في ظل مواصلة إسرائيل عدوانها وعملياتها العسكرية على قطاع غزة تلقت محكمة العدل الدولية طلبا برفع دعوى من جنوب أفريقيا ضد إسرائيل لانتهاكها اتفاقية منع الإبادة الجماعية، ومن المقرر عقد جلستي استماع علنيتين يومي الخميس والجمعة "11 و12 يناير الجارى" في مقر المحكمة في لاهاى، ليتسائل الجميع ما أهمية هذه الخطوة، وماذا ستفعل إسرائيل؟
بداية.. ستقدم جنوب أفريقيا مرافعتها الشفهية في جلسة بعد غد الخميس 11 يناير، لترد إسرائيل فى مرافعة شفهية الجمعة 12 يناير، وهناك حالة من التفاؤل والتشاؤم تلوح في الأفق، نبدأها بالأمل والتفاؤل الذى يتمثل في إدانة المحكمة لإسرائيل في ظل ما يراه العالم على شاشات إعلامه من ممارسات عدوانية في حق الشعب الفلسطينى وتصريحات المسئولين الإسرائيليين عن تهجير سكان غزة، وفى ظل توصيفات جنوب أفريقيا وسردها للوقائع في طلبها بشكل موثق واستشهادها بتصريحات وبما قالته المنظمات الدولية والأهلية وبما قاله مسئولون في الحكومة الإسرائيلية وليس بما قاله الفلسطينيون.
وما يدعو للتفاؤل أيضا أن دعوى جنوب أفريقيا تضمنت شقين، الأول الشق المستعجل والثانى الشق الموضوعى، ما يعنى جدية جنوب أفريقيا من ناحية، ويتيح فرصة للمحكمة لإصدار حكم سريع يؤدى إلى تعليق إطلاق النار والقصف وإدخال المساعدات، حتى يتم الانتهاء من نظر الشق الموضوعى الذى يتطلب وقتا حيث سيتم إتاحة الوقت لإسرائيل للرد وكذلك فتح الباب أمام دول العالم أن تقدم دعما لأى طرف أو تنضم للدعوى لصالح أي طرف.
لنأتى إلى محاولات إسرائيل وخططها الخبيثة لإفشال القضية، وهو ما يجب على المجتمع الدولى خاصة الدول الداعمة لوقف إطلاق النار وضعه عين الاعتبار، وبالفعل قد تحدثت تقارير إعلامية على وجود خطة إسرائيلية للضغط من أجل عدم إصدار أي قرار من قبل المحكمة، وذلك من خلال ممارسة اللوبى الصهيونى ضغوطه على المحكمة لعدم إصدار أمر قضائي يأمر بتعليق الحرب على غزة، أو الضغط من أجل تصدير رواية أن الجيش الإسرائيلي يعمل وفقا للقانون الدولى في إطار الدفاع عن النفس،، والتأكيد على أن هناك جهودا لإسرائيل من أجل زيادة المساعدات الإنسانية لسكان غزة حتى لا تثبت نية الإبادة الجماعية أمام المحكمة وهذا ما يجب أن نحذر منه.
وأعتقد أن كل ما يشغل إسرائيل أنها تفرغ الدعوى من مضمونها خاصة فى شقها المستعجل لضمان عدم إصدر أى قرار ضدها من المحكمة، لكن يزداد التشاؤم حقا لو تقاعست المحكمة وامتثلت للضغوط ولم تقم بواجبها أو تم إصدار حكم وعجز المجتمع الدولى على تنفيذه خاصة أن روسيا رفضت أمر المحكمة العام الماضي بوقف غزوها لأوكرانيا.
وأيا كان الأمر ما فعلته جنوب أفريقيا أمر مقدر وخطوة مهمة من المؤكد أنها أزعجت إسرائيل، وهو ما يجب أن يقابله ضغط كبير وجاد من العالم العربى والإسلامى بالإسراع لتأييد جنوب أفريقيا وكذلك يجب أن يقابله مسئولية أخلاقية من قبل المجتمع الدولى ليحفظ ماء وجهه أمام ما ترتكبه إسرائيل من جرائم حرب ومجازر إنسانية في حق شعب أعزل..