سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 2 نوفمبر 1956.. عبدالناصر‭ ‬فى‭ ‬الأزهر‭..‬ والمذيع‭ ‬السورى‭ ‬عبدالهادى‭ ‬البكار‭ ‬يقتحم‭ ‬إذاعة‭ ‬دمشق‭ ‬معلنا: ‬‮«‬هنا‭ ‬القاهرة‭ ‬من‭ ‬دمشق‭ ‬هنا‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬سوريا‮»‬

السبت، 02 نوفمبر 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 2 نوفمبر 1956.. عبدالناصر‭ ‬فى‭ ‬الأزهر‭..‬ والمذيع‭ ‬السورى‭ ‬عبدالهادى‭ ‬البكار‭ ‬يقتحم‭ ‬إذاعة‭ ‬دمشق‭ ‬معلنا: ‬‮«‬هنا‭ ‬القاهرة‭ ‬من‭ ‬دمشق‭ ‬هنا‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬سوريا‮»‬ عبدالهادى بكار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قرر‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬إلقاء‭ ‬كلمة‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬منبر‭ ‬الجامع‭ ‬الأزهر‭ ‬بعد‭ ‬صلاة‭ ‬الجمعة‭ ‬يوم‭ ‬2‭ ‬نوفمبر،‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬اليوم،‭ ‬1956‭.. ‬ثالث‭ ‬أيام‭ ‬العدوان‭ ‬الثلاثى‭ ‬‮«‬بريطانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وإسرائيل‮»‬‭ ‬على‭ ‬مصر‭ ‬لإرغامها‭ ‬على‭ ‬تراجعها‭ ‬عن‭ ‬قرار‭ ‬تأميم‭ ‬قناة‭ ‬السويس‭ ‬الذى‭ ‬أعلنه‭ ‬عبدالناصر‭ ‬فى‭ ‬ميدان‭ ‬المنشية‭ ‬يوم‭ ‬26‭ ‬يوليو‭ ‬1956،‭ ‬لكن‭ ‬مفاجأة‭ ‬وقعت‭ ‬هددت‭ ‬بعدم‭ ‬إذاعة‭ ‬الكلمة،‭ ‬حيث‭ ‬تعرضت‭ ‬هوائيات‭ ‬الإذاعة‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬أبوزعبل‭ ‬لقصف‭ ‬جوى‭ ‬من‭ ‬العدوان،‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انقطاع‭ ‬الإرسال‭ ‬الإذاعى،‭ ‬حسبما‭ ‬يذكر‭ ‬سامى‭ ‬شرف‭ ‬مدير‭ ‬مكتب‭ ‬عبدالناصر‭ ‬فى‭ ‬الكتاب‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬مذكراته‭.‬
 
احتشدت‭ ‬الطاقات‭ ‬فى‭ ‬القاهرة‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬لهذه‭ ‬المشكلة،‭ ‬وكانت‭ ‬العاصمة‭ ‬السورية‭ ‬دمشق‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬معها‭ ‬أيضا‭.. ‬يتذكر‭ ‬‮«‬شرف‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬جمال‭ ‬عبدالناصر‭ ‬أبلغه‭ ‬بذهابه‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الأزهر‮»‬‭ ‬قائلا‭: ‬حانصلى‭ ‬يا‭ ‬سامى‭ ‬فى‭ ‬الأزهر‭ ‬وتقدروا‭ ‬تشغلوا‭ ‬الإذاعة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬فى‭ ‬حدود‭ ‬دائرة‭ ‬مدينة‭ ‬القاهرة،‭ ‬رد‭ ‬بأنه‭ ‬سيعود‭ ‬إلى‭ ‬الفنيين،‭ ‬يتذكر‭: ‬حضر‭ ‬إلى‭ ‬مكتبى‭ ‬على‭ ‬عجل،‭ ‬محمد‭ ‬أمين‭ ‬حماد‭ ‬مدير‭ ‬الإذاعة‭ ‬والمهندسين‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬فريد‭ ‬وصلاح‭ ‬عامر‭ ‬ومحمد‭ ‬الشافعى‭ ‬والمذيع‭ ‬فهمى‭ ‬عمر،‭ ‬ثم‭ ‬جاء‭ ‬بعد‭ ‬قليل‭ ‬جلال‭ ‬معوض،‭ ‬وأبلغونى‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬البث‭ ‬قبل‭ ‬صلاة‭ ‬الجمعة‭ ‬بشرط‭ ‬توفير‭ ‬خطوط‭ ‬تليفونية‭ ‬بشكل‭ ‬فنى‭ ‬معين‭ ‬لو‭ ‬أمكن‭ ‬ترتيبه‭ ‬مع‭ ‬مصلحة‭ ‬التليفونات‭ ‬بصفة‭ ‬عاجلة،‭ ‬أما‭ ‬عن‭ ‬الهوائيات‭ ‬فجارى‭ ‬بالفعل‭ ‬إصلاح‭ ‬بعضها‭ ‬بما‭ ‬يؤدى‭ ‬لاستمرار‭ ‬الإذاعة‭ ‬فى‭ ‬حدود‭ ‬دائرة‭ ‬مدينة‭ ‬القاهرة‭.‬
 
‭ ‬اتصل‭ ‬‮«‬شرف‮»‬‭ ‬بالدكتور‭ ‬محمود‭ ‬رياض‭ ‬مدير‭ ‬التليفونات‭ ‬وأبلغه‭ ‬بالمطلوب‭ ‬فرد‭ ‬عليه‭ ‬بأنه‭ ‬توقع‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬يضيف‭ ‬شرف‭: ‬أرسلت‭ ‬له‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬المهندس‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬فريد‭ ‬لإنهاء‭ ‬الترتيبات‭ ‬الفنية،واكتشف‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬خطا‭ ‬تليفونيا‭ ‬بين‭ ‬أبوزعبل‭ ‬ودار‭ ‬الإذاعة‭ ‬فى‭ ‬شارع‭ ‬الشريفين‭ ‬لم‭ ‬يتعرض‭ ‬للتلف،‭ ‬وتم‭ ‬الاستفادة‭ ‬به،وكان‭ ‬موجود‭ ‬فى‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬بمحطة‭ ‬أبو‭ ‬زعبل‭ ‬المهندسين‭ ‬صلاح‭ ‬عامر‭ ‬والجارحى‭ ‬القشلان،‭ ‬اللذين‭ ‬أمكنهما‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬زملائهم‭ ‬الآخرين‭ ‬من‭ ‬تفعيل‭ ‬الخطين‭ ‬الآخرين‭ ‬اللذين‭ ‬أمكن‭ ‬ترتيبهما‭ ‬فى‭ ‬مكتبى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مصلحة‭ ‬التليفونات،‭ ‬وتحويله‭ ‬إلى‭ ‬تليفونات‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬وفى‭ ‬خلال‭ ‬ساعة‭ ‬ونصف‭ ‬أويزيد‭ ‬قليلا،‭ ‬أمكن‭ ‬استئناف‭ ‬إرسال‭ ‬الإذاعة‭ ‬فى‭ ‬دائرة‭ ‬قطرها‭ ‬عشرين‭ ‬كيلو‭ ‬مترا‭.‬
 
يؤكد‭ ‬شرف‭: ‬أول‭ ‬تجربة‭ ‬تكلم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬فهمى‭ ‬عمر‭ ‬مرددا‭: ‬‮«‬هنا‭ ‬القاهرة»،‭ ‬ثم‭ ‬توجه‭ ‬مع‭ ‬زميليه‭ ‬جلال‭ ‬معوض‭ ‬إلى‭ ‬الجامع‭ ‬الأزهر‭ ‬لإجراء‭ ‬التجارب،‭ ‬والاستعداد‭ ‬لاستئناف‭ ‬الإرسال‭ ‬الإذاعى‭ ‬من‭ ‬هناك،‭ ‬ولحق‭ ‬أحمد‭ ‬سعيد‭ ‬مدير‭ ‬صوت‭ ‬العرب‭ ‬بالمجموعة‭ ‬الموجودة‭ ‬فى‭ ‬مكتبى‭ ‬فور‭ ‬أن‭ ‬سمع‭ ‬‮«‬هنا‭ ‬القاهرة‮»‬،‭ ‬وانضم‭ ‬إلى‭ ‬فريق‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬المذيعين‭ ‬والفنيين‭.‬
 
‭ ‬كانت‭ ‬سوريا‭ ‬تعيش‭ ‬حالتها‭ ‬مع‭ ‬الحدث‭.. ‬يذكر‭ ‬‮«‬شمس‭ ‬الدين‭ ‬العجلانى‮»‬‭ ‬فى‭ ‬جريدة‭ ‬‮«‬الوطن‮»‬‭ ‬السورية‭ ‬المستقلة‭ ‬فى‭ ‬مقال‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬من‭ ‬الدفاتر‭ ‬القديمة‭ ‬لإذاعة‭ ‬دمشق‮»‬‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬القوات‭ ‬المصرية‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬2‭ ‬تشرين‭ ‬الثانى‭ ‬‮«‬نوفمبر‮»‬‭ ‬البلاغ‭ ‬رقم‭ ‬14،‭ ‬وجاء‭ ‬فيه‭: ‬‮«‬فى‭ ‬الساعة‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة‭ ‬والنصف‭ ‬صباحا‭ ‬حدثت‭ ‬غارة‭ ‬جوية‭ ‬على‭ ‬قرية‭ ‬مصرية‭ ‬فى‭ ‬‮«‬أبى‭ ‬زعبل‮»‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬على‭ ‬أجهزة‭ ‬إرسال‭ ‬محطة‭ ‬الإذاعة‭ ‬المصرية‭ ‬ما‭ ‬سبب‭ ‬عطلا‭ ‬فيها‭ ‬وبعض‭ ‬الخسائر‭ ‬التى‭ ‬لم‭ ‬تحدد‭ ‬بعد،‭ ‬وهنا‭ ‬أعلنت‭ ‬إذاعة‭ ‬دمشق‭ ‬مباشرة‭ ‬بصوت‭ ‬المذيع‭ ‬عبد‭ ‬الهادى‭ ‬البكار‭: ‬هنا‭ ‬القاهرة‭ ‬من‭ ‬دمشق،‭ ‬هنا‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬سورية،‭ ‬لبيك‭ ‬لبيك‭ ‬يا‭ ‬مصر،‭ ‬وتحولت‭ ‬الإذاعة‭ ‬السورية‭ ‬إلى‭ ‬إذاعة‭ ‬مصرية‭ ‬خلال‭ ‬أيام‭ ‬العدوان،‭ ‬وتم‭ ‬بث‭ ‬خطاب‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬من‭ ‬إذاعة‭ ‬دمشق‭.‬
 
