بدأت صحف عربية فى نشر كتاب «خريف الغضب» للكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، وكتاب «البحث عن السادات» للدكتور يوسف إدريس فى إبريل 1983، فهبت عواصف غضب فى مصر ضد الكاتبين للانتقادهما العنيف للسادات، وقادها رؤساء تحرير الصحف الرسمية وبعض الكتاب، وفى المقابل وقفت جريدة «الأهالى» الأسبوعية ولسان حزب التجمع اليسارى المعارض، حيث نشرت حلقة من «خريف الغضب» نقلا عن الصحف العربية، غير أنها لم تستمر لقرار وزير الداخلية بوقف النشر، كما أجرت حوارا طويلا مع «هيكل» نشرته على حلقات.
جاء الكتابان بعد اغتيال السادات بأقل من عامين يوم 6 أكتوبر 1981، وبعد خروج هيكل من السجن الذى دخله بقرار اعتقال من السادات، وذلك ضمن حملة اعتقالات شملت آلاف من الرموز السياسية من مختلف الاتجاهات، واكتملت يوم 5 سبتمبر 1981.. يكشف هيكل: «أعترف أننى بدأت أفكر فى كتابة هذا الكتاب منذ اللحظة الأولى لاعتقالى فى 3 سبتمبر 1981، حين التفت ورأيت حولى فى السجن كل هؤلاء الذين يمثلون الرموز الحية لأهم التيارات السياسية والفكرية المؤثرة فى مصر، كنت مقتنعا- بشكل شبه وجدانى- أننى أعيش فى دراما سوف نصل إلى نهايتها فى يوم من الأيام، وبشكل من الأشكال، وأننى كصحفى قد أكون مطالبا بأن أروى قصتها قبل غيرى».
بدأت صحيفتا «الوطن الكويتية والخليج الإمارتية» بالإضافة إلى صحف عربية أخرى فى نشر «خريف الغضب»، وتوقفت جريدة «الشرق الأوسط السعودية» التى تصدر من لندن عن النشر بعد نشرها حلقتين، فى نفس الوقت كانت «القبس» الكويتية و«الخليج» تنشران حلقات «البحث عن السادات» ليوسف إدريس.
فى 22 إبريل 1983، كتب موسى صبرى رئيس تحرير«الأخبار» مقاله «لقطات» وصف فيه ما كتبه هيكل بـ«القاذورات».. فى نفس اليوم كتب إبراهيم نافع، رئيس تحرير الأهرام، يهاجم الكتاب، أما يوسف إدريس، فيتذكر فى مقدمة كتابه «البحث عن السادات» الصادر عن «المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان– طرابلس- ليبيا -1984»، أنه كان فى أثينا باليونان فى الأسبوع الثانى من إبريل 1983 بدعوة من لجنة التضامن الإفريقية الآسيوية المصرية لحضور مؤتمر لمناصرة القضية الفلسطينية، وعاد بعد أسبوع ثم فوجئ بمربع ضخم فى جريدة الأهرام تحت عنوان «من بريد القراء» يحتل نصف صفحة، وبطريقة تحريضية مباشرة يحتوى على إعلانين، أحدهما عن سلسلة مقالاته «البحث عن السادات» والآخرعن كتاب «خريف الغضب» لهيكل.. يؤكد: «الإعلانان كانا نشرا فى جريدة «الخليج» التى تصدر فى «الإمارات العربية المتحدة» والتى أخذت على عاتقها أن تنشر مقالاتى، وفصول كتاب هيكل، نقلا عن جريدة القبس والوطن الكويتيين».
يضيف إدريس، أن التعليق الذى نشرته الأهرام على الإعلان كان واضح الادعاء والتزوير، فقد زعم المحرر، الذى لم يكن المحرر الأصلى لباب بريد القراء فى الأهرام، ولكنه مدير التحرير الذى كان مسؤولا بعد سفر رئيس التحرير إلى الخارج.. يؤكد: «زعم المحرر أنه تلقى مئات الخطابات تستنكر المقالات التى لم تكن نشرت فى القبس أوالخليج، وأن مرسلى بعض الخطابات قد قصوا الإعلان المذكور من جريدة الخليج وأرسلوه إلى الأهرام».. يقول إدريس: «ذكر قارئ كان واضحا أنه ليس سوى مدير تحرير الأهرام متنكرا خلف قارئ مجهول، ذكر أننى وصفت حرب أكتوبر بأنها تمثيلية متفق عليها بين السادات وإسرائيل وأمريكا، وهو ادعاء كاذب فليس فى المقالات كلها تمثيلية، وليس فيها أى طعن فى أداء الجيش المصرى البطولى فى أكتوبر».
يذكر «إدريس»: «اتضح فى الأيام التالية لهذا الإعلان أنه ليس سوى الخطوة الأولى والتمهيد المبدئى لعملية مخططة تماما وموزعة الأدوار، ففى اليوم التالى فوجئت بانعقاد المجلس الأعلى للصحافة، وما دار فيه من مناقشات كلها اتهامات صارخة بأنى قلت إن حرب أكتوبر (تمثيلية)».
كان اجتماع المجلس الأعلى للصحافة يوم 27 إبريل، مثل هذا اليوم، 1983، وفى نفس اليوم نشرت جريدة الأهالى أول جزء من حوارها مع هيكل، ووفقا للكاتب الصحفى رجب البنا فى كتابه «هيكل بين الصحافة والسياسة»، فإن الاجتماع استمر 4 ساعات برئاسة الدكتور صبحى عبد الحكيم رئيس مجلس الشورى الذى يتبعه «الأعلى للصحافة»، وناقش الاجتماع كتاب «خريف الغضب»، واعترض عضو واحد على المناقشة أصلا وهو حسين عبدالرازق رئيس تحرير الأهالى.. يؤكد «البنا» أن الجلسة كانت مباراة فى الهجوم على هيكل بأمس ما يمكن من ألفاظ، ونشرتها الصحف فى اليوم التالى، فماذا دار فى الاجتماع؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة