في ظل مواصلة إسرائيل عدوانها الغاشم وقصفها الجنونى وعملياتها العسكرية والأمنية المستمرة في غزة والضفة الغربية والمدن الفلسطينية، وفى ظل إصرار الولايات المتحدة على عدم وقف إطلاق النار وتقديم الدعم اللامحدود للاحتلال سياسيا وعسكريا واقتصاديا هناك حديث عن اليوم التالى للحرب والغريب أن إسرائيل والولايات المتحدة هم من يتحدثون عنه!
لكن السؤال الأكبر الذى لابد أن ننتبه منه جيدا وإلا سنكون أمام خديعة كبرى.. كيف تتحدث الولايات المتحدة عن حل الدولتين وعن حكم غزة وهى من ما تزال ترفض وقف إطلاق النار وتترك إسرائيل مواصلة الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني والتوسع في الاستيطان بالضفة الغربية؟
لذلك ندق جرس إنذار بشأن هذا الحديث عن حل الدولتين بأن يكون مجرد حديث استهلاكى وبغرض التضليل وجذب الانتباه عن ما يحدث من إبادة لشعب فلسطين وتقطيع أواصل الضفة الغربية وغزة، والأخطر أن يكون هذا من أجل إشغال الرأي العام العالمى المتعاطف مع فلسطين لإتاحة الفرصة لإسرائيل لتنفيذ مخططاتها الخبيثة.
بل الأخطر أن تكون الولايات المتحدة تصدر خطابا عن إمكانية حل الدولتين وفى نفس الوقت تسعى لتمرير مخطط دمج إسرائيل في محيطها العربى أولا بحجة أنه سيكون في نهاية المطاف حل الدولتين وبالتالي نكون أمام خديعة كبرى لأنه في هذه الحالة وعند الوصول إلى مرحلة حل الدولتين بعد الانتهاء من الدمج والتطبيع يصعب بل يستحيل حل الدولتين جراء ما تحدثه إسرائيل الآن من تقطيع أواصل غزة وأواصل الضفة الغربية وتهويد القدس، ونكون أمام أمر واقع يمنع وجود دولة مستقلة.
وأعتقد أن الناظر إلى تصريحات نتنياهو العدائية والرافضة لحل الدولتين ورفضه المستميت لأى انتخابات وطنية في فلسطين يفهم إما أن نتنياهو يخدع بايدن وإما أن بايدن هو من يخدع الرأي العام العالمى بالتواطئ مع نتنياهو، وفى كل الحالتين هناك استراتيجية اسرائيلية تنفذ فى القطاع بهدف تدميره وإبادة سكانه.
نقول هذا، وكلنا أمل أن يصدق بايدن في حديثه عن حل الدولتين، وإن كان لدينا شك في ظل رفضه لإطلاق النار وعدم اتخاذ خطوة جادة - حتى الآن - لمنع الاستيطان في الضفة الغربية وعدم منح الفلسطينين فرصة لاختيار حكومة وطنية بانتخابات وفى ظل حديثه عن الشق الأمني وفقا لرؤية إسرائيل دون منح الفلسطينيين الحق في اختيار من يمثلهم من خلال انتخابات ديمقراطية بعيدا عن تدخل إسرائيل وإملاءاتها.
وأيا كان الأمر، علينا أن ندرك حجم الخطر إذا فشلت المقاومة الفلسطينية، وأن نتذكر دائما أن إسرائيل تتقن سياسة المراوغة والتضليل، وأن الولايات المتحدة لن تتخلى عن إسرائيل مهما كانت الظروف، وأن واشنطن تتقن الاستثمار في الأزمات، وأن إسرائيل ترى أنها فوق القانون.. وهو ما يستوجب علينا أن لا نعول عليهما كثيرا ولا على المجتمع الدولى بقدر العمل على التوحد والاتحاد والتكامل للفلسطينيين أولا وللعرب ثانيا، لأن - ببساطة - طوق النجاة الحقيقى هو استمرار صمود الشعب الفلسطيني والتمسك بأرضه وبنجاح المقاومة فى أرض الميدان... فاللهم نصرا قريبا لأشقائنا فى فلسطين