مما لا شك أن دراما رمضان 2024 تتمتع بحالة من الزخم، ورغم أنه من المبكر الحكم على الأعمال الفنية المقدمة في هذا الموسم الرمضانى إلا أن مواقع التواصل الاجتماعى تشهد رواجا كبيرا سواء من خلال الإعجاب بأعمال فنية معينة أو من خلال إثارة الجدل بشأن أحداث بعض الأعمال.
وأعتقد أن مسلسل الحشاشين أكثر الأعمال التى تصدرت هذا الرواج والتفاعل، لدرجة أن كل حلقة ومشهد بالمسلسل يتم وضعهما تحت الميكرسكوب من قبل المتفاعلين والمشاهدين، بدءا من تتر المسلسل واللغة والمحتوى، حتى طلة الفنان وأدائه، والحوار وطريقة نطقه، والعناصر الفنية من تصوير ومونتاج وإخراج وموسيقى وغيرها من الأمور الفنية.
لكن اللافت – حقا - أن هناك موجة من الانتقادات غير طبيعية لهذا المسلسل، فمرة يتم انتقاد لغة الحوار، ومرة أخرى يتم التشكيك في أحداثه وثالثة يتحدثون عنه وكأنه وثيقة تاريخية متناسين أنه عمل درامى تاريخى، ورابعة يتحدثون عن التشكيك في المناظر والديكور، لدرجة وصلت إلى اللا معقولية في الانتقاد، والذى بدورها جعلتنا نتأكد يوما بعد الآخر أن هذه الانتقادات لا تأتى إلا وفق منهج ثابت، وتعمد مقصود، ليتذكر الجميع المثل المصرى القائل "اللى على رأسه بطحة يحسس عليها".
والمتتع لموجة الانتقادات يجد أنها بدأت برفضها استخدام اللهجة العامية وحالة الانتقاد الدائرة بأنه مسلسل تاريخي ويفترض أن يكون باللغة الفصحى وليس باللهجة المصرية، متناسين أن اللغة المصرية هى من قرّبته من الناس وأبعدت عنه سمة النخبوية، وهناك كثير من الأعمال الدرامية التي وصفت بالملحمة كانت باللهجة المصرية مثل الزينى بركات وغيره من الأعمال الفنية.
وكذلك اتهام صُناع المسلسل بعدم الدقة في السرد التاريخي، متناسين أننا أمام عمل درامى تاريخى، وليست وثيقة تاريخية، وأن الكتب والمراجع لم تتفق على رواية واحدة لكثير من الأحداث، بالإضافة إلى إثارة بعض الأسئلة التشكيكية مثل ما هو سر اختيار موضوع العمل؟، ولماذا شخصية "حسن الصباح" بالأخص لتقديم مسلسل عنها؟ متناسين أن حسن الصباح هو من أسس فرقة "الحشاشين" تلك الفرقة التى قامت بسلسلةٍ من الاغتيالات الدموية في القرن الـ 11 الميلادى ولم يوجد أي حالة إسقاط حتى الآن.
لكن العجيب – حقا – هو الرد العنيف من بعض الجماعات الذين اعتبروا أن العمل موجه ضدهم ويهدف إلى النيل منهم وتشويه صورتهم، وشنوا هجوماً عليه منذ الإعلان عنه دون حتى الانتظار إلى مشاهدة أحداثه، بل شنوا هجوما على صنّاعه معتبرين أنه حاول التصويب عليهم والتلميح بأنهم ينتهجون نهج جماعة الحشاشين، وبأن مبدأ السمع والطاعة هو المعتمد عند هذه الجماعات، وهنا يظهر المثل الشعبى القائل "اللى على رأسه بطحة يحسس عليها".
وأيا كان الأمر.. أعتقد أن سيل الانتقادات لمسلسل الحشاشين له هدف واضح ومقصود، وهو إبعاد الناس عن فهم الرسالة الحقيقية من وراء هذا العمل الفنى، بل السعي لتضييع الفرصة أمام المشاهدين حتى لا يتم الاستفادة من هذه العمل الدرامى الكبير، متناسين أن الهدف حتى الحلقة رقم 6 هو تسليط الضوء على نشر الفكر المتشيع التكفيرى وتأسيس فرقة الحشاشين المتطرفة من قِبل مؤسسها حسن بن الصباح الفارسى، وكشف جحم الخطايا التي ترتكبها التنظيمات السرية داخل المجتمعات، خاصة قيامهم بتشويه كل من يختلف معهم في الرأي.