منذ اندلاع الأزمة الراهنة في غزة والقيادة المصرية دائما ما تحذر من تفاقم الأوضاع، وتتحرك وسط حقل ألغام انطلاقاً من مسئوليتها التاريخية واعتبارات أمنها القومى لإنهاء الأزمة ومنع تمددها، وذلك من خلال العمل المكثف لتجنب توسيع دائرة الصراع في المنطقة، وتعزيز عوامل الأمن والاستقرار على المستوى الإقليمى، إضافة إلى دورها المحورى في الدفاع عن القضية الفلسطينية بكل السُبل والطرق وموظفة ثقلها السياسى والاستراتيجى لإنهاء الحرب، ومن ثم كانت سباقة لعقد مؤتمر القاهرة للسلام فور اندلاع الأزمة، حيث حرص الرئيس السيسى على أن يُحدد خلال هذه القمة خريطة طريق متكاملة للخروج من الأزمة كلها ابتداءاً من إدخال المساعدات دون قيد أو شرط، ومروراً بالتهدئة، ووقف إطلاق النار، وانتهاءاً باستئناف المسار السياسى وصولا لحل الدولتين، ومحذرا – مرارا وتكرارا - من توسيع دائرة الصراع فى المنطقة.
وأعتقد، أن حادث الأردن ومقتل جنود أمريكيين في هجوم على الحدود بين الأردن وسوريا وما يجرى في البحر الأحمر من تهديد الملاحة البحرية الدولية، وما يحدث من توترات عند الحدود الجنوبية اللبنانية وفى العراق يجعل المجتمع الدولى وعلى رأسه الولايات المتحدة أن يضع تحذيرات مصر التى تؤكدها في كل خطاباتها الرئاسية والدبلوماسية من تخوفها بشأن اتساع دائرة الصراع وضع الاعتبار، وأنه لا يجب أن تُترك إسرائيل تفعل ما تشاء وتواصل عدوانها الغاشم ضد شعب فلسطين الأعزل، وأنه لا يجب أن تستمر الولايات المتحدة على تقديم دعمها اللا محدود لإسرائيل سياسيا واقتصاديا وعسكريا وإعلاميا.
وها هى الولايات المتحدة تدفع الثمن بمقتل جنودها وبزيادة التوتر وبكثرة الهجمات على قواعدها العسكرية في المنطقة لتتحمل الولايات المتحدة ثم المجتمع الدولى مسئولياتهم ويدفعون ثمنا نتيجة لسياسة المعايير المزدوجة وإصرارهم على إطالة أمد الصراع.
فقولا واحدا.. الولايات المتحدة تتكبد خطأ فادحا بسيرها خلف النهج المدمر التي تتبناه إسرائيل، وتسترهم على الجرائم التي ترتكب في غزة وفى حق الفلسطينيين، فلما لا والأمريكيون هم من يشلّون عمل مجلس الأمن بمساعدتهم لإسرائيل على الإفلات من العقاب عن جرائمهم وعن إبادتهم للفلسطينيين باستخدام حق النقض "الفيتو" ضد قرار وقف إطلاق النار.
غير أن هناك ثمنا آخر، هو أن الولايات المتحدة بدأت تعانى من عُزلة باتت واضحة في بعض المنتديات الدولية مثل الأمم المتحدة، حيث كانت تقف - وما زالت - فى وجه العالم كله وفى وجه أكثر من 153 دولة فى جمعية الأمم المتحدة رافضة قرارهم بوقف إطلاق النار فى غزة، وبعد أن أصبحت شريكاً فى انهيار عملية السلام برمتها بل شريكاً فى أحداث غزة نظراً لانحيازها الكامل لإسرائيل عبر عقود طويلة من الصراع.
لذا، نأمل أن تعود الولايات المتحدة للاستماع إلى صوت العقل الذى دائما ما تنشده مصر والذى تعد مركز الثقل الاستراتيجي في المنطقة والإقليم، والتي تعلم ما لم يعلمه الآخرون بحكم دورها المحورى وثقلها السياسى وأدوارها التاريخية.
نهاية.. مؤكد أن اتساع دائرة الحرب كارثة ستحل حتما حال استمرار الولايات المتحدة فى سياستها الرافضة لوقف إطلاق النار فى غزة، وسيدفع الثمن الجميع، بل أزيد القول إنه من الممكن أن يدخل العالم فى آتون من الصراعات قد تنذر بنشوب حرب عالمية ثالثة في ظل عالم يموج بالصراعات وبالمتغيرات، وينتهج طريقا للتحول من النظام القائم على القطب الأوحد إلى نظام متعدد الأقطاب..لذا وجب الانتباه ودق ناقوس الخطر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة