في ظل تعنت إسرائيلى الصارخ وغطرسة حكومة نتنياهو المتطرف، أعلنت مصر اعتزامها الانضمام لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، الأمر الذى اعتبره الجميع رسالة قوية وخطوة حاسمة وتصعيد جديد لدعم الحق الفلسطينى.
فمنذ اندلاع الأزمة ومصر توظف ثقلها السياسى والاستراتيجى والعالم يشهد ويشيد، لكنها اضطرات أن تتبع تصعيداً تدريجياً بدأ برفض التنسيق مع تل أبيب في إدارة المعبر، ووصل إلى اللحاق بجنوب أفريقيا في ركب محكمة العدل الدولية، وذلك بسبب تفاقم حدة ونطاق الاعتداءات الإسرائيلية في قطاع غزة، وإصرار نتنياهو على مرعاة مصالحه الخاصة والسياسية على حساب أي اعتبارات أخرى، وذلك هروبا للأمام وتنفيذا لمخططه الخبيث بدفع الفلسطينيين للنزوح والتهجير خارج أرضهم.
لذلك فإن هذه الخطوة وهذا التحرك بالتزامن مع ما تتخذه الدولة المصرية من رفض لسياسيات ومخططات إسرائيل يعد سدا منيعا لحماية القضية الفلسطينية، خاصة أن انضمام مصر صاحبة الثقل السياسي الكبير والتي تعد إحدى أكثر الدول المعنية بما يجري في قطاع غزة دلاته كبيرة وتأثيره سيكون عظيما.
والمقدر في الموقف المصرى أن يسعى إلى التصعيد بالمنضبط فهى من تحاول الحفاظ على دورها في الوساطة وعدم تعقيد الموقف، وفى نفس الوقت تتبع سياسة النفس الطويل، ومواصلة الجهود مضنية لوقف تصاعد العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، الذي راح ضحيته أكثر من 35 ألف شهيد ومائة ألف جريح ومصاب، خلاف المقابر الجماعية التي اكتشافها، وألحق دماراً هائلاً بالبنية التحتية، وحصار القطاع منذ أشهر، وتسميم الأراضى الزراعية ومواصلة التوسع في الاستيطان في الضفة الغربية والتهجير لبدو صحراء النقب وتدمير منازلهم في إطار خطط ممنهجة لإبادة الفلسطينيين.
والذى يجب أن يوضع عين الاعتبار أن خطوة مصر هذه أتت بعد اتخاذها كل الطرق السلمية والدبلوماسية الممكنة لإنهاء الأزمة، بدءاً من استضافة جولات حوار بين الأطراف الفلسطينية لتحقيق المصالحة، مروراً بالوساطة والضغط لوقف إطلاق النار، وصولاً للمساعي الحثيثة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن لإدانة العدوان وتوفير الحماية للمدنيين، لكن استمرار التعنت الإسرائيلي أجبرها على تصعيد موقفها واللجوء للمحاسبة القضائية الدولية.
لذا، يجب على العالم أن يفهم أن الغطرسة الإسرائيلية هي من تؤدى إلى تفاقم الأوضاع، وأن مصر تسعى أن توظف كل أوراقها لصالح القضية الفلسطينية وحماية أمنها القومى، لذلك إعلانها الانضمام لدعوى جنوب أفريقيا رسالة قوية لإسرائيل بأن الدول العربية وفي مقدمتها مصر ذات العلاقات الدبلوماسية معها، لن تقف مكتوفة الأيدى أمام هذه الغطرسة من أجل إعادة القضية لمسارها الصحيح وصولًا لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية