ما أكثر الأحاديث والشائعات حول تهميش القطاع الخاص فى المشروعات القومية، وأن هناك منافسة شرسة من قبل الحكومة للقطاع الخاص، وأن سبب مشكلاتنا الاقتصادية عدم ترك حصة عادلة للقطاع الخاص، خلاف الشائعات الكثيرة والمتعددة التى كانت تخرج لتشكك يوميا فى أى إنجاز أو تتهم الحكومة بالأنانية.
فها هى الحكومة تقرر بالفعل وليس بالقول، أن يكون القطاع الخاص شريكا فى مسيرة التنمية من خلال إطلاق وثيقة سياسة ملكية الدولة، لتفسح المجال أمامه باعتباره شريك أساسى فى تطوير الاقتصاد المصرى، رغم أنه معلوم بالضرورة أنه فى فترات الأزمات الكبرى أو بعد الخروج من أزمات أو كوارث أو حروب دائما ما يكون للدولة اليد العليا فى البناء والإعمار باعتبار أن الاستثمار الخاص دائما "أنانى" وهدفه الأول هو المكسب المادى دون أبعاد أخرى.
لكن تجتمع الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية فى توجه الحكومة أثناء قيادة أى عملية تطوير للاقتصاد بعد الأزمات الكبرى أو وجود كوارث أو الخروج من حروب، وبالتإلى ما حدث بعد 2016 ومرور الاقتصاد المصرى بعدة هزات مدمرة بسبب ما آلت إليه الأمور بعد 2011، وبعد الحرب على الإرهاب 2013 كان يتوجب حتما على الحكومة المصرية أن تتصدر المشهد حتى يحدث الاستقرار والاطمئنان وتتشكل بيئة خصبة وصالحة للاستثمار.
وهذا ما فعلته بالفعل، حيث برهنت وبالدليل القاطع، أنه آن الأوان لمشاركة القطاع الخاص فى مسيرة التنمية، بل أن الحكومة أعلنتها بكل وضوح أن الشراكة المستهدفة خلال السنوات القليلة المقبلة تسمح بزيادة استثمارات القطاع الخاص وتواجده القوى بالسوق المصرية، من خلال عدة خطوات، مثل التخارج من بعض المشروعات، وطرح بعض الشركات فى البورصة وإفساح المجال أمام القطاع فى المشروعات المستهدفة، لضمان تحقيق معدلات نمو مرتفعة ومستدامة للاقتصاد المصري، وهذا ليس بطريقة عشوائية أو قرارات وقتية إنما سيحدث من خلال وثيقة سياسة ملكية الدولة كجزء مكمل فى برنامج الإصلاح الاقتصادى التى بدأته الدولة 2016.
والجميل أن فرصة منح القطاع الخاص للمشاركة الجادة جاءت فى وقت لدى الدولة بنية تحتية محفزة من وفرة الكهرباء والطاقة، ولديها أيضا شبكة طرق ونقل ومدن جديدة عالمية تشجع أى مستثمر دون تردد.
والمطمئن أن هذه الوثيقة جاءت بعد عقد ما يقرب من 40 جلسة حوار مجتمعي، ليكون السؤال الآن، هل هناك حجة أخرى أمام المستثمرين والقطاع الخاص فى المشاركة ألفعالة والجادة لتحقيق شراكة شاملة بهدف الارتقاء بالاقتصاد الوطنى للعبور من الأزمات، خاصة أن العالم كله يمر بتحديات فى غاية الصعوبة وبالغ الخطورة على الاقتصاديات الكبرى فما بالك بحال اقتصاديات الدول النامية والناشئة؟..