مؤكد أن الإعلام بات من أخطر أسلحة المعارك، وخطورته تزداد فى ظل الصراعات والنزاعات، والمتتبع لما يحدث الآن من عدوان على شعب فلسطين الأعزل الذى يتعرض للاحتلال منذ 1948، يجد أن كيان الاحتلال ومن ورائه الغرب والولايات المتحدة اعتمدوا على اتباع استراتيجية الخداع الإعلامى، ونموذجا استخدم كلمة هجوم إرهابى وكأن الصراع بدأ منذ طوفان الأقصى 7 أكتوبر 2023 وليس منذ 1948 .
ومن الخدع الإعلامية.. حرب المصطلحات حيث يتم توصيف ما يحدث في غزة من عدوان محتل على أنه حرب بين قوتين وجيشين نظاميين وهذا على عكس الحقيقة تماما، فهناك جيش نظامى مدعوم من قوى ودول بالسلاح وهناك شعب يسعى للدفاع عن حقه في الحياة وعن أرضه وشعبه، وكذلك استخدام مصطلح طرفى الصراع وكأن الصراع أيضا بين قوتين متكافئتين وهذا على عكس الحقيقة فهناك كيان محتل يرتكب جرائم لتنفيذ مخططه، ومقاومة تسعى للدفاع عن نفسها وفقا للقرارات الشرعية الدولية.
ومن الخدع الإعلامية.. ربط فعل ورد فعل الفصائل بالتنظيمات الإرهابية كداعش والقاعدة، لاستغلال الصورة الذهنية المتخذة عن تصرفات التنظيمات الإرهابية وتوظيفها فيما يجرى في غزة.
ومن الخدع الإعلامية.. اختزال ما يجرى .. بمعنى أن الإعلام الغربى 1948 وصف العدوان بأنه صراع "عربى – إسرائيلى" وفى السبعينيات وصفه "صراع فلسطيني – إسرائيلى"، ثم وصفه بعد عملية طوفان الأقصى بأنه صراع "إسرائيلى – حمساوى"، وذلك من أجل تحييد الأطراف وتمييع القضية.
ومن الخدع الإعلامية.. نشر المغالطات والمبالغة فيها - وخير نموذج رواية قطع رؤوس أطفال إسرائيل وشائعة اتهام المقاومة بضرب مستشفى المعمداني، وشائعة اغتصاب الفتيات، وغيرها من شائعات روجتها وسائل إعلام غربية أثناء العدوان، ووصف الشباب أصحاب الـ18 عاما والـ19 عاما على أنهم أطفالا، تم تبين بعد ذلك زيف هذه الادعاءات واعتذرت الشبكة الإعلامية المروجة لهذه الشائعات.
ومن الخدع الإعلامية.. القيام بممارسات إعلامية لخدمة أهداف السياسات التحريرية، سواء عن طريق اختيار الضيوف والمتحدثين أو تكيف التغطية من زاوية معينة، أو توظيف وسائل حديثة من تقارير تعتمد على تقنيات تكنولوجية "كالفيديوجراف أو الإنفوجراف" أو أفلام وثائقية.
وايا كان الأمر، فإن بفضل ذكاء المقاومة في التعامل مع الإعلام الجديد وفى التعامل مع الرأي العالمى وهو ما تجسد مثلا في مشاهد تبادل الأسرى إبان الهدنة في بداية العدوان، وبفضل أيضا الإعلام الجديد الذى هزم الآلة الإعلامية القديمة لأنه استطاع أن ينقل صورا وفيديوهات عن ما يجرى في غزة وهو ما أكدته تظاهرات الشباب في الغرب وفى الجامعات الأمريكية، تغيرت الموزاين وتم سحب البساط من الإعلام التقليدي المحكوم من قبل اللوبى الصهيوني وسقطت السردية الإسرائيلية وداعموها.
ورغم انكشاف القناع عن حيادية الإعلام الغربى ومصدقيته إلا أنه مازال يواصل الخداع وتزييف الحقيقة على الأرض ، وما يحدث من دمار ووحشية ضد الأطفال والنساء والشباب والشيوخ في قطاع غزة على مرأى ومسمع من قادة العالم الذي يتشدق بشعارات حماية حقوق الإنسان واحترام القوانين الدولية لخير دليل.
لذا علينا أن ننتبه حتى لا نقع في الفخ، وأن نعى أن امتلاك المعلومات أصبح سلاحا جديدا وخارقا، خاصة إذا أحسن توظيفه واستعماله فإنه يُمكن صاحبه من امتلاك أدوات التفوق والقدرة على المناورة والتفاوض، وامتلاكه يعنى امتلاك سلاحين في آن واحد، حيث يُمكن صاحبه من التأثير بهدف إقناع الشعوب وتشكيل الرأي العام، ويُمكنه أيضا من المغالطة بهدف السيطرة والتحكم.