أصدرت دائرة الاثنين "ه" المدنية – بمحكمة النقض حكماَ فى غاية الأهمية بشأن تنظيم العلاقة بين البائع والمشترى، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية قالت فيه: "للمشترى بعقد غير مسجل التمسك بصورية عقد المشتري الأخر الذي سجل عقده صورية مطلقة، وعلى ذلك اعتباره دائناً للبائع فى الالتزامات المترتبة على عقد البيع الصادر له، وله التمسك بتلك الصورية أياً كان باعثها لإزالة العوائق فى سبيل تحقيق أثر عقده".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 1643 لسنة 82 ق، لصالح المحامى عماد الوزير، برئاسة المستشار فتحى محمد حنضل، وعضوية المستشارين عبد البارئ عبد الحفيظ، وأحمد فراج، وطارق خشبة، وأحمد عبدالله.
الوقائع.. طلب الحكم بإبطال عقد البيع
تتحصل وقائع القضية – في أن الطاعن أقام دعواه على المطعون ضدهما بطلب الحكم بإبطال عقد البيع المؤرخ 12 مارس 2007، والمحرر بين المطعون ضدهما وعدم نفاذه في مواجهته ومحو ما ترتب عليه من آثار على سند من أنه وبموجب عقد البيع الابتدائي، المؤرخ 8 يناير 1994 والإقرار المكمل له باعه المطعون ضد الأول العقار المبين بالصحيفة، وذلك نظراَ لصلة القرابة بينهما فقد تركه في حيازته ليقوم بعمل بعض الإنشاءات لصالحه إلا أنه امتنع عن تسليمه عند طلبه، وإذ تصرف في عقار النزاع إلى المطعون ضدها الثانية وهى زوجته بعقد صوري مؤرخ 2 مارس 2007 ومن ثم فقد كانت الدعوى.
الطعن بالتزوير على الإقرار المكمل لعقد البيع
وفى تلك الأثناء – طعن المطعون ضده الأول بالتزوير على الإقرار المكمل لعقد البيع موضوع الدعوى، وندبت المحكمة قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعي خبيراَ في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره حكمت برد وبطلان الإقرار المكمل لعقد البيع المؤرخ 8 يناير 1994، وأضاف الطاعن طلباَ عارضاَ بطلب الحكم برد وبطلان عقد البيع المؤرخ 2 مارس 2007، وحكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة بحكم استأنفه الطاعن، وبتاريخ 6 ديسمبر 2011، قضت المحكمة بالتأييد، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره.
ومما نعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفى بيان ذلك يقول أنه تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بدفاع حاصله أن من حقه المحافظة على حقوقه على العقار موضوع التداعي، وقد قضى له بتسليمه إليه في الدعوى رقم 2709 لسنة 2008 مدني جزئي حلوان، وتمسك بصورية عقد البيع المؤرخ 12 مارس 2007 وساق الدلائل والقرائن المؤيدة لدفاعه بأن المطعون ضده الأول قد تصرف في العقار للمطعون ضدها الثانية.
وقدم ما يدل على صحة التوقيع على عقد البيع المؤرخ 8 أبريل 2008، والإقرار المكمل له لسبق القضاء بصحة التوقيع عليه وأن الإضافة التي تمت بالعقد مضافة من المطعون ضده الأول وسبق القضاء بصحة التوقيع عليه وليس من شأن ما أضيف إليه أن يقضى برده وبطلانه، وطلب ندب لجنة من الخبراء لإعادة بحث المأمورية، غير أن الحكم المطعون فيه اكتفى في قضائه بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة دون أن يلتفت إلى دفاعه المشار إليه ولم يبحث القرائن والدلائل التي استند إليها في صحة دفاعه مع ما يقتضيه من البحث والتحقيق مع أنه جوهري ولم يستظهر دلالة المستندات المقدمة منه مع ما لها من أثر، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
لا يشترط لصحة العقود أن يكون محل الالتزام معيناَ
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت أن هذا النعي فى محله، ذلك أن مفاد نص المادتين 133، 419 من القانون المدني أنه لا يشترط لصحة العقود أن يكون محل الالتزام معيناَ بل يكفى أن يكون قابلاَ للتعيين وأن يتضمن عقد البيع ما يسمح بتعيين المبيع عن سواه، وأن للمشترى الذي لم يسجل عقده أن يتمسك بصورية عقد المشترى الأخر صورية مطلقة، ليتوصل بذلك إلى محو هذا العقد من الوجود لكى يحكم له بصحة عقده، وليسجل هذا العقد لتنتقل إليه ملكية العين المبيعة، إذ أنه لكونه دائناَ للبائع فى الالتزامات المترتبة على عقد البيع الصادر له أن يتمسك بتلك الصورية أيا كان الباعث عليها لإزالة جميع العوائق التي تصادفه فى سبيل تحقيق أثر عقده.
