جرم المشرع منذ صدور قانون العقوبات انتهاك حرمة ملك الغير في المادتين 323 و324 ثم في الباب الرابع عشر من الكتاب الثالث من قانون العقوبات الحالي رقم 58 لسنة 1937 بموجب المادتين 369 و370، وهما يشتركان في واقعة دخول مكان، ولكن يختلفان في أن الأولى تنصرف إلى دخول العقار بوجه عام، والثانية تنصرف إلى دخول المسكن ونحوه.
هذا بالإضافة إلى لزوم توافر قصد جنائي خاص بجوار القصد العام في الجريمتين وهو نية الجاني في استعمال القوة ضد الغير لمنع حيازته، ويعد التطاول على حرمة أملاك الغير، ظاهرة جرمها القانون المصري، حيث نجد فئة من الأشخاص يتطاولون على عقارات خاصة بالآخرين بغير وجه حق وبشكل غير قانوني، ومنهم من يحصلون على أحكام قضائية بدخول "الشقة" أو عين النزاع أو المحل، وقد لا يعلمون أنهم بذلك يرتكبون جرائم تضعهم تحت طاولة القانون، ومنهم من يظن أن الأمر لن يتجاوز دعوى قضائية بـ"عدم تنفيذ حكم قضائى"، ولكن الأمر قد يكون أخطر من ذلك.
التعدي على حيازة العقارات الخاصة فى ضوء القانون رقم 164 لسنة 2019
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع"، الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في التعدي على حيازة العقارات الخاصة فى ضوء القانون رقم 164 لسنة 2019، ورأى محكمة النقض في تلك الأزمة، إذ كانت المادة 369 تنص على أن كل من دخل عقاراً في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة أو بقصد ارتكاب جريمة فيه أو كان قد دخله بوجه قانونى، وبقي فيه بقصد ارتكاب شيء مما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة أو بغرامة لا تجاوز 300 جنيه مصري – بحسب أستاذ القانون الجنائي والمحامي بالنقض ياسر الأمير فاروق.
أما إذا وقعت هذه الجريمة من شخصين أو أكثر، وكان أحدهم على الأقل حاملاً سلاحاً أو من 10 أشخاص على الأقل، ولم يكن معهم سلاح تكون العقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنتين أو غرامة لا تجاوز 500 جنيه مصري، أما المادة 370 فكانت تنص على أن كل من دخل بيتاً مسكوناً أو معداً للسكن أو في أحد ملحقاته أو سفينة مسكونة أو في محل معد لحفظ المال، وكانت هذه الأشياء في حيازة آخر قاصداً من ذلك منع حيازته بالقوة أو ارتكاب جريمة فيها أو كان قد دخلها بوجه قانوني وبقى فيها بقصد ارتكاب شيء مما ذكر، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تجاوز 300 جنيه مصري – وفقا لـ"فاروق".
المشرع يشدد ويغلظ العقوبة في التعدى على حيازة الغير
وكان قضاء النقض قد جرى على انه يلزم لقيام جريمة غصب الحيازة طبقا للمادتين 369 و370 من قانون العقوبات توافر نية لدى الجاني في استعمال القوة لمنع حيازة الغير، وإن لم يستعمل القوة فعلا وواقعا وصرفت النقض معنى القوة الي العنف المادي الواقع أو الموجه للأشخاص لا الأشياء غير أنه بموجب القانون 164 لسنة 2019 بتعديل قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 تم تعديل المادتين 369 و 370، من حيث تشديد العقوبة ونية الجاني فى استعمال القوة لمنع حيازة الغير، فلم يعد القصد الخاص بمعنى استعمال القوة بقصد منع حيازة الغير لازما لقيام جرائم انتهاك حرمة ملك الغير، إذ يكفى دخول مجرد المكان دخول بقصد منع حيازة الغير سواء أكان الجاني ينتوى استعمال القوة مع عدمه، وسواء استعملها فعلا من عدمه – الكلام لـ"فاروق".
العقوبة تصل للحبس 10 سنوات ومليونى جنيه غرامة
غاية الأمر أن استعمال القوة صار ظرف مشدد يرفع عقوبة إلى الحبس 7 سنوات، كما استحدث المشرع ظروف مشددة أخرى جديدة تمثلا في إنه إذا وقعت الجريمة بالتحايل أو نتيجة تقديم إقرارات أو الإدلاء ببيانات غير صحيحة، مع العلم بذلك تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد علي 7 سنوات وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على مليوني جنيه، وإذ تعدد الجناة وكان أحدهم على الأقل حاملاً سلاحاً، تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 7 سنوات، وغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه.
وأضاف كذلك للمشرع صورة جديدة للجريمة تمثلت فى عقاب الجانى بذات عقوبة غصب الحيازة، إذ دخل عقاراً صدر حكم أو أمر قضائي بتمكين أخر من حيازته، وذلك بقصد منع حيازته أو الانتقاص منها، فإذا ارتكب الفعل ذاته خلال مدة لا تزيد على سنة من تاريخ ارتكاب الفعل الأول تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 10 سنوات والغرامة التي لا تقل عن 300 ألف جنيه ولا تزيد على مليوني جنيه.
