هناك دائمًا خيوط غامضة فى علاقة بعض أجهزة الاستخبارات الأوروبية، وتنظيمات الإرهاب، فى الشرق الأوسط، ومعروف أن تنظيم القاعدة والتنظيمات المسلحة فى أفغانستان نشأت بدعم واضح من المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات الغربية، ضمن صراعات الحرب الباردة، بين أمريكا والاتحاد السوفيتى. لكن العلاقة اتضحت أكثر مع منح بعض دول أوروبا لجوءًا سياسيًا للقاءات التنظيمات الإرهابية، وإسباغ الحماية عليهم لدرجة السماح لهم بإطلاق تصريحات وفتاوى تكفيرية من منصات إعلامية علنية فى بريطانيا، وكانت لندن مقرًا لأكثر قيادات الإرهاب تطرفًا، وبعضهم متورط فى قتل الأطفال. وهؤلاء ليسوا مجرد سياسيين يمارسون العمل لعام، لكنهم متورطون علنًا فى عمليات وتفجيرات دموية راح ضحيتها الأطفال والعزل.
وأبرز مثال على هذا الخيط الغامض، هو ياسر السرى، المتهم بتفجير أودى بحياة طفلة وأصيب عشرات التلاميذ، ضمن محاولة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق عاطف صدقى، الذى نجا، بينما لقيت الطفلة «شيماء» مصرعها، متأثرة بجروحها من شظايا الانفجار، وأصيب 14 آخرون من زملائها بالمدرسة والمارة فى الشارع. كان ذلك عام 1993، وحصل ياسر السرى قائد العملية على حماية أجهزة الأمن البريطانية طوال 27 عامًا، حيث هرب إلى لندن عن طريق السودان، وطلب اللجوء من عام 1994، ولم يحصل عليه، لكنه حظى بإقامة وحماية، وأدار ما سمى بالمرصد الإسلامى، وهو أحد الجيوب التى يتخذها الإرهابيون ستارًا، يمارسون فيه عملهم، مقابل بعض الخدمات لأجهزة توفر لهم الحماية، بالتناقض مع قواعد اللجوء التى تمنع العمل السياسى، لكنه يظهر فى برامج قنوات قطر وتركيا فى لندن واسطنبول، رغم أن بعض وسائل الإعلام البريطانية تعتبره واحدًا من أخطر الإرهابيين. بل إن المرصد وغيره ورد ضمن المؤسسات التى تعاملت مع تنظيمات مثل داعش وغيرها، وكانت تدار لتقديم دعايات لمناضلى داعش فى الشام.
ولم يكن السرى فقط هو الحاصل على جماية أجهزة بريطانيا، أو النقاط الغامضة هناك، هناك عادل عبدالبارى، الناطق السابق باسم أسامة بن لادن، الذى استقر فى لندن، وذلك بعد الإفراج عنه فى الولايات المتحدة، وقد أدين بتهم تتعلق بتفجيرات استهدفت السفارتين الأمريكيتين بكينيا وتنزانيا 1998، وحكم عليه 2015 بالسجن بعد اعترافه بتهم «التآمر لقتل أمريكيين بالخارج»، وتم تخفيض السجن إلى 16 عامًا، وهو متهم فى قضية طلائع الفتح عام 1993 ومحاولة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق عاطف صدقى، وسافر إلى أفغانستان عام 1995 والتحق بالقاعدة ونفذ عمليات فى اليمن، وفى مناطق مختلفة حتى تم القبض عليه عقب أحداث 11 سبتمبر 2001.
هناك حالات كثيرة مثل السرى وعبدالبارى، يحظون بحماية أجهزة، وبينما يحاكمون إذا اتهموا أو أخفوا معلومات عن الولايات المتحدة، فإنهم يحظون بالحماية بدعاوى هزلية إذا اتهموا بالتورط فى الإرهاب بمصر، ومهما كانت الأدلة. وهو ما يشير إلى الخيوط الغامضة التى وردت فى الكثير من المعالجات الإعلامية هناك، بل وفى وثائقيات عن داعش والقاعدة، حيث تظهر العلامات الغامضة عن تبرئة متهمين بالإرهاب، أو إرهابيين سافروا إلى سوريا والعراق، ونفذوا عمليات قتل وذبح وتفجير، ليعودوا ويتم حمايتهم، تمامًا مثلما يجرى مع محرضين ومتطرفين يتنقلون بحرية فى بريطانيا وبعض دول أوروبا، ويحظون بحماية استخبارية، تعلو على أى مؤسسات إعلامية أو مدنية أو ديموقراطية.
ومرات كثيرة استيقظت دول أوروبية على إرهاب، يمارسه نفس هؤلاء الذين يحظون بالحماية، مما يزيد الأمر غموضًا، مثلما يجرى مع ياسر السرى، أو قيادات الإخوان، ممن يحصلون على حماية أجهزة نظير خدمات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة