه ببساطة ما يجرى في غزة من قتل وعدوان وجرائم حرب ومجازر في حق الأطفال والنساء والشيوخ أمام كاميرات الإعلام وشاشات الفضائيات وتنقله وسائل الحداثة لحظة بلحظة جعل العالم كله لا يحتاج جهدا لوصف ما يحدث أنه هولوكست جديد، خاصة أنه أكثر مصداقية وأفظع بشاعة من هولوكست اليهود التي يدعونه، لأن هناك كثيرا من الأصوات الغربية والأمريكية باتت تشكك أصلاً في حدوث محرقة لليهود كما يتم تصويرها من قبل الصهاينة، أو على الأقل أن هناك من يعتبر ما حدث لليهود مبالغة صهيونية في الأعداد والوصف.
غير أن هناك اتفاقا لكثير من الخبراء والباحثين مجتمعات البحث العالمية على أن المحرقة اليهودية ما هي إلا صناعة صهيونية تم استثماراها على مدار عقود طويلة كفزاعة وكعنصر جذب للهجرة لأرض فلسطين ووسيلة – كما ذكرنا- للابتزاز العالمى والأخلاقى ولتحقيق مكاسب استراتيجية للكيان الصهيوني.
وهو ما يدفعنا أن نتساءل، لماذا لم يتم وصف ما يحدث في غزة على أنه هولوكوست ويكون عنوانا رئيسيا في تغطيتنا الصحفية والإعلامية وتوظيفه في المسارات السياسية والدبلوماسية لتكريسه وترسيخه، ونحن هنا لا نكذب ولا نضلل وإنما ما يحدث من جرائم قتل وحرق ودمار وعدوان وتجويع وتشريد في قطاع لا يتعدى 350 كيلو متر يقطنه 2 مليون 300 ألف فلسطيني كارثة إنسانية الكل يعترف بها بدءا من الأمين العام للأمم المتحدة ورؤساء لمنظمات حقوقية وإنسانية رغم محاربة ومواجهة شرسة من الولايات المتحدة وإسرائيل لهذه المواقف.
وأخيرا.. يجب أن نفهم طبيعة ومبررات تواطئ المجتمع الدولى ولا نعول عليه، لكن علينا – على الأقل – أن نقوم بدورنا إعلاميا والاستثمار في كل ما يُساعد في إثارة القلق الاستراتيجي للكيان، خاصة أننا نرى الرئيس الأمريكي وإدارته تعتمد على سياسة خلق الذرائع دعمًا لاستمرار حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني وبهدف منح الغطاء للمجازر التي ترتكبها آلة حرب الاحتلال، لذا فالتركيز على وصف ما يحدث في غزة على أنه هولوكست يوجع الكيان ويهدد مظلوميتهم ويقضى على كنزهم الاستراتيجي في تحقيق أهدافهم.. هولوكوست غزة