المشرع اعتبر الغصب جريمة متعددة الأفعال
ويبدو أن هدف المشرع من الصورة الجديدة للجريمة هي الحيلولة بين الجاني والافلات من عقوبة غصب الحيازة عند تكرار الغصب رغم صدور أمر أو حكم قضائي بتمكين المجنى عليه من الحيازة، إذ لوحظ أنه عقب غصب الحيازة وصدور أمر من النيابة العامة بتمكين المجنى عليه وتنفيذه وتقديم الجاني للمحاكمة عن غصب الحيازة والحكم عليه، يلجأ الجاني إلى تكرار الغصب وعند تقديمه للمحاكمة من جديدة عن غصب الحيازة يدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالجنحة الأولى، إذ يعد الغصب عندئذ جريمة متعددة الأفعال تمنع المحاكمة عند احدى أفعال الغصب أى أفعال غصب أخرى، فرغب المشرع تحاشي هذه النتيجة هكذا يقول "فاروق".
إذ استقر الرأي فى الفقه والقضاء على أنه، وإذا كان الأصل أن تقع الجريمة بفعل مادي واحد إلا انه قد تتعدد الافعال التي يرتكبها الجاني ليصل الي مأربه مثل الشخص الذي يسرق منزل المجني علية علي دفعات أو يحتال على آخر ويتسلم منه مال على دفعات أو يغتصب حيازة عقار رغم رده بقصد منع حيازته بأكثر من فعل، وكان الأصل اعتبار كل فعل مكون لجريمة سرقة أو نصب أو غصب حيازة أي أن تتعدد الجرائم بتعدد الأفعال غير أن الفقه والقضاء تجنب هذه النتيجة، واعتبر ما يقع من الجاني من أفعال متعددة جريمة واحدة اطلق عليها الجريمة متعددة الأفعال، ولقد رتب الفقه على ذلك عدة نتائج أهمها أن صدور حكم بات عن أحد أفعال السرقة أو النصب يعتبر مانع من إعادة محاكمة ذات الجاني عن الأفعال الأخرى عملا بمبدأ عدم جواز معاقبة الجاني عن ذات الفعل مرتين، وذلك في الطعن رقم 15753 لسنة 84 ومقتضي الصورة الجديدة لجريمة غصب الحيازة المتمثلة فى غصب حيازة عقار صدر أمر أو حكم بتمكين أخر منه تلافى النتيجة سالفة الذكر.
عقوبة تغير البيانات وتقديم إقرارات غير صحيحة
ولقد نصت المادة 369 المعدلة على أنه كل من دخل عقاراً في حيازة آخر بقصد منع حيازته أو بقصد ارتكاب جريمة فيه أو كان قد دخله بوجه قانون، وبقي فيه بعد زوال سنده القانوني بقصد ارتكاب شيء مما ذكر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد علي 5 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد علي 500 ألف جنيه، فإذا وقعت الجريمة بالتحايل أو نتيجة تقديم إقرارات أو الإدلاء ببيانات غير صحيحة مع العلم بذلك تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد علي 7 سنوات وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على مليوني جنيه.
وإذا وقعت الجريمة باستخدام القوة أو من شخصين أو أكثر وكان أحدهم على الأقل حاملاً سلاحاً، تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 7 سنوات، وغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، ويٌعاقب بذات العقوبة المبينة في الفقرة الأولي، كل من دخل عقاراً صدر حكم أو أمر قضائي بتمكين أخر من حيازته، وذلك بقصد منع حيازته أو الانتقاص منها، وتطبق العقوبة المبينة بالفقرة الثالثة حال توافر الظروف المبينة بها، فإذا ارتكب الفعل ذاته خلال مدة لا تزيد علي سنة من تاريخ ارتكاب الفعل الأول تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد علي 10 سنوات والغرامة التي لا تقل عن 300 ألف جنيه ولا تزيد علي مليوني جنيه.
التعدى على حيازة الغير بين التأويل والتطبيق
كما نصت المادة 370 بعد تعديلها كذلك على أن كل من دخل بيتاً مسكوناً أو معداً للسكن أو في أحد ملحقاته أو سفينة مسكونة أو في محل معد لحفظ المال وكانت هذه الأشياء في حيازة آخر قاصداً من ذلك منع حيازته أو ارتكاب جريمة فيها أو كان قد دخلها بوجه قانوني، وبقى فيها بعد زوال سنده القانوني، وذلك بقصد ارتكاب شيء مما ذكر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد علي 5 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد علي 500 ألف جنيه.
فإذا وقعت الجريمة بالتحايل، أو نتيجة تقديم إقرارات أو الإدلاء ببيانات غير صحيحة مع العلم بذلك، تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على 7 سنوات وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، وإذا وقعت الجريمة ليلاً أو باستخدام القوة أو بواسطة كسر أو تسلق من شخص حامل لسلاح أو من 10 أشخاص على الأقل، ولو لم يكن معهم سلاح، تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 7 سنوات وغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه.
ويعاقب بذات العقوبة المبينة في الفقرة الأولي كل من دخل أحد العقارات المبينة بالفقرة ذاتها وكان قد صدر حكم أو أمر قضائي بتمكين أخر من حيازته، وذلك بقصد منع حيازته أو الانتقاص منها، وتطبق العقوبة المبينة بالفقرة الثالثة حال توافر الظروف المبينة بها، فإذا ارتكب الفعل ذاته خلال مدة لا تزيد على سنة من تاريخ ارتكاب الفعل الأول تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 10 سنوات، والغرامة التي لا تقل عن 300 ألف جنيه ولا تزيد على مليوني جنيه.
الدكتور ياسر الأأمير فاروق استاذ القانون الجنائى