يضيف‭ ‬‮«‬العجلانى‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الإعلامى‭ ‬السورى‭ ‬القدير‭ ‬محمد‭ ‬قطان‭ ‬كان‭ ‬شاهدا‭ ‬على‭ ‬الواقعة،‭ ‬وحدثه‭ ‬عنها‭ ‬بالقول‭: ‬كنت‭ ‬طالبا‭ ‬فى‭ ‬حين‭ ‬أخذتنا‭ ‬المدرسة‭ ‬للمشاركة‭ ‬فى‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬ركن‭ ‬الطلبة‮»‬‭ ‬الذى‭ ‬يعده‭ ‬ويقدمه‭ ‬عبدالهادى‭ ‬البكار،‭ ‬وكنا‭ ‬نقف‭ ‬أمام‭ ‬الاستديو‭ ‬والأخبار‭ ‬تتوارد‭ ‬إلى‭ ‬العاملين‭ ‬فى‭ ‬إذاعة‭ ‬دمشق‭ ‬عن‭ ‬الاعتداء‭ ‬بالطيران‭ ‬على‭ ‬مصر،‭ ‬والفوضى‭ ‬والقلق‭ ‬يعم‭ ‬أرجاء‭ ‬الإذاعة،‭ ‬وكان‭ ‬يقف‭ ‬يحيى‭ ‬الشهابى‭ ‬ومحمد‭ ‬الحانى‭ ‬وهائل‭ ‬اليوسفى‭ ‬وفؤاد‭ ‬شحادة‭ ‬يتناقشون‭: ‬ماذا‭ ‬يمكن‭ ‬للإذاعة‭ ‬السورية‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬لمصر‭ ‬الجريحة،‭ ‬خاصة‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬تدمير‭ ‬محطات‭ ‬الإرسال‭ ‬للإذاعة‭ ‬المصرية؟‭ ‬وكان‭ ‬البكار‭ ‬فى‭ ‬طرف‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬الاستديو،‭ ‬وفجأة‭ ‬اقتحم‭ ‬استديو‭ ‬الأخبار‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬استشارة‭ ‬أحد‭ ‬أو‭ ‬أخذ‭ ‬موافقة‭ ‬أحد،‭ ‬وجلس‭ ‬خلف‭ ‬الميكرفون‭ ‬ليطلق‭ ‬لصوته‭ ‬العنان‭ ‬صارخا‭ ‬من‭ ‬شدة‭ ‬اللوعة‭ ‬والأسى‭: ‬‮«‬هنا‭ ‬القاهرة‭ ‬من‭ ‬دمشق،‭ ‬هنا‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬سورية‭ ‬لبيك‭ ‬لبيك‭ ‬يا‭ ‬مصر‮»‬‭.‬
 
نقلت‭ ‬القاهرة‭ ‬ودمشق‭ ‬كلمة‭ ‬عبدالناصر‭ ‬التى‭ ‬قال‭ ‬فيها‭: ‬‮«‬أيها‭ ‬المواطنون،‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬التى‭ ‬نكافح‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حريتنا‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬شرف‭ ‬الوطن،‭ ‬أحب‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬لكم‭ ‬إن‭ ‬مصر‭ ‬كانت‭ ‬دائما‭ ‬مقبرة‭ ‬للغزاة،‭ ‬وأن‭ ‬جميع‭ ‬الإمبراطوريات‭ ‬التى‭ ‬قامت‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬الزمن‭ ‬انتهت‭ ‬وتلاشت‭ ‬حينما‭ ‬اعتدت‭ ‬على‭ ‬مصر‭.. ‬مصر‭ ‬باقية،‭ ‬متحدة،‭ ‬متكاتفة‭.. ‬واليوم‭ ‬ونحن‭ ‬نقاوم‭ ‬هذا‭ ‬العدوان،‭ ‬نطلب‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يلهمنا‭ ‬الصبر‭ ‬والإيمان‭ ‬والعزم،‭ ‬والتصميم‭ ‬على‭ ‬القتال‭.. ‬إن‭ ‬الموت‭ ‬أيها‭ ‬المواطنون‭ ‬حق‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬منا،‭ ‬ولكن‭ ‬إذا‭ ‬متنا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نموت‭ ‬بشرف‭ ‬وكرامة،‭ ‬وإننى‭ ‬أعلنت‭ ‬باسمكم‭ ‬بالأمس‭ ‬إننا‭ ‬سنقاتل‭ ‬ولن‭ ‬نعيش‭ ‬عيشة‭ ‬ذليلة‭ ‬مهما‭ ‬أخذوا‭ ‬فى‭ ‬غيهم‭. ‬






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة