أصدرت نيابة شمال الجيزة الكلية لشئون الأسرة، قرارا فريدا من نوعه، بشأن قرارات التمكين من مسكن الزوجية، رسخت فيه عدة مبادئ قضائية سبق وأن رسختها محكمة النقض، قالت فيه: "ليس ضرورياً أن كل محضر تمكين يصدر فيه قرار بالتمكين لصالح الزوجة في مواجهة زوجها أن ينفذ وتمكن من مسكن الزوجية أو مسكن الحضانة بعد الطلاق، فأحياناً يزول سند حيازة الزوج أو المطلق للعين محل سكن الحضانة سواء كانت مملوكة له أو مؤجرة، وبزوال سند الحيازة لا تملك النيابة العامة تمكين الزوجة أو المطلقة من العين.
ملحوظة: مرفق حالة مثل – غلت يد النيابة العامة – فيها عن إصدار قرار تمكين لفسخ عقد الإيجار سند حيازة الزوج وصدور حكم نهائي ضده بانتهاء عقد الإيجار والتسليم، وعليه فلم يعد أمام النيابة العامة إلا حفظ طلب الزوجة وقيده بدفتر الشكاوى الإدارية وإعلان القرار لأصحاب الشأن.
الزوج يطرد الزوجة من الشقة برفقة الصغير
الوقائع – على ما يبين من سائر الأوراق فى القرار الصادر لصالح المحامى محمد عبد التواب - تتحصل في طلب الشاكية تمكينها من مسكن الزوجية وهى الشقة الكائنة بدائرة العمرانية، بمقولة أنها كانت زوجة للمشكو بصحيح العقد الشرعى وأنجبت منه على فراش ذلك المسكن "فريدة"، وإذ طردها برفقة الصغيرة من ذلك المسكن إثر خلافات بينهما، فأبلغت بذلك، وتحصلت على قرار في الشكوى حيازة الجيزة الكلية لشئون الأسرة، وذلك بالتمكين مشاركة زوجها المشكو، ثم طلقت خلعاَ منه بموجب الحكم الصادر في أحد الدعاوى القضائية، وقدمت سنداَ لأقوالها صور ضوئية لبطاقة الرقم القومى الخاصة بالشاكية وللحكم الصادر في الدعوى وشهادة ميلاد الصغيرة وقرار حيازة الجيزة الكلية لشئون الأسرة والصادر بالتمكين بالمشاركة مع زوجها المشكو.
شهادة الشهود تؤكد أن العين هي مسكن الزوجية
وبسؤال حارس العقار وأخر من جيرة عين النزاع، أجمعا أن تلك العين هي مسكن الزوجية للشاكية والمشكو التي كانت مشغولة بسكناهما حتى بدء النزاع بينهما، كما ثبت من معاينة العين الحاصلة في 23 فبراير 2019 أنها كائنة بالعنوان سالف الذكر، وبسؤال المشكو – بلسان وكيله – قرر أن عين النزاع ملك شقيقة الشاكى بمقتضى عقد البيع والمقضى بصحة توقيع المشكو في الدعوى، وأنها تحصلت على حكم بطرد المشكو من العين محل النزاع، وأرفق بالأوراق صورة رسمية من الحكم الصادر، وبسؤال الشاكية – بلسان وكيلها – انتهاء قرر أن العين هي مسكن الزوجية لها وأضاف بصورية الحكم الصادر بطرد المشكو من العين والغرض منه منعها من دخول العين وعدم تمكينها منها وتمسك بطلب تمكينها من العين.
القرار جاء في حيثياته – أن المشرع نص في المادة 18 مكرر ثالثاَ من القانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه: "على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم المسكن المستقل المناسب، وإذا لم يفعل استمروا في شغل مسكن الزوجية، دون المطلق مدة الحضانة"، وكانت المذكرة الايضاحية لهذا القانون قد أوردت في هذا الخصوص أنه: "إذا وقع الطلاق بين الزوجين وبينهما صغار أن للمطلقة الحاضنة بعد الاستقلال بمحضونها بمسكن الزوجية ما لم يعد المطلق مسكناَ أخر مناسباَ حتى إذا ما انتهت الحضانة أو تزوجت المطلقة، فللمطلق أن يعود ليستقل دونها بذات المسكن إذا كان من حقها ابتداء الاحتفاظ به قانوناَ".
ما هو مسكن الحضانة؟
مما مفاده أن مسكن الحضانة بحسب الأصل هو ذلك المسكن المناسب الذى يعده المطلق لإقامة مطلقته في فترة حضانتها لأولاده منها، فإذا لم يقم المطلق بإعداد هذا المسكن المناسب فإن مسكن الزوجية يكون هو مسكن الحضانة ويحق للمطلقة الحاضنة بالإقامة فيه مع صغيرها فترة الحضانة، كما وأن من المقرر أن المقصود بمسكن الزوجية في هذا الخصوص هو المكان المشغول فعلاَ بسكنى الزوجين فإذا ثار خلاف بين الحاضنة ووالد الصغار حول مشكن الحضانة انصرف كلمة المسكن إلى المكان المشغول فعلاَ بسكنى الصغير وحاضنه، وكان المشرع قد أجاز للنيابة العامة في الفترة الأخيرة من ذات المادة أن تصدر قراراَ فيما يثور من منازعات بشأن حيازة مسكن الزوجية وقد تضمنت المادة 834 من الكتاب الأول من التعليمات العامة للنيابات القواعد التي تتبع تطبيقاَ لذلك، فنصت في بندها الرابع على أنه: "إذا كان الطلاق بائناَ وللمطلقة صغير في حضانتها يقترح تمكين المطلقة الحاضنة من مسكن الزوجية المؤجر دون الزوج المطلق حتى يفصل القضاء نهائياَ في أمر النزاع".
ووفقا لـ"القرار" – وحيث أن الشاكية تطلب تمكينها من عين النزاع بوصفها مسكن الحضانة، وإذ قضى بحكم نهائي في الدعوى القضائية بانتهاء عقد الايجار موضوع الدعوى المؤرخ في 1 أبريل 2015 وألزمت المدعى عليه بتسليم العين محل التداعي خالية من الشواغل والأشخاص وهو حكم له حجية الشيء المحكوم فيه ولا يسوغ للنيابة العامة وهى بصدد نظر النزاع المطروح عليها بخصوص حيازة تلك العين أن تهدر قوة الأمر المقضي التي حازها الحكم المشار إليه، إذ أن قوة الأمر المقضي التي اكتسبها الحكم تعلو على اعتبارات النظام العام، وإذ تعارضت قوة الأمر المقضي مع قاعدة من قواعد النظام العام كانت هي الأولى بالرعاية والتقدير، بما يمتنع على النيابة معاودة النظر بقرار وقتي في حيازة عين النزاع بعد طرد المستأجر – المشكو – منها بحكم من القضاء المدني اعتبارا أن يد المشكو يداَ غاصبه على عين النزاع ذاتها، والمقرر أنه: "إذا كان حق الطاعنة في الإقامة بعين النزاع مستمد من حق مطلقها المشكو بوصفه المستأجر لهذه العين بما لازمه أن إقامتها رهن باستمرار العلاقة الايجارية بين مطلقها وبين المؤجر، وكانت هذه العلاقة لا صلة لها فيما يربط بين الشاكية ومطلقها المشكو من التزامات قانونية وواجبات أدبية مصدرها رابطة الزوجية التي كانت تجمع بينهما".
الزوجة منتفعة للعين بانتفاع زوجها فقط
وبحسب "القرار" – وحيث أن من حق الشاكية في الإقامة بعين النزاع مستمد من حق مطلقها بوصفه المستأجر لهذه العين، وإذ انقضت العلاقة الايجارية بانتهاء عقد الايجار وتسليمها خالية من المؤجر وفقا للحكم القضائي الصادر بما لا سبيل لها – أي الشاكية – على العين، إذ أن حيازة الشاكية لعين النزاع مردها إلى قيام علاقة الزوجية بينهما وبين مطلقها المستأجر، فالشاكية وإن كانت زوجة للمشكو فهي إلا منتفعة بالتبعية لانتفاع زوجها فلا يكسبها ذلك حقاَ شخصاَ على مسكن الزوجية كما لا ينشئ لها علاقة مباشرة مع المؤجر، ولما كانت يد المستأجر – المشكو – يداَ غاصبه أخذاَ من الحكم النهائي الصادر بهذه الصدد، فإنه يضحى لا وجود وجود للمصدر الذى تستمد منه الشاكية حقها في الإقامة بعين النزاع – وإذ أضحت المحكوم لها حيازة جديرة بالحماية لا سبيل لإهدارها.
ولما كانت الشاكية ليست طرفاَ في عقد الايجار الذى انهاه حكم القضاء المدني المشار إليه، فما هي إلا منتفعة بالتبعية لانتفاع المشكو المستأجر وليس ثمة علاقة ايجارية بينهما وبين المؤجر، وإذ انتهى حق الانتفاع أو الاستعمال أو السكن أو حق المستأجر واسترد المالك ملكه بحكم قضائى فلا سبيل بحال من الأحوال للشاكية على العين، لأن القانون المدنى لا يعطى الزوج بعدئذ الحق في شغل هذا المسكن ومن غير المعقول أن يعطى القانون زوجته أو مطلقته الحق في اغتصاب ملك الغير، إذ المقرر أنه إذ انتهى حق الانتفاع أو الاستعمال أو السكنى – أو انتهت الإعارة وطلب المالك إسترداد مسكنه وجب رد المسكن لمالكه سواء كان هذا المسكن، وحيث أن قانون الأحوال الشخصية يعطى الحق في شغل ما كان يشغله المطلق بسند من القانون ومن غير المعقول أن يعطيهم الحق في اغتصاب ملك الغير، وعندئذ لا يكون للمطلق الخيار ويتعين عليه أن يهيئ لصغاره وحاضنتهم مسكناَ مستقلاَ مناسباَ، فإن لم يفعل كان للمطلقة الحق في أن تطلب من القاضي باسمها والمحضونين الترخيص لها في استئجار مسكن مناسب على نفقة المطلقة، كما أن لها في حالة الاستعجال أن تستأجر هذا المسكن على نفقة المطلق دون ترخيص من القضاء.
84912336_505928793397198_3951432322489778176_o
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة