صدر حديثا عن الدار العربية للعلوم ناشرون، رواية بعنوان "شغف" للكاتبة المصرية رشا عدلى، وتعد هذه هى الرواية السادسة ضمن مشوارها الأدبى.
وفى رواية "شغف" لا تخرج رشا عدلى عن الخط الذى سارت عليه فى أعمالها السابقة من حيث الاهتمام بتاريخ الفن وجعله ذريعة روائية تتأسس عليها الأحداث التى يتجاور فيها الماضى والحاضر، من خلال شخصيات تعيش فى الحاضر وتلتقى شخصيات من سياقات تاريخية بالصدفة أو عن سبق إدراك واشتغال.
وكان اكتشاف لوحة فنية لرسام مجهول فى حاجة إلى ترميم أثر حريق المجمع العلمى بالقاهرة، بداية للأحداث التى تكشف شيئا فشيئا عن رواية مليئة بزخم تاريخى كبير يتناول الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون الذى حاول تقديم نفسه كمنقذ للشعب المصري. لكن هذا الزخم التاريخى، الرتيب عادة، تكسره قصتا حب عاصفتين، يجمع بينهما طموح سيدتين لتحقيق أحلامهما، مهما بدت متباينة بتباين السياقين الزمنيين اللذين عاشتا فيه.
سر اللوحة المجهولة فى رواية شغف
ما يمكن الانتباه إليه ويستحق التوقف عنده لدوره الكبير فى دينامية الأحداث، حسبما ذكر بيان صحفى، عن الرواية، أن أستاذة الفن الباحثة عن كشف سر اللوحة المجهولة كلما توغلت فى حياة صاحبة الوجه المرسوم فى اللوحة تجد نفسها فى مواجهة هواجسها المرتبطة بقصة حبها لشريف.
لقد كانت فتاة اللوحة مستعدة للتضحية بكل شيء من أجل التفاته من نابليون تجعلها فى مصافى سيدات المجتمع "الراقي"، قبل أن تعجز عن ابتلاع الأمر بسبب صراع داخلى بين ما ينبغى وما لا ينبغى لامرأة شرقية أن تفعل، خاصة مع النظرات الأقاويل والإشاعات المستفزة للأهل والجيران ومن خلاله عموم المجتمع الشرقي. إنه الصراع ذاته الذى وجدت الأستاذة نفسها فيه فى الكثير من اللحظات. لكن الفرق هو أن الزمن تغير كثيرا، وكذلك طريقة الحياة، وهى نقطة أيضا تعالجها الرواية من خلال نوع القرارات العاطفية التى اتخذتها فتاة اللوحة فى زمنها التاريخى والاستاذة فى زمنها الراهن.
"هل نبقى مع يعشقنا حقًّا ولكنه لا يجيد فنَّ العشق.. أم نذهب لمن يجيد ممارسة فنون العشق دون أن يعشق حقًّا؟!" سؤال يعكس، بشكل ما، ذلك الصراع الداخلى للمرأتين. لقد فرت فتاة اللوحة "زينب" من حب مستحيل لنابليون لتقع بالصدفة فى عشق فنان تشكيلى كان واحدا ممن استقدمهم الإمبراطور لتسجيل انتصاراته فى الشرق، لكنه انغمس فنيا فى حياة "الشرق"، بينما لم تتمكن الأستاذة (ياسمين) من التخلص من حبها لشريف الذى وجد فى التصوف ضالته واتبع نهج الفلسفة الصوفية، بالرغم من كل المطبات التى واجهتها علاقتهما، ومحطات الشد والجذب بين الإقبال والإدبار.
رواية "شغف" تقترح على القارئ سفرا فى تاريخ مصر إبان الحملة الفرنسية، لكنها أكثر من ذلك تنعطف إلى داخل المرأة لتقدم قراءة من داخلها، أحاسيسها، رغباتها، صراع عقلها وعاطفتها، أنانياتها الصغيرة وعلاقة هذه الأنانيات بآلام الجماعة، مع جانب مأساوى غالبا ما يرافق قصص الحب العنيفة.
وخلال هذه الانعطافة يمكن الوقوف على جملة متغيرات اعترت الحياة فى المجتمع المصرى منذ القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وعلى تحولات قد لا يمكن رصدها إلا عبر هذا التوازى بين الأحداث والأزمنة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة