إذا ما سألت أى كاتب فى عالمنا عما يتمناه لروايته، فسوف يذكر لك أربع أمنيات، أولها أن تحقق الرواية نجاحًا على مستوى المبيعات، وانتشارًا على صعيد الترجمة، وشهرة عالميًا بحصولها على جائزة أدبية مرموقة، إن لم تكن عدة جوائز فلا بأس بالطبع، وأخيرًا أن يتم تحويلها إلى فيلم أو مسلسل تليفزيونى يزيد من شهرتها، وحجم مبيعاتها أيضًا.
وإذا ما سألت الكاتب نفسه عن تلك الرواية التى حققت هذا النجاح، ويتمنى لو أنها روايته، فربم يذكر لك رواية "جاتسبى العظيم" للكاتب الأمريكى فرانسيس سكوت كى فيتزجيرالد (24 ديسمبر 1896- 21 ديسمبر 1940).
أما عن سر اختيار هذه الرواية "جاتسبى العظيم" على وجه التحديد، فهذا لأنها تفوقت على أحلام الكاتب، التى سبق واختصرناها فى أربع أمنيات، فهذه الرواية ما زالت حتى يومنا هذا تحقق المزيد من الشهرة والنجاح لكاتبها عبر العصور.
فالرواية التى صدرت عام 1925، ما زالت بعد مرور 93 عامًا تحقق لفرانسيس سكوت كى فيتزجيرالد شهرة ربما لم يحلم هو بها بين أجيال جديدة تقضى معظم أوقاتها مع أحدث تقنيات التكنولوجيا وما تشهده من طفرة تدفعها للبقاء على مواقع التواصل الاجتماعى، وأحدث الألعاب المشوقة، التى تسرق أبناء هذا العصر من متعة قراءة الكتب.
وقبل معرفة آخر النجاحات التى حققتها رواية "جاتسبى العظيم" لكاتبها فرانسيس سكوت كى فيتزجيرالد، بعد مرور 78 عاما على رحيله، سنذهب للتعرف على بداية هذه الرواية التى تعد من أهم روايات القرن العشرين، والعوامل التى أثرت على إخفاقها قبل نجاحها.
حينما صدرت رواية "جاتسبى العظيم" تأثرت بالأزمة الاقتصادية -حينذاك- التى انعكست سلبًا على سوق حركة النشر وبيع الكتب، فباعت 20 ألف نسخة فقط، ناهيك عن أن هذا العدد من النسخ فى عالمنا العربى لو تحقق لكاتب ما، ربما أصابه هوس العظمة.
هذا العدد من النسخ التى تم بيعها من الرواية عام 1925، واعتبر فى ذلك الوقت إخفاقًا، وقامت دار النشر باللجوء إلى حل -من المؤكد لن تلجأ إليه دور النشر فى عالمنا- وهو توزيع الرواية، ولكن على من؟، من هنا يحتاج الأمر منا إلى تأمل، فدار النشر لم تقم بتوزيع الرواية على المواطنين فى الشوارع أو وسائل المواصلات، بل ذهبت بها إلى الجنود الأمريكيين المشاركين فى الحرب العالمية الثانية، ومن هنا حققت الرواية شهرة واسعة، ولك أن تتخيل كل العوامل التى أكسبتها هذه الشهرة.
ترجمة رواية جاتسبى العظيم
فبعد توزيع الرواية التى توثق تاريخ عقد العشرينيات الصاخب، وما شهده من فترة مفصلية شكلت نقطة تحول فى حياة الأمريكيين، على كل المستويات أخلاقيًا وماديًا واجتماعيًا، ترجمت رواية "جاتسبى العظيم" إلى أكثر من 45 لغة، ومازالت حتى يومنا هذا يطبع منها عشرات الملايين من النسخ، وكان آخر الترجمات الصادرة حديثًا عن دار الكرمة للنشر، فى القاهرة.
الأفلام المأخوذة عن رواية جاتسبى العظيم
ومما يثبت أن رواية "جاتسبى العظيم" تفوقت بما حققته من نجاحات على أحلام وأمنيات الكتاب فى عالمنا، هو أنها لم تتحول إلى فيلم سينمائى واحد، بل تم تصوير الرواية منذ صدورها وحتى الآن خمس مرات، وجميعها حملت عنوان الرواية.
فأول فيلم تم تصوير كان عام 1926، وكان فيلمًا صامتًا، قام ببطولته وارنر باكستر ولويس ويلسون Lois Wilson ووليم بويل William Powell ومن إخراج هربرت برنون Herbert Brenon.
أما الفيلم الثانى فكان عام 1949 للمخرج إليوت نجنت Elliott Nugent لعب دور البطولة فيه ألن لاد Alan Ladd، وبتى فيلد Betty Field، وشيلى وينترز Shelley Winters.
الفيلم الثالث تم إنتاجه عام 1974، وكان من إخراج جاك كلايتون Jack Clayton وهو الفيلم الأكثر شهرة، وقام بتجسيد شخصية جاتسبى الفنان روبرت ريدفورد، ومثلة مايا فارو دور ديزى بوكانان، أما سام وترستون فأدى دور نك كاراويه، وكتب السيناريو فرانسيس فورد كوبولا.
أما عن الفيلم الرابع فتمت إنتاجه عام 2000، لكنه لم يكن للسينما، وإنما كان فيلمًا تليفزيونيًا من بطولة توبى ستيفانز وبول رود وميرا سورفينو، وأما الفيلم الخامس فكان فى عام 2013، وهو معالجة سينيمائية جديدة للرواية بعنوان ولكن بميزانية أضخم وتقنيات أحدث، وكان من بطولة ليوناردو دى كابريو، فى دور "جاتسبى"، وتوبى ماجواير فى دور "نك كاراويه".
طرح رواية جاتسبى العظيم بخط يد فرنسيس فيتسجيرالد
وإذا ما كنت قد تشبعت بكم هذه النجاحات، فإن "جاتسبى العظيم" ما زال يحمل فى جعبته المزيد من الدهشة، فمؤخرًا أعلنت دار نشر "إس بى بوكس" بالتعاون مع مكتبة جامعة برينستون الأمريكية عن إصدار نسخ مطبوعة من المخطوطة الأصلية للرواية البالغ عدد صفحاتها 302 صفحة، والمكتوبة بخط فيتسجيرالد عام 1922. لتكون متوفرة فى 1800 نسخة فقط، وفى أغلفة مصنوعة يدويًا، ليتم بيع النسخة الواحدة بـ 249 دولارًا أمريكيًا.
قالوا عن رواية جاتسبى العظيم:
ليست فقط رواية مثيرة ومحطمة للقلوب، إنها واحدة من أكثر الروايات التى كتبت تمثيلًا لجوهر أمريكا. مجلة تايم.
كان سكوت فيتزجرالد أفضل مما كان يعرف، لأنه فى الواقع، وأدبيًّا، اخترع جيلًا. جريدة النيويورك تايمز.
العمل الأدبى الأمريكى الأكثر كمالًا. البروفيسور تونى تانر.
التحفة الأمريكية، أفضل عمل أدبى لأى من كُتاب هذا البلد. جريدة الواشنطن بوست.
إنه كتاب من السماء، أندر شيء فى العالم. جان كوكتو.
أحداث رواية جاتسبى العظيم
فى قصر فخم فى نيويورك، فى العشرينيات من القرن الماضى، يعيش المليونير الغامض "جاى جاتسبى" فى الترف والرفاهة، ويقيم حفلات أسطورية باذخة يتهافت إليها المدعوون والمتطفلون. ولكن فى قلب هذا الصخب، يبقى المضيف وحيدًا، تواقًا إلى حبه الضائع، غير معنى إلا بإبهار شخص واحد: "ديزى بوكانان".
فهى رواية اجتماعية مذهلة، تجسد الحلم الأمريكى فى العشرينيات الذهبية، بلمعانه المفرط وإخفاقه المحتوم، مسلطة الضوء على الصراع بين المال والحب، بين السلطة والإخلاص. رائعة أدبية تتميز بلغة فريدة وشاعرية، تسطع كل أنوارها فى ترجمة محمد مستجير مصطفى البديعة، التى تفى النص الأصلى حقه بشكل لا يُعلى عليه.