الطعن بصورية عقد يقبل ممن له مصلحة فيه
ووفقا لـ"المحكمة" – هذا المشترى يعتبر من الغير فى أحكام الصورية بالنسبة للتصرف الصادر من نفس البائع إلى مشتر أخر، ووفقاَ لصريح نص المادة 244 من القانون المدنى له أن يثبت صورية العقد الذى أضر به بطرق الإثبات كافة، وأن من المقرر أن الطعن بصورية عقد يقبل ممن له مصلحة فيه، متى كانت هذه المصلحة قائمة وحالة فيها ومع ذلك تكفى المصلحة المحتملة لقبول الدعوى، وفقاَ للمادة الثالثة من قانون المرافعات إذا كان القصد من الطلب فى الدعوى أحد آمرين الأول الاحتياط لدفع ضرر محدق، والثانى الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه، كما أنه لا يشترط لقبول دعوى الصورية أو الدفع بها أن يكون عقد الطاعن سابقاَ على العقد المطعون بصوريته، وإنما يكون له الحق فى الطعن فيه بالصورية سواء كان تصرف الطاعن سابقاَ على التصرف أم تألياَ له، وأنه من المقرر أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياَ ومؤثراَ فى النتيجة التى انتهى إليها بحيث يكون من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى، إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراَ فى أسباب الحكم يؤدى إلى بطلانه.
ومن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن طلب الخصم تمكينه من إثبات أو نفى دفاع جوهرى بوسيلة من وسائل الإثبات الجائزة قانوناَ، وهو حق له يتعين على محكمة الموضوع إجابته إليه متى كانت هذه الوسيلة منتجة فى النزاع، ولم يكن فى أوراق الدعوى والأدلة الأخرى المطروحة عليها يكفى لتكوين عقيدتها فيه – لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن تمسك بدفاعه الوارد بوجه النعى والقائم فى جوهره على توافر مصلحته فى الطعن بصورية عقد البيع الصادر من المطعون ضده الأول للمطعون ضدها الثانية وهى زوجته ببيع عقار النزاع، استناداَ إلى أنه قد تصرف إليه بالبيع فى العقار وساق الدلائل والأمارات الدالة على الصورية، وقدم المستندات المؤيدة لذلك وطلب إحالة الدعوى للجنة خبراء أو إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات دفاعه.
والحيثيات: اعتباره المشترى دائناً للبائع في الالتزامات المترتبة على عقد البيع الصادر له
مما كان يتعين على الحكم المطعون فيه إزاء عدم إنكار المطعون ضده الأول البائع للعقد سند الطاعن، التحقق من المبيع بحسب أوصافه فى العقد، وإذا كان هناك خطأ مادى أدى إلى اختلافه عن الواقع وبيان ما انصرفت إليه إرادة المتعاقدين فيه، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يتناول هذا الدفاع بما يقتضيه من البحث والتمحيص واكتفى بالقضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة لكون العقد الذى يستند إليه فى دعواه قد جاء مجهلاَ للعقار المبيع وهو ما لم يصلح رداَ على دفاعه بطلب إحالة الدعوى للتحقيق، مما يعيبه ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى الأسباب مع الإحالة.