تعد الدروس الخصوصية سوقا غير رسمية ضخمة، وسرطانا حقيقيا ينهش فى أجساد أولياء الأمور والحركة التعليمية، بل تفشت هذه الظاهرة لتصبح شبحا مخيفا يهدد اقتصاد الأسرة المصرية بعد إهدار مليارات الجنيهات من أجل ذهاب الأبناء إلى السناتر الحرام، وللأمانة شرعت الدولة خلال الأعوام الماضية من مواجهة هذه الظاهرة إلا أنها باءت معظم هذه المحاولات بالفشل، لعدم وجود بديل حقيقى لهذه الظاهرة، فكان المنع يتمثل فى التجريم فقط، مع استمرار أسباب وجود هذه الظاهرة، وهى الاعتماد على الحفظ والتلقين، وعدم الشروع في خلق بديل شرعى لمواجهة هذه الظاهرة.
لتدرك أخيرا وزارة التربية والتعليم، ووزيرها الدكتور طارق شوقى، كيف تواجه هذه الظاهرة المشؤمة؟، من خلال إيجاد البديل الشرعى لها، والتى تمثل في نظام التعليم الجديد، بوجود منصات تعليمية ومجموعات تقوية بالمدارس، والاتجاه إلى التعليم الإلكترونى بهدف التحول إلى سياسة التفكير والتحصيل والإبداع، وحرص الوزارة على تدريب المدرس القائم بالشرح وهو مدرس المدرسة على هذه المنصات وعلى الاستراتيجيات الحديثة للتدريس وسبل التطوير والتعليم من خلال التدريب الإلكتروني والتدريب الحي وجهًا لوجه لاستخدام المنصة.
وهنا، أتت أزمة كورونا، ووجدنا أنفسنا أمام "رب ضارة نافعة"، حيث استغلت الدولة، جلوس الطلاب في البيوت نتيجة الإغلاق والحظر، إلى عرض وتطبيق التعليم عن بعد والاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعى، والإنترنت في التعلم، وهنا كان ليس أمام الطلاب وأولياء الأمور إلا خوض التجربة، فاختفت الدورس الخصوصية وضاع مفعولها، وحلت طرق البحث والتفكير محلها، بعد ان فرضت الوزارة عمل أبحاث شرط النجاح، ليمر العام بنجاح معقول في ظل أزمة أنهكت العالم وأجبرت دولا لإلغاء العام الدراسى.
ليبدأ عام دراسى جديد، وتخف حدة الأزمة ويعود الانفتاح من جديد، وتعود لعنة الدروس الخصوصية أيضا من جديد، لكن هذه المرة قررت الدولة مواجهتها بالضرب بيد من حديد، سواء من خلال حملات مكثفة طافت جميع محافظات الجمهورية لغلق السناتر والقبض على مدرسينها، أو باتخاذ عدة قرارات مهمة، أولها تدشين منصات تعليمية وقنوات تلفزيونية لشرح المناهج بطرق مبسطة وأداء علمى حديث، وكذلك عمل مجموعات تقوية في المدارس الطالب له مطلق الحرية في اختيار مدرسه، وعائدها يصب في مصلحة المعلم، إضافة إلى الشروع في تقديم مشروع قانون يؤدى إلى تحسين أوضاع المعلم، بهدف الارتقاء بالمعلم وغلق الباب أمام المبرر الدائم القائل، حسنوا في الأول أوضاع المعلم المعيشية ثم جرموا الدروس الخصوصية، لتثبت الدولة أن لديها إرادة حقيقية تختلف عن كل مرة في القضاء على هذه الآفة، التي كانت سببا رئيسيا في انهيار المنظومة خلال السنوات الماضية.
وأخيرا.. يجب علينا أن نعى أن هناك طاقة أمل تسطع نورا في المستقبل تجاه اختفاء هذه الظاهرة، وأن لكل نجاح أعداء، وهنا يجب يعلم الجميع، أن الحرب الشرسة التي تشن من قبل بعض أولياء الأمور تجاه النظام التعليمى الجديد، ومحاولات الدولة فى القضاء على هذه الظاهرة، يقف وراؤها أصحاب السناتر ومنتفعى السلعة الحرام أيا كان معلما أو تاجرا، إضافة إلى قوى الشر الذى لا تفوت فرصة في الاصطياد في الماء العكر من خلال اصطياد أى أزمة ومحاول تدويلها وتضخيمها بترويج الشائعات والأكاذيب بهدف خلق حالة من الفوضى وعدم الرضا فى المجتمع المصرى، فوجب علينا اليقظة وإلا نحن من سيدفع الثمن في النهاية..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة