اختُتمت القمة العربية في البحرين، وقد أدلى القادة والرؤساء بكلمات حماسية جسدت الرغبة فى تحقيق ما تطمح إليه الشعوب تجاه ما يحدث في المنطقة من صراعات وتحديات، وخاصة تجاه حرب إسرائيل العدوانية على قطاع غزة وفلسطين وارتكابها جرائم حرب ومجازر في حق الشعب الفلسطيني، لنتساءل جميعا: هل حققت ما كانت تستهدفه فعلًا؟
بداية، أعتقد أن القمة بالعربية في المنامة جعلتنا أمام مرحلة جديدة من العمل العربي المشترك الفاعل، وتصفير الأزمات في المنطقة، إلى جانب العمل على تعزيز التعاون الاقتصادي والتنموي، وأيضا أمام تحول كبير للتعامل مع ما يدور في غزة بعد التوصيات الخاصة بنشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حل الدولتين، والدعوة إلى عقد مؤتمر دولى للسلام، وكذلك التأكيد في البيان الختامي على ضرورة وضع سقف زمني للعملية السياسية والمفاوضات لاتخاذ إجراءات واضحة لتنفيذ حل الدولتين، على أن يتم بعده إصدار قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع بإقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة والمتواصلة الأراضي، على خطوط ما قبل الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإنهاء أي وجود للاحتلال على أرضها، مع تحميل إسرائيل مسؤولية تدمير المدن والمنشآت المدنية في قطاع غزة.
وفى إطار استشراف المستقبل أيضا، ركزت قمة المنامة بشكل واضح على «لم الشمل" العربي والسلام، وعدم السماح بأن تتحول المنطقة العربية إلى ساحة صراعات، وتوحيد اللحمة العربية، وتكريس جهودها في دعم القضايا العربية، وتعزيز الاستقرار والتنمية لدول العالم العربي كافة.
وما يدعو للتفاؤل أن قمة المنامة أتت في ظروف مختلفة تماما في ضوء العدوان الغاشم وضوء الضمير العالمى الذى بدأ يستيقظ ليس بالضرورة على مستوى الحكومات ولكن على الشعوب وهناك بعض الحكومات أيضا، ما جعلى هذه القمة مختلفة عن القمم السابقة، ومختلفة أيضا من حيث الترتيب والتماسك العربى والتنظيم والحضور أكثر من 14 رئيس دولة أو حكومة.
وهناك أمر آخر ينبغي أن نشير إليه بعد قمة المنامة هو أن قمة القاهرة للسلام التى عقدت فور اندلاع أزمة العدوان على غزة مباشرة كانت نواة حقيقية للموقف العربى الموحد، خاصة أنها اختصرت الوقت وساهمت في بلورة المواقف العربية، لتصبح الفرصة سانحة سواء أمام قمة العربية والإسلامية المشتركة بالرياض أو قمة المنامة الـ33 لمناقشة الأحداث والتطورات والقضية بكافة جوانبها الإنسانية والسياسية والدولية والتاريخية بأريحية تامة، وفى نسق موحد دون اختلاف أو خلاف، لتخرج ببيان ختامى واضح يُدين إسرائيل بشدة، ويرفض سردية إسرائيل التي تقدم الحرب على غزة على أنها ّدفاع عن النفس.
إضافة إلى تبنى ثوابت مصر فى دعم القضية الفلسطينية بشأن وقف إطلاق النار دون شروط أو قيود، والرفض التام للتهجير القسري وتصفية القضية الفلسطينية، وإدانة العقاب الجماعي واستهداف المدنيين، وإدخال المساعدات الإنسانية دون شروط أو قيود لأهل غزة وذلك بتأمين ممرات إنسانية عاجلة ودائمة، ودعم كل ما تتخذه مصر من خطوات لمواجهة تبعات العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، وهو إيمان كامل من كل القادة والزعماء بدور مصر المهم والمحورى تجاه الأشقاء والقضية الفلسطينية.
لنأتى إلى السؤال الكبير "هل ستنجح قمة منامة في تحقيق أهدافها فعلا"؟..
أقول، إن انعقاد القمة فى حد ذاته يُعطينا أملًا كبيرًا فى إيجاد رغبة حقيقية فى تنفيذ التوصيات والبناء عليها فى تدشين موقف عربى قوى تجاه القضية الفلسطينية وإعادة إحيائها من جديد بعد أن نجحت إسرائيل والغرب في اختزالها وتهميشها سنوات طويلة، فعلى الأقل تضع العالم أمام موقف موحد بضرورة حل القضية ومن ثم اكتساب رأى عام عربى وإسلامى قوى يدعم القضية مستقبلا.
وأنه لا شك أن القمة الـ33 في المنامة ستخلق روحًا مختلفة فى العمل العربى العام والإسلامى، وستُؤسس لعهد جديد بشأن وحدة الموقف والتوجه والمصير تجاه القضية الفلسطينية وتجاه عدة قضايا أخرى متشابكة في المنطقة والإقليم، وبمثابة جرس إنذار جديد للمجتمع الدولى، ورسالة قوية للولايات المتحدة والغرب بشأن دعمهم الأعمى لإسرائيل، وأنه لابد أن يظل الفلسطينيين على أرضهم حتى استعادة حقوقهم ..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة