لاشك أن الولايات المتحدة تتبع سياسة الغموض الاستراتيجي في تعاملها مع حرب غزة، وهذا ظهر جليا من خلال خطابها الإعلامي والسياسى بشأن التهدئة وضرورة الوصول إلى اتفاق ينهى الحرب، مقابل تحركات ودعم لا محدود لإسرائيل بإرسال الأسلحة والأموال وحمايتها من مجلس الأمن بالفيتو، وبدعمها في أروقة المنظمات الدولية والمحاكم الدولية، لذلك فإن – اعتقادى – أن الولايات ما زالت تتبع ما يسمى بدبلوماسية "الأسفنجة" في محاولة لامتصاص الغضب سواء من قبل الأطراف الفاعلة أو الرأي العالمى خاصة أنها تترك إسرائيل ترتكب جرائم حرب وأعمال إبادة جماعية في حق الفلسطينيين دون ضغط حقيقى عليها كما تتدعى فى الأوساط السياسة أو خلال خطابها الإعلامى.
لذا علينا أن نضع عين الاعتبار، أن الولايات المتحدة تتبع في دفاعها وحمايتها لإسرائيل سياسة المرونة، والمراوغة، وتتبع ما يسمى بدبلوماسية الأسفنجة لاحتواء الصراع ولعدم نشوب حرب إقليمة تهدد مصالحها وفى نفس الوقت تسعى لمنح إسرائيل فرصا لتحقيق أهدافها والانتصار في معركتها ضد المقاومة، لذا لا نتمنى أن يكون تحركها بإصدار بيان ثلاثى مع مصر وقطر، بعد زيادة حدة التوتر بين إيران وإسرائيل وإصرار طهران على توجيه ضربة موجعة لتل أبيب ردا على اغتيال إسماعيل هنية رئيس حركة حماس، وفؤاد شكر الرجل الثانى فى حزب الله اللبنانى، يأتى فى إطار دبلوماسية الأسفنجة التى تتبعها منذ بدء الأزمة..
وهو ما يجعلنا نحذر من فخ دبلوماسية الأسفنجة التى تهدف لامتصاص حالة الاحتقان تحت أمل مساعدة إسرائيل على الاسترخاء من حالة التوتر الذى تتعرض إليه خوفا من الرد الإيراني وتلقيها خسائر اقتصادية كبيرة بالإضافة إلى حالة الرعب التي يعيشها الإسرائيليون.
نقول هذا، لأن نتنياهو ما زال يواصل جرائمه في غزة، وتصريحاته هو ووزرائه المتطرفين لم تتغير بشأن تجويع سكان غزة، والتحكم في مسار المفاوضات، ما يؤكد أن هذه الممارسات المتطرفة تفرغ البيان الثلاثى من مضمونه، ويكون مثل البيانات أو التحركات السابقة، لذا على الولايات المتحدة إذا كانت جادة هذه المرة أن تضغط على نتنياهو حتى يكون هذا البيان بمثابة بادرة أمل لإنهاء الحرب، لأن كل ما يحدث في الإقليم يرتبط ارتباطا رئيسيا بما يدور في غزة.
والأهم منع تحقيق رغبة نتنياهو في جر الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران، لأنه وضح للعالم كله خلال حديثه أمام الكونجرس محاولته بكل الطرق الترويج بأن عدو أمريكا وإسرائيل هو إيران، وأن تل أبيب تحمى واشنطن من إيران.
وأخيرا.. نستطيع القول: إن البيان الثلاثى اختبار حقيقى للولايات المتحدة، وممكن البناء عليه لكسر جمود المفاوضات، بل من الممكن أن يقود إلى تسوية شاملة، من خلال منع الرد الايرانى مقابل وقف إطلاق النار وإنهاء حرب غزة وتحقيق الاستقرار في المنطقة.. فهل ستفعلها الولايات المتحدة - وهذه المرة - وتقول لتل أبيب كفى.. !