في ظل عالم الحداثة تمر المجتمعات بمنعطف خطير بعد أن أصبحت الحياة دون إنترنت شبه مستحيلة، وبعد إدمان الكثير لمواقع التواصل الاجتماعى، واستخدامها فى الجوانب السلبية، لتنقلب المعايير الأخلاقية بإعلاء السطحية وقيم البلطجة والجهل والقبح، وتسويق نموذج البطل الذى لا يُهزم، بطل لا يملك إلا البلطجة والسفه والجرى وراء الثراء السريع مهما كانت الوسيلة.
والمتتبع لاستخدامات عالم السوشيال ميديا يجد أن هناك روادا وقعوا فريسة وضحية بعدما انجرفوا في أفعالهم دون وعى أو إدراك، فقدموا محتوى لا يراعى القيم الدينية ولا الأخلاقية، فأصبحت تقدم الفاحشة بصورها المختلفة في حالة من التسابق على نشر تفاصيلها، كل هذا يحدث دون مراعاة أن إشاعة الفاحشة بين الناس أمر محرم في كل الأديان.
لذلك، أعتقد أننا أمام قضية أخلاقية من المقام الأول، المسئول الأول عنها هى الأسرة، فعندما تراجع دور الأسرة ترتب على هذا التراجع نتائج عكسية خطيرة وذلك في ظل انشغال الأب في العمل والإهمال في التربية فلا مراقبة ولا متابعة، ولا حتى تقديم قدوة في التصرفات والسلوك، بل نسى بعض الآباء أنهم مرجعية الأبناء في كل شيء، وأعتقد أيضا أن المسئول الثانى بشأن هذه القضية، هو الانفتاح العشوائى على هذا العالم الافتراضى، حيث انتشار المحتوى الهابط واللغات المبتذلة والصور والفيديوهات المبتذلة بغرض جمع اللايكات والانتشار دون النظر إلى قيم المجتمع ومتطلباته، وكأنها استكمالا لحالة التردى التي اتسمت بها بعض الأعمال السينمائية والدرامية التى كانت تشجع على الانحراف والابتذال وقدمت للمجتمع نماذجا سيئة تحت شعار "نقل الواقع" وحرية الإبداع، فى مشهد كان له بالغ الأثر فى تأثر الشباب والأفراد بهذه النماذج السيئة، وبما يشاهدونه دون قدوة ولا مثل أعلى، فرأينا تدهورا أخلاقيا تسبب في هذا الصورة السلبية التي تعانى منها المجتمعات في ظل السوشيال ميديا.
لذا، علينا أن نعلم علم اليقين إن إساءة استخدام الثورة التقنية والمنصات الرقمية وخاصة مواقع التواصل والتطبيقات المختلفة يورط فى ممارسات لا تتناسب مع العادات ولا التقاليد المجتمعية القائمة على ثوابت من الأخلاق، والتي جميعها تنهى عن إشاعة الفاحشة والتدليس والسطحية ونشر الشائعات المغرضة، وتدعوا إلى نبذ العنف، والبناء لا التخريب.
وأخيرا، نستطيع القول، إن عشوائية استخدام السوشيال ميديا والفن، قطعا يصدر نموذج البطل المنحرف، لذا، فإن ترشيد استخدام السوشيال ميديا ضرورو لتظل وسيلة اتصال وتعلم وقضاء للمصالح، دون إسراف أو تطرف في استخدامها حتى لا نصاب بإدمانها ونصبح أسرى لها فنقع في جرائمها فتنتهك خصوصيتنا، وتفشى أسرارنا وتقطع أرحامنا وينتشر العنف بينا وتكثر الحوادث العائلية والمجتمعية وتتبع العورات، فصلاح المجتمعات يا سادة يتوقف على وجود القدوة بين جنباتها، ويتوقف على مراعاة أفرادها لثوابت هذا المجتمع الوطنية والأخلاقية والدينية، وتصدير نموذج البطل الصالح المتسامح المحب، لا البطل الفاسد البلطجى، ويتحلى أفراد المجتمع بالوعى والرشد فتبنى الأوطان وتُصان البيوت، ويعم السلام وينتشر التسامح فيأتى الرخاء وتسود السكينة..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة